خرجت الممرضة من الغرفة فسألها حسين بتلهف: من هذه السيدة؟ فردت عليه الممرضة بحزن: هذه سيدة تدعى رباب وهي والدة لرجل يدعى حسين، عندما سمع حسين هذا فرت دمعة ساخنة من عينه شعر وكأنها جمرة ملتهبة وكان يرى كل شيء من حوله رمادي، ولم تقدر رجليه على حمله فوقع على الأرض يبكي كالطفل، وبينما هو يبكي وهو يتذكر ذكرياته مع أمه حدث ما لم يكن في الحسبان ... صوتًا ينادي من بعيد: حسين ... حسين، فالتفت ... فإذا بأمه آتية نحوه، فمسح دموعه ونهض بسرعة والفرحة تملأ عينه، فجرى نحو أمه واحتضنها بقوة، وكان يقول في نفسه: ولكن كيف؟ فسأل حسين الممرضة: لماذا قلتِ لي أن هذه السيدة المتوفية هي أمي رباب أم حسين؟ فقالت: لقد قلت رباب أم حسن وليس حسين!
كان حسين قد سمع الممرضة تقول حسين وليس حسن وذلك بسبب أنه لم يكن بكامل وعيه بسبب الصدمات التي تعرض لها هذا اليوم.
سألت رباب ابنها حسين: أين محمد؟ فرد قائلًا: محمد! ... لقد نسيت ... إنه بالعناية المركزة ... هيا بنا يا أمي لنذهب ونطمئن عليه، فقالت ما الذي جرى له؟ ونظرت إلى ذراعه المُجَبَّر وقالت: وما الذي حدث لذراعك أيضًا؟ فقال: لاحقًا سأخبركي.
ذهب حسين ووالدته إلى غرفة العناية المركزة فوجدا محمد تحت أجهزة التنفس وهو فاقد للوعي، فسألا الطبيب عن حالته، فقال لهما: لقد أُدخل محمد غرفة العمليات وقد قمنا بما هو علينا وهو الآن تحت تأثير المخدر والآن هو بين يدي الله ... ادع الله أن يشفيه ويعجل بشفائه.
أخبر حسين والدته بما جرى لهما وأخبرته أن ما كانت عندها هي غيبوبة سكر، وبعدها ظل حسين ورباب مع محمد في الغرفة يدعيا له وينتظرا فرج الله.
جاء اليوم التالي ...
كانت رباب نائمة على السرير المجاور لسرير محمد، وحسين جالس بجانب محمد وممسكًا بيده، وفجأة ... أحس حسين بيد محمد تشد على يده، فاستيقظ حسين فوجد أن محمدًا قد أفاق، فأيقظ حسين والدته وقال لها أن محمدًا قد أفاق، فرح حسين ورباب بذلك الخبر السعيد، وفجأة ... دخلت عليهم فتاة في غاية الجمال ومعها باقة زهور، ألقت السلام وقالت: كيف حالك يا محمد؟ فرد محمد عليها السلام وقال: أنا بخير والحمد لله، فقال حسين: من هذه يا محمد؟ فرد محمد: لا أعلم! فقالت الفتاة: أنا إسراء التي اتصلت بالإسعاف ليلة البارحة وقت الحادث، فقال محمد أشكرك شكرًا جزيلًا ... لقد أنقذت حياتي، فردت: لا شكر على واجب ... أي شخص مكاني كان سيفعل ذلك.