Gypsy Of Paris

2K 110 783
                                    



في تِلكَ القاعَة يَجلِسُ أستقراطيوا القَومِ الفَرنسي
مُتكأينَ عَلى آرائِكَ مِن أجَود أنواعِ القِماش، مُنطربينَ سَمعاً بِألحانِ شَجية تَخرجُ مِن بين أضلُعِ العازِفِ وَ تَضرِب أفئدَتَهُم بِسحرِ وَقعِها

تَحكي لَهُم الأنغام واقِعَ مَدينَتِهُم، يُحرِكُ العازِفُ الغِرُ
أصابِعَهُ عَلى أوتارِ التشيللو وَ بِوَتيرةٍ بَطيئةَ لكِن قَوية يَضرِبُ الأوتارَ مِنَ الأسَفلِ.. فَكما يَضرِبُ الأوتار يَضرِبُ أفئذَتَهُم بِصوتِ التشيللو الحَزين

قَد تَحوي مَعزوفَتهُ عَلى أُمٍ تَبكي عَلى وَليدِها وَ قد
راحَت عَواصِفُ البَردِ تَسلِبُ مِن قوتهِ شَيئاً فَشيئَاً فَغدى واهِنَاً وَ لَم يبقى مِنَ اللَحمِ عَلى جَسدهِ ما يُصارِعُ بِهِ قَساوةَ الأيامِ اللاحِقة

قَد تَحوي مَعزوفَتهُ عَلى سَجينٍ يبكي بينَ جُدرانِ
السِجنِ يَشتُم القُضبانَ الحَديدية وَ يَلومُها يَصرُخُ بِها
بِكُل ما لَم يستطع أن يَنطُق بهِ أمامَ القاضي
'سَرقتُ لِأُطعِمَ أولادي الجياع فلا تَحبسني يا حَضرةَ
القاضي'

بالتشيللو، آلةُ الحُزن، كانَ يَقُصُ الحَكايا الكَئيبة
تَدمَعُ العيونُ لِـما تَحمِلهُ المَعزوفاتُ مِن جانِبِ مَقيت
جانِب أدارَ الأرستقراطيونَ وَ مَشعِرَ الطَبقةِ البُرجوازية ظَهرَهُم عَليه، إدَعوا إنَهُ لا شيءَ مِنَ الصِحة وَ إنَ كُل ما يَرونَهُ هوَ وَهمٌ وَ تَمَرُداتٌ مِن خَيال

عازِفُ التشيللو، لُـوي بونڨيير كانَ لَهُ الفَضل بِجَعلِ
تِلكَ العُيون ذاتِ الجيوبِ الثَقيلةِ بِالأموال تَدمَعُ، وَ على حالِ باريس تَنحَبُ

صَفقَ الجَميع مُكَففينَ الدُموع، وُضِعَت بَعضُ الأموال
في صُندُوق التَبَرُعات فَهذا ما قامَ عَليهِ الحَفل، قامَ عَلى أساسِ سَحبِ الأموال مِن جيوبِ المُنَعَمين بالتَرف الدنيَوي

أقامَ العازِفُ بِرَأسهِ بَشوشَاً بِوَجههِ إبتسامَةُ أمَلٌ وَ حَياة كَأنَهُ لَم يفتَعل مَجزرةََ بِمَشاعرِ الحاضرينَ قَبل بضع ثَوانٍ فَقط، إبتَسمَ بشفتيهِ مُستقبِلَاً وابِلَ التَصفيق وَ الثَناء ثُمَ شَرِعَ يُبعد آلةَ التشيللو الثَقيلة عَن نحرِ جَسدهِ وَ جَعلها تتكأ مُستريحةً بَعد أستنزافٍ
واضِح لأوتارِها

" سَيد بونڨيير، دَعني أُخبِرُكَ أنني سَأتوقَفُ عَن المَجيءِ لِحَفلاتِكَ قَبلَ أن أُفلِسَ وَ يَبهَتُ بَصري مِن ذَرفِ الدُموعِ عَلى مَقطوعاتِكَ الموسيقية" مازَحَ أحدُهم العازِفَ وَ قد كانَ أحدَ تُجار العُطورِ المَعروفينَ في باريس أن لَم يَكُن في فَرنسا بِأكمَلِها

Gypsy Of Paris || L.Sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن