• 𝔀𝓱𝓪𝓽 𝔀𝓪𝓼 𝓱𝓪𝓹𝓹𝓮𝓷𝓲𝓷𝓰 •

478 57 17
                                    

•••

• ما كان يحدُث •

10 نوفمبر 2008

أخذت القطار شرقًا أحتمي بثيابي الدافئة،
وحيدًا أجلس يملأ مسامعي صوت عجلات القطار وأنفاسي الباكية ..
أضواء القطار بالكاد تعمل، والطقس خارجًا كان مروعًا ..
بدوتُ كمسلوب دنيا ومسلوب حياةٍ لا طيف فيها ولا أمل ..

رأيتُ قبل قليل،
طيف أصدقائي في المبنى الذي كان يأوينا من قذى الخارج،
اُستُبدِلَ بالأضواء المحترقة وصدى الخطوات المثقلة،
وبشاعة المكان ..

حيثُ استدمع فؤادي وسال دمعي متسائلًا،
متى آل الحالُ بنا إلى هُنا؟
كُنتُ واهنًا عن الإجابة ولا آزال ..
الأسى قد احتل قلبي وأحرق عظامي فأصبحتُ هشًا لا يَحتمِل..

ضرباتُ قلبي أشبه ببركان على وشك أن يتفجّر،
يحرقني بلهيبه لأكون أنا الخاسر الوحيد والأول ..

الساعات في القطار كانت طوال،
جفناي أُثقِلتا تطلب مني الرفق بحالهما ..
لطفت بهما فَلَان الحالُ بي لثوان،

صحوت مرتعبًا من صرير عجلات القطار على السكة البالية ..
سماكةُ الثلج كانت قد استعمرت من الأرض ثلاث انشات ..
قطعتُ ما تبقى من طريقٍ وحدي أتجنب الأغصان الملقاة والأشجار ذات الفروع الطويلة،

أسيرٌ إلى شيء ما،
شيئًا يسمى بالديار يومًا ..
أفعل شيئًا ما،
شيئًا قد يسمى بالفرار ..

أشعلتُ نارًا خافتة أدفئ بها حُطام قلبي وفراغ روحي،
كان ذلك ما شعرتُ به عند ارتطام ظهري بالأريكة بتعب يغزو عظامي،
ألقيت بيدي على عيناي وبدون غطاء قد نمت تلك الليلة،

العزلة، النار، دفء الحطب ..
كان ذلك أول ما شعرت به في الثواني الأولى من ليلتها ..

الشمسُ كانت منتاصةً عند هُبوبي،
والنجوم كانت نيرةً في الفضاء،
وفجأة بلا أدنى بُرهان؛ أنوأت السماء ..
مخلفةً ورائها غيثًا سقاني بأكملي ..

غيثُها جعلني أفيض غرقًا في ذكرياتي،
تطرُق بابي بشدة وتحطم سقفي البالي ..
أفزعُ موقفًا مسير خيالاتي،
أدعُ كوب الشاي خاصتي ناظرًا نحو السقف المحطم ببهتان ..
هذا سيستغرق وقتًا ..

شرعتُ بإصلاحِه أطرقُ ذاك وأُمسك هذا،
حتى خبا الغيثُ قليلًا ..

ألقيتُ بجسدي على الكرسي المهترئ في الخارج حيثُ تتراقصُ قطراتُ المطر على شعري،
أترستُ عيناي مبتسمًا ..
وشيئًا فشيئًا استُوحِش قلبي ..

ربما كنتُ أود البقاء وحيدًا لكني لستُ معتادًا بعد ..
تمامَا مثل ما بقلبي ..
فما بداخلي مكسور .. ما بداخلي لا يُنطق ..

أكُنتُ سأعتاد على عدم وجود الأصوات في حياتي؟
ربما كلا، لذلك صوتي ما أود سماعه ..

سرتُ شيئًا فشيئًا نحو النهر القريب،
ألقي نظرة نحو انعكاسي فيه وأتمتم بأحد المقطوعات ..

- في كلّ عام، أغرق بدموعي ..
أنا أغرق بدموعي مجددًا ..

لا يبدو أنني أستطيع نسيان الألم الذي سببته لي،
الألم الذي كُنتَ سببًا به يا صديقي ..

من المضحك حتى كيف أن ذلك لم يحدث،
ربما ..

نظرتُ إلى ساعة معصمي،
الوقت تأخر وبدأتُ أشعر بالخدر في أطرافي ..

نهضتُ عائدًا للكوخ مجددًا، مغلقًا الباب خلفي بإحكامٍ آويت إلى فراشي بعد إشعال الحطب ..

دفءُ هذه الديار وبرودتها كالنقيض تمامًا ..
كهدوء يدمر خلايا جسدي لكن ذاك الدمار محبب لي ..

•••

الـقَـرِيـبُ الـغَـرِيـب.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن