الإهداء:
من بين اُمهات العالم كله لا أرى سواكى يا أمى, فأنتِ تصلُحى أماً للجميع, فلديكى حب وحنية يكفى العالم كله ويفيض...
إليكى يا أمى يا التى وضع الله الجنة تحت قدمك يا التى تحملتى ثانى أكثر ألم فى العالم وهو ألم الولادة... ورغم ذلك كونتِ لى مظلتى التى أحتمى تحتها من العالم أجمع, وأتمنى أن تدومى لى يا أمى وأتمنى أيضاً أن أسبقك إلى الله فلن أتحمل رحيلك قبلى...
بعدد المواقف التى جعلتنا نبكى من كثرة الضحك, وبعدد حروف الكلمات التى تحدثنا بها من يوم ما تقابلنا, وبعدد المشكلات التى قابلتنا وحاولت التفريق بيننا ورغم ذلك قوت علاقتنا أكثر وأكثر... بعدد كل ذلك أُحبكم بشدة يا صديقاتى وخاصةً ( ريهام وهدير )
وإلى صغيرى علي حفظك الله يا حبيب القلب
وإلى أُستاذى القدير (محمد ياسر) أكرمك الله بكل خير يا من تشجعنى وتدعمنى دائماً**********
المقدمة:
لقد حذرتكِ من قبل يا عزيزتي لكنك لم تستمعى قط فلا تلومنّ إلا نفسكِ
يوسف
***********
الفصل الأول (إختفاء ليندا)
ليس كل ما يتمناه المرء يدركه
تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن
(أبى الطيب المتنبى)
******************
لماذا كل الأشياء الجميلة فى الحياة تنتهى سريعاً؟ لماذا وقت الحزن دائماً أكبر من وقت السعادة؟ هل يمكن للسعادة أن تستمر؟ أم إنها لا تستمر لأنها لم تكن حقيقية من البداية وكانت مجرد سعادة زائفة؟
***************
كان يوسف يساعد المسعفين على حمل زوجته ليندا إلى سيارة الأسعاف بعد أن طلبه لها لفشله فى محاولة إيقاظها.. حملوا المسعفين ليندا ووضعوها فى السيارة وركب معهم يوسف الذى كانت ضربات قلبه تضرب بسرعةٍ شديدة وجسده ينتفض خوفاً على حبيبته التى أخذ المسعفون يركبون لها جهاز تنفس صناعى حتى يصلوا إلى المستشفى.. فإتصل يوسف وهو مذعور بكلاً من نديم وأم ليندا ولكنه لم يخبرهم أى تفاصيل سوى أن ليندا اُغمى عليها ولم يستطع أن يجعلها تفيق فطلب لها الإسعاف وأخبرهم بإسم المستشفى التى سيذهبون إليها –كانت المستشفى الأقرب لبيتهم- لكى يقابلوه هناك.. فكانت سيارة الإسعاف تنطلق بسرعة إلى المستشفى بينما يوسف يجلس بداخلها ويمسك يد ليندا ويُقبلها وهو يبكى ويدعو الله أن تصبح زوجته بخير...
******************
قبل شهر من ذلك كان نديم يجلس فى مكتبه فى قسم الشرطة ويراجع ملف قضية هو والنقيب خالد لكى يسلموها إلى وكيل النيابة وبينما كانوا يتناقشون رن هاتف نديم ليقطع مناقشتهم فأمسك نديم هاتفه وتفاجأ عندما وجد المتصل ليندا إذ إنها لم تهاتفه منذ أن تزوجت من عشر شهور فترك نديم خالد ورد على ليندا قائلاً بسرور:
إزيك يا ليندا؟
فسمع صوت ليندا تبكى بشدة ففُزع وسألها بقلق:
فى إيه يا ليندا؟
****************
فى الوقت الحالى وصلت سيارة الإسعاف إلى المستشفى وأدخلوا ليندا إلى الإستقبال فكشف عليها دكتور الإستقبال وإستنتج إنها حالة تسمم حادة ويجب عمل فحوصات وتحاليل فى أسرع وقت فأخذوا عينات منها وأدخلوها إلى العناية المركزة حتى تأتى نتائج الفحوصات والتحاليل وأخبر الدكتور المعالج يوسف بكل ذلك وأخبره أيضاً إنهم لم يتأكدوا بعد من حالة التسمم ولكن المؤكد ان الجنين سليم ولم يتعرض لأى ضرر حتى الأن وقال له أن يجلس فى غرفة الانتظار حتى تأتى نتائج التحاليل.. فظل يوسف بعض الوقت فى غرفة الإنتظار وهو خائف ومتوتر.. إلى أن جاء نديم وأم ليندا مسرعين وخائفين وما أن رأت أم ليندا يوسف حتى أسرعت ناحيته وأمسكت يده وسألته بقلق:
ليندا فين يا يوسف؟ وإيه اللى حصلها؟
تترد يوسف بماذا يخبرها به فقرر عدم إخبارها عن الورقة التى وجدها بجانب ليندا ولم يخبرها أيضاً عن شك الطبيب بإنها تم تسميمها وكل ما أخبرها به إنهم لا يعرفون ماذا بها وينتظرون نتائج التحاليل.. فقالت أم ليندا بلهفة وخوف:
طب هى فين؟ عايزة أدخل أشوفها
يوسف بتلعثم:
لا مهو.... أقصد الدكاترة.....
