اضطربت أنفاس سابين المكبوتة التي يحكم بها ثبات نفسه بين أطراف فتحة السقف و بين يدا البروفسور. بتتالي تراخت يده في تراجع من روعة ما رآه عن الإمساك بفوهة الفتحة فاقداً توازنَه بين يدا ب. سكالب؛ فأخّل هو بقبضته ليفلته مولياً في السقوط الى بطن الظلمة. لم يدرك سابي سقوطه حتى اصبح ثقله في معصمه، وجسده منفرداً في الهواء. "آه! أين تظن نفسك ذاهباً، عزيزي؟" تردد صوت العالم بتفآجئ فوقه في صدى، أدرك سابي حينها مواطنه- معلقاً فوق الموت بيد البروفيسور. حينها فقط ما كان فيه من رعب بدأ بتحريكه، تشبث بيد البروفيسور بكلتا يديه محاولا أن يصعد إلى ساعده. لم يسحبه ب. سكالب؛ بل أكمل صعوده خارج الفتحة. برز البروفيسور ببطء و ثبات من هالة سواد البرج إلى بريق شمس العالم الخارجي اللاسع للعينين، مبقياً ذراعه المتعلق فيها سابي داخل الفتحة. أطل على سابي بإبتسامة متكلفة مراقباً معاناته في محاولته أن لا ينظر مباشرة إلى الشمس التي تستند خلفه، و إبقاء قبضتيه محكمة على رداء البروفيسور. " .. ماذا؟ تريد الصعود؟ ألم تحاول الهروب مني منذ قليل؟ أم خِفت من الموت؟ أوه أجل.. الموت طريقة فعالة لذلك لكنها جدُّ مستنفذة للموارد الجيدة.. لا أخفي عليك عانيت من هذه المشكلة كثيراً! و لا أرغب فعلاً بمواجهتها اليوم. ستأتي معي إجباراً فقط لهذه المرة~ " حدّث ب. سكالب سابين بتهكم و مغايضة ملوحا بذراعه المتعلق بها يميناً و شمالاً يثير صرخات سابين المرتعبة من السقوط ثم أومأ للظلين اللذان أفزعا سابي ليسحباه معه.
أبهر ضوء الشمس الذي فقده سابين لفترة غير طويلة جزءاً من مرآه؛ فلم يرى بوضوح من يمسك بذراعيه ليوازنوه على قدميه. قبضتان صغيرتان أصغر من قبضتا ب. سكالب بكثير باردتان و مبللة، محكمة على كلا ذراعيه من كل جانب. أفلتاه و تراجعا إلى جانب البروفيسر كل واحد تمركز في جهةٍ بجانبه. سابين تصلب في مكانه حين ارتسمت الصورة بصفاء أمامه، لم يستطع أن ينظر بعيداً عن وجهي منقذيه مع ردهما التحديق إليه:
ولدان واحد بطولِ سابين أو أقصر بقليل و آخر أصغر منهما. نصف وجهيهما السفلي لا يبدو أنه يمت بصلة بالباقي- كان متجعداً و مليئاً بالتصفطات و الإنعكافات، أقرب منه لقماش من جلد. شفاههما متدلية و على مستوى منحدر بشكل غير طبيعي تحت أنوفهم، أشبه بأن يكون موقعهما تحت ذقنيهما. من شفتيهما يخرج سلك أو خيط برتقالي اللون ينساب إلى الأرض. أظهر الأطول في عينيه العداء ليقاطع نظرات سابين المستكشفة برعب و ذهول. " آه أجل. أعزتي، هذا هو ما وجدته مساء أمس. كما وعدتكم بأن أريكم إياه... امعنوا النظر إليه هلا فعلتم؟" البروفيسور جاذباً إنتباه الكل تحدث إلى الفتية اللذان معه بحماس جامعاً قبضتاه ببعض، ثم ربت تربيتةً سريعة على كتفيهما مرسلاً إياهما نحو سابين. سابي تراجع ببطء محكما ذراعيه على صدره العظمي في خجل من نظراتهما الملتهمة كل تفصيلٍ فيه بينما يدوران حوله. " سيد سابين؛ هاذان مساعداي: مالڤن و بوند " أشار عليهما من مكانه ثم جمع قبضتيه أمام وجهه محدثاً مساعداه بحماس مفرط "... أليس شيئاً مميزاً؟ اسمه سابين~ وسوف يشاركنا رحلتنا الطويلة إلى.. فتح باب اللابشرية! " رفع البوفيسر يداه مبجلاً هامساً لنفسه و برفعه يداه إنكشف جسده من داخل ذاك الرداء الطويل، كان أنحل مما توقعه سابين و ربما .. أصغر. إلتفت الولدان في صدمة لتلقي ذالك الخبر نحو البروفيسور. ركض الصغير -بوند نحوه ليشد ردائه في اعتراض بينما تحدث الأكبر- مالڤن من دون أن يتحرك فمه؛ لكن باهتزاز بسيط بجلده و شفتيه مما أفزع سابي مجدداً: "... ساير (سيدي)، لا أستطيع إستنتاج الحكمة من هذا القرار. أطالب توضيحاً." ثبَت البروفيسور في مكانه للحظة على وقع سؤال الفتى، ثم ابتسم في إدراك نحو سابي الذي كان *يتقهقر (*يتراجع في إنسحاب) و تقدم نحوه ببطء. لحقه الصغير بوند متابعاً، سابي أكمل تراجعه و بدأت سرعته بالإزدياد " و لسوف تعلمون، أنتما. سيد سابين..؟ هل تُلمّح لي تغيير رأيك؟ "