الفصل الأول: "رأيتُ جمجمة"

1.8K 40 15
                                    

كان هناك ظلان في معبد أبولو.
الأول لرجل والآخر لفتاة.
كان الوقت ليلاً، وكان القمر في طوره الأول.
كانت الفتاة مرمية على جانبها وبالكاد تُرى في الضوء الخافت للنجوم، وقف الرجل ينظر إليها.
كانت تتأوَّه من الألم.
قال الرجل بنبرة باردة: "ناديه، نادي فوغو."
تأوهَّت مجدداً.
"نادي فوغو، استدعيه إلى هنا، اصرخي، وترجيه بأن يأتي لإنقاذك."
لم يكن في صوته ذرة من الشفقة، فقط القسوة والرغبة بالقتل.
لكن الفتاة تأوَّهت فقط، لم تتحرَّك، كانت يداها ورجلاها ملويين في اتجاهات تمنعها من التحرك، لم تستطع الهرب لوحدها.
قال الرجل: "لا تحاولي قتالي"، لم يكن كلامه تهديداً، بل حقيقة واقعة "إن مانيك ديبريشن يسيطر عليك بالكامل، لم تعد لديك إرادة حرة."
انطلقت يديه لتقبض على عنق الفتاة، واخترقت أصابعه اللحم تحت الجلد.
ودوت صرختها عبر الظلام.
***
هذه قصة عن أناس غير قادرين على اتخاذ القرارات.
ليس لديهم أهداف للمستقبل، ولا حنين إلى الماضي. الماضي والمستقبل لا يعنيان شيئاً لهم، إنهم موجودون في الحاضر فقط، يكافحون بلا فائدة.
هل يكافحون من أجل النفوذ؟ أو للمضي قدماً؟ أو للانسحاب؟ من يدري؟ لا يمكنهم الإجابة، العالم الذي ألقى بهم لهذا المصير لا يقدم أية إجابات.
هم واثقون من أمر واحد: الأرض تحت أقدامهم تنهار، ولم يعد بإمكانهم الوقوف بثبات.
ليس لديهم غد، ولا وطن، كيف يمكنهم إيجاد الأمل؟ ما الذي قد يدفعهم لتجاوز بؤسهم؟ لنتابع فتى من أولئك الناس. اسمه باناكوتا فوغو، ينعته بعضهم بالخائن، ويحتقرونه لاعتقادهم بأنه بلا شرف. قراراته ستحدد جريان مصيره.
***
الفصل الأول: "رأيتُ جمجمة"

مدينة ميلانو، إيطاليا، ملعب جوزيبِّي ميازَّا، أحد أشهر ملاعب كرة القدم في العالم

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

مدينة ميلانو، إيطاليا، ملعب جوزيبِّي ميازَّا، أحد أشهر ملاعب كرة القدم في العالم.
شيء ما لم يكن على ما يرام، لم تكن هناك ضجة، لطالما كانت هناك ضجة. وحشود من الجماهير المتحمسين، وصرخات الباعة المتجولين، والشرطة التي تصارع لحفظ النظام. لا يكون الملعب هادئاً في هذا الوقت من اليوم.
خاصة أن اليوم يوم المباراة، كان من المفترض أن يلعب فريق المدينة المفضل في مواجهة منافسيهم اللدودين أمام حشد هائل من الناس. ومع ذلك، كانت المقاعد الـ 80.018 فارغة، لم يكن أحد يلعب، ولا أحد ليشاهد.
لم يكن أحد هناك.
لم يكن هناك سوى الصمت المرعب تحت السماء المفتوحة، التي يحلق فيها منطاد، كأنه يصور المباراة التي لم تحدث.
على جانب ذلك المنطاد، وبحروف غير مبهرجة، كان مكتوباً: "سبيدواغون."
نظر الطاقم داخل حجرة القيادة إلى الملعب الفارغ بتوتر، تبادلوا النظرات، وأومأوا لبعضهم، ثم تحدث أحدهم عبر الجهاز اللاسلكي قائلاً:
"الملعب فارغ، بإمكانك التقدُّم."
"تلقيتُ ذلك."
تقدَّم الرجل على الطرف الثاني من المكالمة أمام المقاعد الفارغة، ولوَّح للمنطاد في الأعلى، وسطع ضوء دلالة على أنهم رأوه.
قال: "راقبوا بحذر، وكما قت: إن أصابني أي شيء، غادروا فوراً."
"مفهوم، كن حذراً، غويدو ميستا."
أطفأ ميستا جهاز اللاسلكي ونزل لأسفل الملعب، وأخرج مسدساً من حذاءه، وصوَّب باحتراف نحو النفق الذي يدخل منه اللاعبون. وقال:
"حسناً، أخرجي يا شيلا-إي."
كان صوته منخفضاً، ولكن متَّزناً كمغني أوبرا. ساد الصمت لعشر ثوانٍ، ثم خرج شخصان من الظل، كانت حركتهما بعيدة كلَّ البعد عن نشاط الفريق الرياضي.
إحداهما كانت فتاة، هي "شيلا-إي"، كانت ملامحها تدل على أنها ما تزال يافعة، ولكن عينيها شيآن آخران تماماً، كانتا عيني وحش بري مستعدٍ للانقضاض على فريسته وغرس أسنانه في حنجرتها وتمزيقها إرباً إرباً. غطت وجهها عدة ندبات، لكن لم يبدُ عليها أنها منزعجة منهم.
كانت برفقة فتى، صعد الفتى إلى الملعب بحذر خافضاً رأسه، اهتز قرطه الذي على شكل فراولة.
عندما صارا على بعد عشرين متراً من ميستا، صرخ هذا الأخير: "توقفا."
توقفا، توقفت شيلا-إي منتصبة القامة كجندي في عرض عسكري، ولكن الفتى جفل، ووقف في مكانه مرتعشاً.
كان ميستا يصوِّب مسدسه نحوه. كانت أسطوانة المسدس موَّجهة مباشرة نحو وجهه، بين جبينه وشفتيه، نحو الطرف العلوي من قصبة أنفه، بلا تردُّد.
عبس ميستا، وتأمل الفتى طويلاً، ثم قال بتجهم: "لم أرك منذ وقت طويل."
رفع الفتى رأسه، والتقت عيناه بعيني ميستا الباردتين كالجليد.
قال ميستا: "أخبرني يا فوغو، ماذا كنت تفعل؟."
لم يجب الفتى، يبدو أنه كان عاجزاً عن الكلام.
قال ميستا: "كل ما نعرفه أنك كنت في الأشهر الستة الماضية تعزف على البيانو في حانة، أتجيد العزف على البيانو؟ لم تكن لدي فكرة عن هذا، مع أننا نعرف بعضنا الآخر من مدة طويلة."
"...."
قال ميستا: "أعتقد أن الأولاد الأثرياء يتعلمون العديد من المهارات."
تمتم فوغو بصوت منخفض.
قال ميستا: "همم؟ ماذا قلت؟ إذا كان لديك كلام ما، قله وحسب."
أمال فوغو شفتيه على جانب واحد وصرخ: "لا شيء"، ولكن لم يكن الأمر كذلك، كان يرفض أن يتدخل ميستا في أفكاره.
رفع ميستا حاجبه متشككاً، لكنه تجاوز الأمر، وقال: "حسناً، ألديك ما تقوله لي؟ أو لديك أمر تريد معرفته؟ سأجيب على ما أستطيع."
وقف فوغو صامتاً لدقيقة طويلة، ثم قال أخيراً:
"أهو حقاً.. ميت؟"
كان في عينيه حزن عميق، وعندما رأى ميستا ذلك، عبس والتفت نحو شيلا-إي قائلاً:
"شيلا-إي، غطِّي أذنيكِ."
هزت رأسها، وغرست أصابعها في أذنيها بقوة، لدرجة أنه كان من الغريب أنهما لم تنزفا. كانت طاعتها للأمر مبالغاً بها، ولكن ميستا لم يهتم بذلك.
التفت نحو فوغو وقال: "إذن فقد سمعت عن موت بوتشالاتي؟"
شحب وجه فوغو.
أخذ يرتجف من رأسه لأخمص قدميه، واصطكت أسنانه، كأنه رُمي فجأة وسط عاصفة ثلجية.
تابع ميستا: "نارانشا وأباكيو ماتا أيضاً، أتذكر ما قلتَه؟"
لم يجب فوغو.
أجاب ميستا عوضاً عنه: "أنتم لستم واقعيين، لا يمكنكم النجاة بالأفكار المثالية، لا يمكننا أن نعيش خارج عالم العصابات."
تذكَّر فوغو تلك الكلمات، لن ينساها أبداً، كانت الكلمات التي قادته إلى التخلي عن الرجل الذي ظنَّ أنه سيعمل لجانبه طوال حياته.
هل ارتكب خطأً؟ أكان هو غير الواعي بما يحدث حقاً؟
كان هذا السؤال يؤرِّقه كلَّ يوم، والآن، تقف الإجابة –أو جزء منها- أمامه، أحد الأشخاص الخمسة الذي تخلَّى عنهم في ذلك اليوم.
سأل فوغو مجدداً: "ميستا.. أهذا صحيح؟"
كان صوته مرتجفاً، لم يكن سؤاله محدداً، لكن ميستا ابتسم ابتسامة شاحبة وقال:
"إذن فقد سمعتَ الإشاعات، ماذا كانت؟"
قال فوغو: "أن.."، توقف ونظر إلى شيلا-إي، لقد أمرها ميستا بسد أذنيها كي لا تسمع كلامهما، احتاج إلى جهد كبير ليتابع كلامه: "سمعت بأن الرئيس أظهر نفسه أخيراً، وبأن اسمه.."
تساءل ميستا: "ما اسمه؟"
تابع فوغو: "اسمه جورنو جوفانا، يقال بأن رئيس باشوني عمره ستة عشر عاماً فقط، ولهذا كان يخفي هويته، لكن ظهر خونة حاولوا كشف هويته، مما أدى إلى توريط فتاة من العامة في مشاكل العصابة، وكاد ذلك يؤدي إلى حرب، وهكذا لم يعد يرى سبباً للاختباء وكشف عن هويته أخيراً."
قال ميستا: "نعم، لكنك تعلم أن كلَّ ذلك كذب، لقد كنت معنا قبل أن تقع المصائب كلها."
كان مسدس ميستا ما يزال مصوباً نحو رأس فوغو.
تابع ميستا: "لقد كنت معنا قبل أن يقتل ديافولو –الرئيس الحقيقي- بوتشالاتي والآخرين."
شعر فوغو بأن حلقه جاف، ولكنه لم يجرؤ على بلع ريقه.
تابع ميستا: "انضم جورنو إلي العصابة ليقضي على الرئيس ويأخذ مكانه، وكان بوتشالاتي يساعده طوال الوقت، منطقي أليس كذلك؟ أنت لا تبدو متفاجأ. من اللحظة التي انضم فيها جورنو للفريق لم يكن مجرد مبتدئ، وكان بوتشالاتي يعامله معاملة شريك موثوق، لا معاملة رئيس لمرؤوس، جورنو مصرٌ على أنهما كانا رفيقين متساويين، ولكن الحقيقة أن.. بوتشالاتي كان يعمل لصالح جورنو. هذا ما شعرتُ به على كل حال، كان مستعداً للتضحية بحياته من أجل حلم جورنو، وقد فعل ذلك، آخذاً ديافولو معه."
"..."
أكمل ميستا: "تصرَّف جورنو بسرعة وكفاءة وقوَّى نفوذه، وكانت هذه القصة الجميلة التي سمعتها، أليس كذلك؟."
أجاب فوغو: "بلى.. أسطورة أمير العصابات السري الذي ينظف عالم الجريمة. ويقولون إنك الرجل رقم اثنين في منظمته يا ميستا."
صحَّح ميستا: "على مهلك، هذا غير صحيح، الناس دائماً يفترضون أن الرجل المسلح هو اليد اليمنى، لكن الرقم اثنين الحقيقي هنا هو بولناريف، أنا الرقم ثلاثة، فكِّر بالأمر: الرقم اثنان مرتين يساوي أربعة، ورقم أربعة يعني الحظ السيء. لا أريد الاقتراب من ذلك، رقم ثلاثة أكثر أماناً بكثير.
تخففت لهجة ميستا من بعض شدتها.
تساءل فوغو: "بولناريف؟ هذا اسم فرنسي..."
قال ميستا: "أنت لم تقابله، ولن يفيدك اسمه في شيء، ولن تجد أي بيانات عنه."
"..."
واضحٌ أنَّ كلُّ ما سبق كان معلومات سرية للغاية، وهذا ما جعل فوغو يتساءل مجدداً عن سبب وجوده في هذا المكان.
كان كلُّ ذلك كثيراً عليه، القضاء على الرئيس وأخذ مكانه؟ هذا جنون. لهذا ترك فريق بوتشالاتي. ثم وجدته شيلا-إي في الليلة الماضية، لقد أرسلتها باشوني الجديدة. لقد عرف أن هذا اليوم سيأتي.. لكنه لم يتوقع هذا.
"قوتهم تفوق ما كان يحلم الرئيس القديم بامتلاكه."
قبل ستة أشهر، كانت منظمة باشوني قوية، شأنها في ذلك شأن جميع التنظيمات الإجرامية، كان لديها صلات بالأعمال التجارية والحكومة، وبإمكانها الحصول على أي شيء تريده باستعمال القوة أو الرشاوي.
لكن ليس هذا.
استدعاؤه إلى ملعب كرة القدم الضخم هذا يعني إبعاد عشرات الآلاف من المشجعين المتحمسين، وتأجيل موعد المباراة ناهيك عن مواعيد البث في محطات التلفاز عبر العالم. هذا يتطلب قوة تفوق قوة رؤساء الدول ونفوذ باشوني القديمة، إضافة إلى أن هذا المنطاد فوقهم يعود لمؤسسة سبيدواغون، إحدى أشهر مؤسسات البحوث في العالم، التي لن تبحث عن المعلومات لصالح أسياد عالم الجريمة. لم يكن فوغو يعرف كيف يمكن للمرء التواصل معهم. لكن ما داموا هنا لإجراء بحث عن أمر ما، فلا شك أنه..
"أنا.. ماذا يمكن أن يكون غير ذلك؟"
شعر فوغو بعيني ميستا تتفحصانه، وشيلا-إي كانت تراقبه أيضاً.
سأل ميستا: "فوغو! ما رأيك؟ هل تعدُّ نفسك خائناً؟ هل تخلَّيت بقسوة عن بوتشالاتي في الوقت الذي احتاجك فيه؟ هل يبقيك الشعور بالذنب مستيقظاً طوال الليل؟"
"..."
تابع ميستا: "عليَّ أن أعترف.. ربما كنتَ على حق، أعني، بوتشالاتي مات، أنت لم تأتِ معنا ولهذا نجوت، أنا نجوتُ لأنني شخص ذو حظ خارق ولد تحت نجمة مباركة. ولكن أنت لست كذلك، لم تكن لتنجو في المعركة المجنونة التي وقعت بين ديافولو وجورنو. وقد كنتَ ذكياً بما يكفي لتدرك ذلك."
"..."
"نحن متفقان حتى الآن، ولكن السؤال الآن: ما الذي تنوي فعله؟"
"..."
عندما لم يقل فوغو شيئاً، أشار ميستا لشيلا-إي بأن تخرج أصابعها من أذنيها. استجابت شيلا-إي للأمر ووقفت على أهبة الاستعداد للقتال في أي لحظة.
قال ميستا بهدوء: "فوغو، أظهر لنا الستاند الخاص بك."
برقت عينا شيلا-إي كالخناجر، وازداد وجه فوغو شحوباً.
كرَّر ميستا: "أظهر لنا بيربل هيز."
"..."
صرَّ فوغو أسنانه، ولكنه نفَّذ ما طُلب منه.
بدا جسد فوغو ضبابياً، ثمَّ مزدوجاً، ثمَّ تقدَّم النصف الضبابي منه إلى الأمام.
كأن روحه قد تحرَّرت من جسمه، وأخذت تتحرك من تلقاء نفسها، أو كأن جزءاً من شخصيته قد حصل على شكل مادي. هذا هو الستاند العائد له.
كان خليطاً من الإنسان والزومبي، عيناه جاحظتان ومحتقنتان بالدم.
أطلق عليه فوغو اسم بيربل هيز.
إنه جانب آخر من فوغو، قوة له وحده، وإحدى أكثر القوى المخيفة في العالم أجمع.
"جررررر..."
صرَّ بيربل هيز أسنانه على نحو مزعج، وسال لعابه على ذقته.
كان فوغو يكره النظر إليه، لقد كان مرعباً، بل مريعاً.
ولكن ميستا لم يطرف له جفن. بل قال بهدوء مع استمراره بالتصويب نحو هدفه:
"إذن يا فوغو، أنت تعلم لِمَ استدعيناك إلى هذا المكان في منتصف النهار أليس كذلك؟"
لم يجب فوغو.
تابع ميستا: "فوغو، الستاند الخاص بك خطر جداً، الفيروس الذي ينشره سيذيب أي مخلوق يصيبه، سيذيبه حتى الموت، لا توجد وسيلة للسيطرة عليه. إنَّه العشوائية والتوحش ونية القتل متجسدين.
ظلَّ فوغو صامتاً.
"لكني أعلم بأن هذا الفيروس لا يحب الضوء، وأن نطاق انتشاره لا يتجاوز الخمسة أمتار. وأنت تعلم بأني أعلم."
قال فوغو: "أجل."
"وبالتالي، في هذا المكان وهذا الطقس ومن هذه المسافة، لا فرصة لبيربل هيز بالفوز على رصاصاتي."
كان المسدس الذي يحمله ميستا مسدساً عادياً ملقَّماً برصاصات عادية. لكن فوغو استطاع أن يرى أشياء صغيرة تطفو في الهواء بين الرصاصات، مثل جنيات صغيرة مشاكسة.
كان هذا ستاند ميستا، الرصاصات التي يطلقها تسير في طرق غير متوقعة، متجاوزة كل الدفاعات، ومصيبة أكثر المناطق حيوية.
بإمكان فوغو أن ينشر الفيروس بالقدر الذي يريد، ولكن ميستا على بعد عشرين متراً، لن يصله أبداً، في هذا الملعب المفتوح على أشعة الشمس، سيتلاشى الفيروس قبل أن يلحق أي ضرر.
لن يتضرر أحد من هجوم كهذا سوى فوغو، سيموت بكل تأكيد.
والفتاة..
شعر فوغو بعيني شيلا-إي تخترقان ظهره.
كانت كبش فداء، إذا قام بأي عمل غير متوقع، سترمي بنفسها عليه، إنها على علم بأن الفيروس سيصيبها ويقتلها، ولكنها لن تتردد بالتضحية بحياتها. عرف أنها كذلك من اللحظة التي التقت عيناهما لأول مرة.
لم يكن ثمة من مهرب.
قال فوغو: "أعلم يا ميستا.." كان بإمكانه سماع صوته المرتجف، ولكنه أجبر نفسه على المتابعة: "أعلم بأنك لو كنت تريد قتلي، لكنتُ ميتاً منذ وقت طويل."
رفع ميستا حاجبه متعجباً: "أوه..؟ هذا ليس طبعك يا فوغو، عندما كنت تقع في موقف حرج كنت تفقد صوابك وكان يجن جنونك."
"..."
"أعترف بأنني كنتُ مرتاحاً عندما لم تتبع بوتشالاتي، تصور أن تفقد صوابك في وقت غير مناسب وتنشر ذلك الفيروس في كلِّ مكان، كنا سنموت جميعاً، سيكون ذلك غبياً، أليس كذلك؟"
من الواضح أن ميستا كان يستفز فوغو.. ولكن الأوضح من ذلك أنه..
"إنه يفعل ذلك عمداً، يحاول أن يثير غضبي ويدفعني لمقاتلته، ممَّا سيمنحه عذراً للإطلاق عليَّ. وهو واثق من أنه سيستطيع قتلي قبل أن أؤذي شيلا-إي."
أصبح فوغو واثقاً من سبب استدعائه إلى هذا المكان.
أخذ نفساً عميقاً، وقال:
"ليس في كل مكان."
"هه؟"
"لا يمكنني نشر الفيروس في كل مكان، فقط ستَّ مرَّات، توجد ستُّ كبسولات فقط على يدي بيربل هيز. يمكنني أن أهاجم ستَّ مرَّات في اليوم الواحد. وأنت تعرف ذلك."
عبس ميستا، كان فوغو هادئاً، لقد تحسن فيما يبدو. سأله:
"سأسألك من جديد يا فوغو: ما الذي تفكر به الآن؟"
أجابه فوغو: "أنا لم أخن باشوني أبداً يا ميستا."
أمال ميستا شفتيه جانباً وتنهد قائلاً: "فهمت، هذه الكلمات مختارة بعناية. لطالما كنتَ ذكياً، تعرف ما عيك فعله أليس كذلك؟ عليك إثبات ولائك لجورنو."
"إثبات..؟"
"لتثبت أنك لست عدونا، اذهب واقتل عدواً لنا. وإن لم تستطع فعل ذلك، فسوف نقتلك."
لم يكن هناك خداع في كلامه، لم يكن تهديداً فارغاً، ولا تباهياً. كان الحقيقة بكل بساطة.
كان أمراً يلقيه شخص ذو سلطة. قبل ستة أشهر فقط كلاهما كانا مجرَّد صعلوكين برتبة منخفضة، لم يكن مخيفاً هكذا، لقد كبر. الهوة بينهما غدت هائلة.
كادت أسنان فوغو أن تصطك، ولكنه أجبر نفسه على التماسك، شعر كأنه ضفدع يتجمد من نظرات أفعى متربصة. ولكنه حصل على تأجيل لإعدامه على الأقل.
كان من المفترض أن يشعر بالراحة، ولكن على العكس، كان متعكر المزاج. انفجر شعور بالمرارة في داخله، ومع ذلك كان عليه أن يكظمه.
"جررررررر."
زمجر بيربل هيز فجأة، انتزع صوت الزمجرة فوغو من أفكاره.
قال ميستا عابساً: "يكفي، أرجعه."
ترك فوغو ازدواجه ينسحب إلى داخله.
تذمرت شيلا-إي قائلة: "ألا يمكنك أن تبقيه هادئاً؟ أليس لديك ضبط للنفس؟"
لم يكن فوغو ليجادلها في ذلك.
قال ميستا: "لا تبدآ بالشجار، ستعملان معاً."
تساءل فوغو: "سنعمل؟"
"وليس أنتما فقط، ستحصلان على بعض المساعدة، لا يمكنكما القضاء على أولئك الأشخاص لوحدكما."
"أولئك الأشخاص؟"
"هدفك شخص واحد، ولكن لديه فريق يحميه."
التقت نظراتهما، وعرف فوغو من نظرة ميستا كل شيء، هذا الهدف يعني مَهمَّة، سرت قشعريرة في عموده الفقري.
قال: "إن كان لديه فريق، فهو.."
أومأ ميستا:
"بقايا من باشوني القديمة، فريق المخدرات."
***
في نفس الوقت تقريبا، في مستودع في أطراف "فيلا سان جيوفاني" -وهي بلدة صغيرة في مضيق ميسينا- كانت الأحداث قد بدأت بالفعل.
ترددت صرخات رجل داخل غرفة مضاءة بضوء خافت.
وقف أمامه فتى بخدين غائرين وعينين كبيرتين جاحظتين، كان جسده مغطى بالجروح من رأسه لأخمص قدميه، حتى على جفنيه وشفتيه.
لم تكن جروحاً قديمة، معظمها حديثة ومتقرحة، بكل تدرجات الألوان الشنيعة.
حتى في تلك اللحظة، كان الفتى ينحت في خده جرحاً جديداً باستعمال خنجر.
"غي غي غي غي غي!"
صرخ الفتى محاكياً الصوت الذي تخيله مناسباً لعملية التقطيع، كانت عيناه شاردتين وبدا حياً بالكاد.
بعد أن انهى جرح نفسه بدأ يغمغم على نحو متقطع:
"إن الإنسان المتحضر.. غير كامل. كلُّ ذلك الهراء.. غير كافٍ. لا أقصد التغذية أو اللياقة البدنية.. ما أقصده.. أنه مقارنة بالإنسان البدائي، هناك شيء.. شيء في حياته المعاصرة اليومية.. غير موجود!"
فجأة صدر صوت فرقعة من حلقه وتطاير شيء من داخله، لقد سعل فخرجت قطعة من الجلد من داخل الجرح المتقرح.
"فهم مثلاً يقولون بأنهم لا يشعرون بأنهم على قيد الحياة، أنا جاد، لست أمزح، كلامي جددددي جدددداً."
أخذ الدم يسيل من جانبي فم الفتى، لكنه لم يلاحظ ذك.
"ماذا إذن؟ هذه هي المشكلة الرئيسية: عندما لا يكون لدى الكائن الحي ما يكفي من قوة الحياة، سوف ينقرض! بكل تأكيد. مثل دببة الباندا! سيهلكوووون. إنهم يأكلون الخيزران فقط ولا شيء غيره. لا أمل بنجاتهم. والبشر ليسوا أفضل حالاً، نحن نبذل كل جهدنا لنتحضَّر وذلك لإخفاء حقيقة أنه لم يعد لدينا ما نعيش لأجله! لا أعرف إن كان أحدهم قد قال هذا الهراء، ولكن لا شك بأن أحداً قاله، وأنا.. عليَّ أن أتجنب ذلك، عليَّ أن أشعر بأني على قيد الحياة، لذا..."
أخذ يجرح نفسه من جديد.
"الألم هو الحقيقة، إنه ما يبعث الحياة فيَّ! بدونه سوف أنقرض.. و.. وأنا لا أريد أن أنقرض..
"..."
"همم؟ إذن.. ماذا كان اسمك؟ أكان هاري؟ هاري؟ لا، سالي؟ شيء من هذا القبيل، أليس كذلك؟"
كانت لهجته ودية، كأنه يخاطب صديقاً قديماً.
كان الرجل الذي اسمه سالي، مغطى بالعرق، وكانت جبهته متجعدة من التوتر. كانت لحظات حرجة له. كان هو الآخر عضواً باشوني القديمة. اشتبك مع ميستا وجورنو فيما مضى للحصول على الكنز الذي خلفه الزعيم "بولبو". وكان يثبت ولاءه الجديد شأنه شأن فوغو.
"ولكن اسم سالي.. اسم مليح جداً! هل فهمتها؟ لأن سالي يعني الملح! (بالإيطالية) هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها! سالي! مالح! تباً! هذا مضحك!"
ضحك الفتى بشدة لدرجة أنه أخذ يلهث ليلتقط أنفاسه، ولكن عندما لاحظ بأن سالي لم يكن يضحك معه، تلاشت ضحكاته.
تذمر قائلاً: "أنا أتحدث إليك. وعندما يتحدث إليك فيتوريو كاتالادي، يُستحسن ألا تتجاهله. مهلاً.. ألا تعرف آداب السلوك؟"
"..."
"مرحباً؟ من منَّا على صواب؟ أنا الذي أتحدث بوضوح وبكل تهذيب، أم أنت الذي يجلس بوقاحة مثل صخرة ولا يقول شيئاً؟ إنه أنا أليس كذلك؟ بالتأكيد ليس لديك اعتراض على هذا أليس كذلك؟ لستُ متفاجأ."
"..."
"أم لديك اعتراض؟ إذا كان لديك اعتراض فأرني.. أرني الستاند الخاص بك. دعني أرى ما الذي يستطيع "كرافتورك" فعله.
كان سالي أكبر من فيتوريو بسنوات، ولكن الكفة كانت راجحة لفيتوريو بكل وضوح.
"..."
كان كلُّ شيء في الفتى يجعل كلَّ شعرة من سالي تقف. لقد مرَّ بكثير من المواقف الصعبة -حتى إنه قاتل ميستا وعاش ليروي ذلك- ولكنه لم يشعر بكل هذا الخوف من قبل.
كانت عينا الفتى الكبيرتان المجنونتان تحدقان به.
رغم كلِّ كلامه عن الإنسان والحضارة، إلا أنَّ عيني الفتى تثبتان أنه بلا مستقبل.
لم يكن فيهما بريق، ولا إشارة إلى ما سيؤول إليه حاله، ولا حلم، ولا أمل، ولا شغف. لم يكن يتفوه سوى بالحقد.
أ.. أهو حقاً عضو في فريق المخدرات؟ الفريق الذي يملك ثروة لا مثيل لها؟
كان تصديق ذلك صعباً على سالي، كان فريق المخدرات الفريق الذي يحلم الجميع بالانضمام إليه في باشوني القديمة. الفريق الذي يحصل أفراده على كلَّ ما يريدون، كانوا ملوك العالم، يمكنهم فعل ما يشاؤون. أو هذا ما اعتقده الجميع.
إلا أن هذا الفتى ضيق الأفق وغافل وغير متعلم، لا يهمه شيء سوى ما قد يزعجه في اللحظة الراهنة. و..
أبعد سالي نظره عن فيتوريو، كان هناك شخص ثالث في الغرفة، كانت فتاة تجلس في الزاوية، وبالكاد تتحرك بما يكفي لتدل على أنها حية تتنفس.
كان وجهها شاحباً على نحو مروع، وكان اللون الأحمر ظاهراً بالكاد على شفتيها الشاحبتين. كانت منعزلة في الظلام.
حدقت عيناها الخاليتان من التعابير بالفراغ. كانت تدندن أغنية بصوت ضعيف بالكاد يمكن سماعه.
"لا.. لا لا.. لا لا لا.. لا لا.. لا.."
كانت أغنية مشهورة من "صقلية" اسمها "رأيت جمجمة" Vitti 'na crozza، من المفترض أن تكون أغنية تُغنَّى بسرعة وعلى نحو مبتهج، ولكنها كانت تغنيها ببطء وعلى نحو متقطع.
ما تزال فتاة يافعة. تناثر شعرها الطويل على الأرض، كان طويلاً جداً كأنها نسيت أن تقصه، أو نسيت أن بإمكانها فعل ذلك.
كانت جالسة على الأرض، نحيلة وذابلة، يرتجف عنقها النحيل تحت ثقل رأسها، بدا كأنه سيتحطم في أية لحظة.
"لا.. لا لا.. لاي لو لاي لا.. لا لا.."
كان اسمها أنجيلكا أتاناسيو.
كان اسم الستاند الخاص بها نايت بيرد فلاينغ، بدا مجرد طائر صغير يتجول طائراً هنا وهناك. ولا يمثل أي تهديد.
لكن هو الذي قاد سالي وشريكه زوكيرو إلى هذا المكان المهلك.
حدَّق سالي في أنجيلكا بكلِّ قوَّته، ولكنها تجاهلته، ليس من باب الاستهزاء، بل لأنها لم تكن واعية بوجوده بكل بساطة.
سال لعابها على ذقنها، كان هناك دم فيه، كانت تنزف من فمها.
من الواضح أنها مدمنة على المخدرات.
لكن ما أثار غضب سالي، أن هذا الفتى بلا أفكار ولا مستقبل، وهذه الفتاة المدمنة التي لن تعيش طويلاً.. هذان المثيران للشفقة قد حاصراه في الزاوية.
عضَّ شفته بقوة حتى نزفت. لكنه لم يشعر بالألم، ليس لأنه كان غاضباً جداً لدرجة أفقدته الشعور بالألم، بل لأنه واقع تحت تأثير نايت بيرد فلاينغ، فلم يعد يشعر بالألم.
شعر بالأرض ترتجف تحت قدميه، كل ما استطاع فعله كان البقاء واقفاً. شعر بالدوار، لكن الدوار لم يتلاشَ ولم يعد إليه إحساسه بالتوازن.
لا مجال لحركة إضافية، لا يستطيع القيام بأي من خدعه المعتادة.
الخيار الوحيد المتبقي له هو الهجوم المباشر، حدَّق سالي في فيتوريو الذي كان يعاود جرح نفسه مصدراً أصواته:
"كي كيييي، كي كي كي كي كي، كي!"
كان نصل خنجره مثل المرآة، رأى سالي صورته منعكسة عليه.
ذلك الخنجر..
راقب سالي الخنجر. مثل أن ميستا متخصص في استعمال المسدس، فإن فيتوريو متخصص باستعمال الخنجر. ولكن في معركة بين ستاند وآخر لا فائدة من خنجر عادي.. إذن ماذا قد تكون قدرته السرية؟
لدى ستاند سالي "كرافتورك" القدرة على تثبيت الأشياء حيث هي، إذا أُطلق عليه الرصاص أو حاول أحدهم طعنه بسكين، فبإمكانه تثبيت تلك الأشياء في اللحظة التي تلمس فيها جلده، ولن تلحق به ضرراً. إذن فهذا الخنجر لن يشكل له أي تهديد.
صحيح.. ليس لدي ما أخشاه!
كان قد فقد القدرة على اتخاذ القرارات العقلانية، لقد نجى حتى ذلك الوقت عن طريق إدراكه لحدود قدرات الستاند الخاص به، والهرب في المواقف الخطرة. ولكنه أخفق هذه المرة.
"لا.. لا لا.. لاي لا لاي لا.. لاي لا لا لا.."
لقد صار مثل أنجيلكا، غير قادر على التفكير.
توقف فيتوريو عن جرح نفسه، ونظر له ببرود قائلاً:
"هيَّا تقدَّم. الستاند الخاص بك.. والآخر الخاص بي "دولي داجر.". أيهما يستحق الوجود؟ لنكتشف ذلك!"
في اللحظة التي خرج فيها نصل الخنجر من جسد الفتى، ركض سالي نحوه.
إذا حاول فيتوريو طعنه، لن يتجنبه سالي، بل سيثبِّت الخنجر في مكانه، ثم يثبِّت جسد الفتى.
لكن الخنجر لم يتوجه نحوه مع أنه صار قريباً منه.
لم يتحرك الفتى ويهاجمه بالخنجر، بل لم يتحرك على الإطلاق. وقف في مكانه وحسب، منتظراً. لم يحاول الدفاع حتى، كان ذلك غريباً وغير طبيعي، لكن سالي صار قريباً ولم يعد بإمكانه التوقف، عليه أن يكمل.. وهذا ما فعله، ضارباً يده بقوة في صدر فيتوريو الأعزل.
لقد ثبَّت قلب الفتى، مما سيقتله على الفور. لا مفر له.
لقد انتصر.. أو هذا ما اعتقده.
لكن قدم الفتى ارتفعت.. وركلته.
طار سالي وتدحرج على الأرض.
فكَّر: "هذا مستحيل!" لقد ضرب صدر الفتى! نظر إليه، كان فيتوريو قابضاً على صدره ويتلوَّى من الألم.
تأوَّه وسال العرق على جبهته، لكن كان من المفترض أن يكون ميتاً.
تساءل سالي: "كيف؟"، ثمَّ لاحظ شيئاً مغرقاً في الغرابة.
كان هناك شيء يطفو في الهواء بينهما.
شيءٌ ضارب إلى الحمرة، ويبدو.. لزجاً كاللحم.. كعضو حيوي.. صغير ومكتنز ومتكور. لقد عرفه سالي.
إنه قلب..
قلب منتزع من صدر أحدهم، ومثبت في الهواء.
لكن... قلب من..؟
فجأة أصبح رأس سالي ثقيلاً، لقد فقد القدرة على رفعه، وجره ثقل رأسه إلى أسفل.. ليرى فتحة كبيرة في صدره.
لقد انعكس هجوم سالي عليه. لكن لم يعد لديه وقت ليتساءل عن كيفية حدوث ذلك، فبدون قلب ينبض في داخله، أخذ جسده يتضور جوعاً للدم، وتلاشى وعيه تدريجياً ليزول إلى الأبد.
سقط قلب سالي على الأرض محدثاً ضجة، بعد أن تحرَّر من القوة التي كانت تثبته.
صرخ فيتوريو وسقط على الأرض متلوياً من الألم.
صرخ منادياً أحدهم خارج غرفة المستودع: "ماسيمو! ساعدني! ماسيمو!"
انفح باب المستودع وانسكب الضوء عليه، ودخل رجل طويل القامة.
كان يجر شيئاً بدا كصفيحة بلاستيكية، لكنه ألقاه عندما رأى فيتوريو.
قال الرجل: "هل قمت بعمل مجنون مجدداً؟" كان صوته مثل صفير الرياح عندما تعبر عبر صدع في جدار.
"أسرع! قلبي! لا ينبض تماماً! لقد توقف.. ثلاثون بالمئة منه متوقف!"
"كم مرة عليَّ أن أحذرك يا فيتوريو؟ إن "دولي داجر" يعكس سبعين بالمئة فقط من الأضرار، لا يمكنك أن تترك الآخرين يصيبونك وتنجو من ذلك ببساطة."
اقترب الرجل الطويل من الفتى بينما كان يقول ذلك، وضربه بقوة على صدره، سقط فيتوريو على الأرض، وانفجرت أنجيلكا بالضحك بهستيريا.
قال فيتوريو وهو ينهض: "بربك، خذ الأمور ببساطة!" لم يعد يتألم، لقد عادت وظائفه الحيوية لطبيعتها عندما لمسه الرجل.
تجاهله الرجل، ومشى نحو أنجيلكا.