فنظر يوسف إلى نديم طالباً منه المساعدة بنظرته ففهم نديم معنى نظرته فقال برقة وهو يمسك يد خالته ويجلسها على إحدى الكراسى:
إقعدى إرتاحى إنتى يا حبيبتى وانا ويوسف هنروح نسأل الدكتور هى فين وممكن نشوفها ولا لا ونجيلك نطمنك
ذهب يوسف ونديم بعيداً عن أم ليندا وما أن وقفوا فى إحدى ردهات المستشفى حتى أمسك نديم يوسف بعنف من قميصه وقال بعصبية:
ليندا حصلها إيه ياض إنت؟ والدكتور قال إيه؟
قال يوسف بحزن وهو يحاول أن يتملص من قبضة نديم:
الدكتور قال إنها حالة تسمم بس مستنين نتيجة التحليل علشان يتأكد
ترك نديم يوسف وقال بذُعر:
يعنى عملها لرابع مرة
يوسف بعدم فهم:
مين اللى عمل إيه؟
نديم بخوف:
خالد إتصل بيا النهاردة الصبح وقالى ان نوح هرب إمبارح بليل
يوسف بصدمة:
هرب!! إزاى؟
نديم:
إنت مقراتش الجرايد
قطب يوسف حاجبيه ثم قال بدهشة:
ثانية واحدة هو خبر هروب المسجون اللى كان رايح يتعدم اللى واخد الصفحة الأولى من الجريدة يقصدوا بيه نوح؟
نديم بسخرية وغضب:
اومال يقصدوا بيه امى.... هو انت نسيت ان معاد تنفيذ الحكم بتاع نوح كان امبارح؟
لم يتحمل يوسف سماع كل ذلك فشعر بالدوار فجلس على أقرب كرسى له وأخذ يشهق ويزفر بصعوبة فجلس نديم بجانبه وقال بشك:
بقولك ايه ياض انت انا من اولها وانا مش مرتاح لحوار نوح دا ولا مرتاحلك انت كمان
نظر له يوسف نظرة كره وأخرج من جيبه ورقة السوبر ماركت التى وجدها بجانب ليندا وأعطاها لنديم بعصبية وقال:
ممكن تخرس بقى انا خايف على ليندا وعايز أفهم ايه اللى بيحصل أكتر منك بمراحل
فتح نديم الورقة وفُزع عندما رأى صورة الشيكولاتة المجانية وقرأ كلام نوح وإمضته أسفل الورقة... ظل نديم محملق فى الورقة لبضع ثوانى غير مستوعب حتى تسأل بخوف:
الورقة دى انت لقتها فين؟
يوسف بصوت مبحوح:
جنب ليندا على الأرض
نديم بخوف:
الورقة دى معناها ايه؟
يوسف بحيرة:
معرفش
نظر له نديم بكره شديد وقال بنبرة تهديد:
أقسم بالله يا يوسف لو ليندا جرالها حاجة حتى لو انت مظلوم وملكش يد فى حاجة هقتلك برضو
يوسف بإنفعال:
وأنا هستناك؟؟.... ليندا لو جرالها حاجة أنا اللى هقتل نفسى بنفسى
هدأ نديم قليلاً عندما لمح الصدق فى عين يوسف.. وظلا الإثنين جالسين كل واحد منهم ينعى همه.. فنديم العاشق الكتوم الذى طوال سنينه مع ليندا لم يفصح لها عن حبه سوى ببعض النظرات بين الحين والأخر والتى لم تفهم ليندا يوماً مقصد هذه النظرات.. وبسبب عصبيته وغيرته الدائمة عليها قد فقدها للأبد وفقد معها الحب فنديم يرى أن الحب هو ليندا وليندا هى الحب فإذا فقد ليندا فالحب كذلك ولم يعد له آمل مجدداً فى أى بنت فليندا هى من سكنت قلبه منذ الصغر ومازالت تسكنه حتى الآن فلن يستطيع إبدالها بآخرى........ أما يوسف العاشق الحزين الذى يفقد جميع أحبته من أول أبيه حتى هذه اللحظة التى هو على وشك أن يفقد بها حبيبته وزوجته التى أمضى معها أجمل عشر شهور فى حياته فهو لم يتذوق طعم السعادة الحقيقية غير وهو فى أحضانها..........
ظل نديم ويوسف صامتين وشاردين لبضع دقائق حتى تسأل يوسف بحزن ومرارة:
هو لية الحاجات الحلوة دايماً مش بتستمر؟
صمت نديم قليلاً يفكر فى هذا السؤال الفلسفى ثم قال بهدوء:
جايز علشان هى مش حلوة من البداية
نظر له يوسف بعدم فهم فأكمل نديم موضحاً:
يعنى اقصد إن الحاجة دى كان ظاهرياً باين عليها إنها حلوة لكن هى فى الأصل وحشة علشان كدا ربنا مخلهاش تستمر
أخذ يوسف يحاول إستيعاب كلام نديم وكان على وشك التحدث ولكن الدكتور المعالج لليندا جاء يجرى صوبهم وعلى وجهه الذُعر فهب يوسف ونديم واقفين وتسأل يوسف بخوف وقلق:
فى حاجة حصلت لليندا يا دكتور؟
ظل الدكتور صامت متردد بماذا يقول فسأله نديم بإنفعال ممزوج بالرعب:
ما تنطق إيه اللى حصل لليندا؟
قال الدكتور برعب:
إختفت
قال يوسف ونديم فى وقت واحد وبصوت عالى:
نعم؟!!
نظر بعض الممرضين والناس التى كانت فى الردهة إلى يوسف ونديم بإستغراب وعندما لاحظ ذلك الدكتور قال لهم برجاء:
تعالو معايا حضرتكم وأنا هحكيلكم اللى حصل
ذهب معه كلاً من نديم ويوسف حتى وصلوا إلى غرفة العناية المركزة وهنا قال الدكتور بتوتر:
مدام ليندا كانت هنا وإحنا حاطينها على الأجهزة وسبنها علشان نشوف المرضى التانين ولما جت نتيجة التحاليل وملقناش آثار لآى سم فى جسمها إستغربنا وكنت جاى أكشف عليها تانى دخلت الأوضة لقتها كدا
ففتح نديم باب الغرفة بعصبيه فلم يجدوا أحداً فى الغرفة فأخذ نديم ويوسف يحملقون فى الغرفة بخوف وعدم فهم.. فجرى نديم بعصبية وأمسك معطف الطبيب بقوة من رقبته وقال بغضب:
تعالى معايا بسرعة على أوضة المراقبة وورينى الكاميرات حالاً
قال الطبيب بخوف وتلعثم:
يا فندم الكاميرات كلها بايظة من إمبارح ومحدش عارف السبب ايه وكان فيه حد جاى يشوفها بكره الصبح يعنى مفيش تسجيل للكاميرات نقدر نعرف منه مدام ليندا إختفت إزاى
ترك نديم الدكتور وهو مصدوم مما سمعه.. فحملق يوسف ونديم لبعضهم البعض برعب فهم خائفين وغير مستوعبين لما يحدث.
**************
أنت تقرأ
لا تقتربي ( الجزء الثاني)
Mystery / Thrillerتكملة أحداث الجزء الاول من الرواية.. تصميم الغلاف: هدير على❤️❤️