لا تحدثني عن الحرية إن لم تكن قد جربتَ شعورَ أن تكونَ محكوماً بظروف مجتمعكَ وعاداتهم التي أجبرتَ عليها.. أن تكون خائفاً من أن تخطو أولى خطواتك نحو العالمِ الخارجي وعندما تأتيك تلك الشجاعةُ وتخطو أول خطوة فتصدمُ بأن البشر أسوءُ من تلك المخلوقاتِ التي كنتَ تراها في أفلام الخيال العلمي أو الرعب.. تصدمُ أن الخارجَ خطرٌ للغايةِ على نقي مثلكَ فتخاف أن يلوثك.. يتلوثَ بياضكَ بسوادِ من حولك.. وتكتشفَ أن كل كتاب قد قرأته عن الوحدة والعزلة وسخرت من كاتبه في يوم مضى كان محقاً .. فالبقاء وحيداً بعيداً عن الغابة التي صنعها البشر آمن أكثر و الجلوسُ ملتفاً ببطانيتك العملاقةِ تتابع ما اعدت متابعته أفضل لك.. و رؤية الأمطار من خلف النافذة مع مشروبٍ ساخنٍ هو ما يستحقُ أن يطلقَ عليه رومنسياً.. هذه الأمور هي ما تسمى الحرية...