سألها: "أهذا كل شيء؟"
أومأت قائلة: "لا أحد آخر حولنا، لا أحد على الإطلاق، لا أحد يراقبنا."
ثمَّ أشارت إلى الشيء البلاستيكي الذي رماه جانباً وقالت:
"باستثناء هذا."
همهم الرجل ونظر إليه.
قال فيتوريو: "أوه، أهذا هو زوكيرو؟ سمعت بأن بإمكانه تفريغ الأشياء من الهواء."
اقترب منه ليلقي نظرة فاحصة. بدا عن قرب كبالون على شكل رجل وقد فُرِّغ من الهواء.. وكان يرتعش.
"لا تستطيع استعمال قوتك على نفسك في أغلب الأوقات، ولكن هذا الرجل يستطيع."
"أجل، وعندما يكون مسطحاً هكذا يمكنه الانزلاق عبر الفتحات الضيقة، والاقتراب من الأهداف. وهكذا استطاع هو وسالي الاقتراب منا."
"ها ها ها! حظهما سيء! لدينا أنجيلكا، لا يمكن لأحد التسلل نحونا."
داس فيتوريو على الرجل المسطح ماسحاً قدمه به.
"مقرف! إنه ينبض."
نظر الرجل الطويل إلى خصمه المهزوم نظرة خالية من العواطف. وقال: "إن قلبه يستمر بالنبض حتى عندما يكون جسده مفرغاً من الهواء. ولكن الستاند الخاص بي "مانيك ديبرشن" قد سيطر عليه بالكامل."
اسم ذلك الرجل "ماسيمو فولبي."
إنه خطير جداً لدرجة أن اسمه على رأس القائمة السوداء لجورنو جوفانا. وجوده يُعد مشكلة لدرجة أنه يمكن السماح لباقي فريقه بالفرار مقابل أن تتم تصفيته.
لكنه يبدو شخصاً هادئاً، شخص لا يثير في انطباعاً قوياً في النفس.
إنه إيطالي، لكن بنيته تجعله يبدو ايرلندياً، أنفه رفيع وكذلك عيناه وحاجباه.
تابع فيتوريو العبث ببقايا زوكيرو وهو يقول:
"إذن فهو لا يستطيع إعادة نفسه للوضع الطبيعي، ولن نستطيع تعذيبه؟ أم يمكنه التحدث وهو هكذا؟"
"من يدري.. لا مفر له الآن."
"يا رجل، كم الستاند الخاص بك "مانيك ديبرشن" شقي! ما يفعله أشنع من القتل."
دخل العضو الأخير من الفريق إلى الغرفة. كان رجلاً عجوزاً.
قال: "تباً. ألم أخبرك يا ماسيمو ألا تقاتل إلا عند الضرورة القصوى؟ أنا وفيتوريو يمكننا التعامل مع حثالة كهذين. عليك أن تتركنا نحميك وأنجيلكا."
كان وجه العجوز مغطى بالتجاعيد، لكن ظهره مستقيم، وحركاته نشيطة.
قالت أنجيلكا: "أوه، كوكاكي!"، ولوحت له بسعادة. وفركت وجهها على فخذه مثل قطة تحيي صاحبها.
ربَّت على رأسها بلطف، ولكنه لم يحول ناظريه عن ماسيمو.
"أتسمعني يا ماسيمو؟ أنت قلب الفريق، نحن موجودون من أجلك فقط ."
أجاب ماسيمو: "ولكنك القائد يا فلاديمير، أنا أنفِّذ ما تقوله وحسب."
كان كلام ماسيمو خالياً من العواطف، يبدو أنهما قد خاضا هذا الجدال من قبل.
تنهد فلاديمير كوكاكي قائلاً: "أنت لا ترى ذلك، يمكنك أن تحكم العالم بهذا الستاند الذي تملكه. يمكنك أن تعتلي القمة فوق جميع البشر."
"وأنت أيضاً، لا يمكن لأحد هزيمة "رايني داي دريم آوي" ."
"أوه، وأنا؟ الستاند الخاص بي "دولي داجر" جيد جداً أيضاً. أليس كذلك؟"
"أها ها ها ها! كلنا رائعون!"
عقلية جبارة في جسد هرم، ورجل بلا عواطف، وفتى مجنون، وفتاة مدمنة، هذا هو فريق المخدرات الذي تبحث عنه منظمة باشوني بأكملها.

اسم الستاند: دولي داغر اسم المستخدم: فيتوريو كاتالادي (16) القوة التدميرية: A - السرعة: A - المدى: C الاستمرارية: A - الدقة: B - التطور: C القدرة: ينتقل 70% من الضرر إلى الشيء أو الشخص الذي ينعكس على نصل الخنجر

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

اسم الستاند: دولي داغر
اسم المستخدم: فيتوريو كاتالادي (16)
القوة التدميرية: A - السرعة: A - المدى: C
الاستمرارية: A - الدقة: B - التطور: C
القدرة: ينتقل 70% من الضرر إلى الشيء أو الشخص الذي ينعكس على نصل الخنجر. (ويتلقى الثلاثين بالمئة الباقية) يظهر الستاند بشكل خنجر أثري من العهد النابليوني. يعكس الأضرار جميعها بما فيها الرصاصات والعدوى الفيروسية. تشكَّل هذا الستاند جراء رغبة قوية بإثبات البراءة ونقل المسؤولية واللوم إلى الآخرين.

Jojo's Bizarre Adventure: Purple Haze Feedbackحيث تعيش القصص. اكتشف الآن