محمد شاب يتيم الأم، ويعمل طبيب أسنان في أحد المستشفيات الحكومية، وفي يوم من أيام الإثنين يقوم محمد مفزوعًا على صوت عربة الإسعاف المفزع الطارق لأبواب الخوف في القلوب، فنظر من نافذة غرفته الشرقية فلم يجد أي عربة إسعاف فاختفى صوت عربة الإسعاف فجأة، فهدأ قلب محمد وبدأ شعور الهدوء واللامبالاة عنده بالتدفق في جسده، فذهب ليأخذ حمامه اليومي فإذا بضوء شديد البريق واللمعان يضرب عينه، فالتفت إلى مصدر هذا الضوء فإذا بسيارة الإسعاف تقف عند باب منزله الغربي وسيدة عجوز نائمة على سرير والناس متجمعون حولها، فأمعن النظر قليلًا فإذا بوالده واقف بجانب السيدة العجوز وهو ممسك بيدها، فأمعن الظر أكثر فاشتبه بالسيدة العجوز وكأنه يعرفها، فقرر النزول ليتأكد من هذه السيدة، فارتدى ملابسه بسرعة ويرتجف كأنه خارج من حمام ساخن في أيام الشتاء الباردة، نزل محمد وهو يتعثر على الدرج وكان من شدة خوفه يرى كل شيء بلون رمادي ويقول في نفسه: أيمكن أن تكون هي؟ ... هل هي جدتي؟ ... يا إلهي ... الرحمة منك أرجو ... إني لا أتحمل ذلك.
خرج محمد من المنزل وكلما اقترب أكثر ازدادت شكوكه نحو السيدة العجوز، وظل يقترب أكثر فأكثر حتى رأى ما لم يكن يطيق، إنها جدته، فظل يسأل الناس: ما الذي جرى؟ لقد كانت جيدة معي البارحة، أبي ... أبي ... ما بال جدتي؟ فرد عليه والده باكيًا: لا أعلم!
أخذتها سيارة الإسعاف إلى المستشفى وتبعها محمد وأبيه بسيارتهم الخاصة.
كان حسين يقود سيارته بسرعة ولكن لم يكن بكامل وعيه وكانت أمه تشغل كل تفكيره، وفجأة ... سمع صوت ابنه محمد ينادي بأعلى صوته: انتبه! ... انتبه!
وإذ بشاحنة كبيرة تصطدم بسيارتهم ... (صوت المكابح وزحف الإطارات على الأرض) ...
محمد ينزف ... فاقد للوعي ... تحته بركة دماء، وحسين ذراعه الأيسر مكسور ... تجمع الناس حولهما ... اتصل أحدهم بالإسعاف، ثم جاءت سيارة الإسعاف وأخذتهم لأقرب مستشفى، وعندما وصلوا أدخل محمد إلى غرفة العناية المركزة وأدخل حسين إلى تجبير الكسور، وقد صادف أن هذه المستشفى هي نفسها التي أخذت إليها السيدة العجوز، وبعد تجبير ذراع حسين نهض ليطمئن على ابنه محمد، وبينما هو في طريقه إلى غرفة العناية المركزة لمح ممرضة تغطي وجه سيدة عجوز ... فتوقف قليلًا عند باب غرفة السيدة العجوز مرددًا في داخله: أهي أمي أم سيدة تشبهها؟ ... أيمكن أن تكون هي؟ ... يا إلهي ... الرحمة منك أرجو ... أيمكن أن تكون أمي؟