اتصل على "همسة":
ـ مرحبا.
ـ "همسة"، أتت رسالة إلي الآن من رقم مجهول، رسالة غريبة جداً.
ـ ماذا بها؟
تذكر كلمات الرسالة فقرر عدم مصارحتها بالمكتوب بداخلها الآن.
ـ سأخبرك عندما أراكِ، أريد رؤيتك غداً.
ـ ماذا حدث يا "أمير"؟ جعلتني أشعر بالقلق.
ـ غداً نلتقي بإذن الله.
ـ متى؟
ـ في العاشرة صباحاً.
ـ موافقة.
ـ تصبحين على خير.
ـ وأنت من أهله.
في صباح اليوم التالي، استيقظ أمير على صوت والدته تقول:
ـ "هشام" ينتظرك في الخارج.
ـ اجعليه يدخل هنا يا أمي.
خرجت والدته ونظرت إلى هشام قائلة:
ـ تفضل يا بني.
دخل "هشام" الغرفة وجلس بجانب صديقه وهو يقول:
ـ هل دفنتني أنا أيضاً مع "هاني"؟
ـ لماذا تقول هذا الكلام؟
ـ لم ترد على اتصالي ولا تسأل علي، ماذا فعلت لك؟
نظر "أمير" إلى ساعة هاتفه وجدها التاسعة صباحاً، وضع الهاتف بجانبه و نهض قائلاً:
ـ سأذهب لغسل وجهي وأجلب العصير لنا وأعود إليك.
ـ تفضل.
دقائق وعاد إليه وهو يقول:
ـ هل تأخرت عليك؟
ـ لا
وضع الصينية على السرير بجانبه وجلس في الاتجاه الآخر قائلاً:
ـ سامحني يا صديقي ولا تلوم علي في هذه الفترة، وجع قلبي على "هاني" يتحكم في أفعالي.
ـ ولكن أنا أيضاً موجوع، أحتاجك بجانبي.
ـ سامحني، أنا ابتعدت عن الجميع هذه الفترة.
رن هاتفه، نظر إليه ثم قال.
ـ لدي موعد ضروري جداً.
ـ معنى كلامك إنك تلتقي بالآخرين ولكن مشكلتك معي.
قالها ثم نهض وذهب وسط هدوء تام من "أمير"، وبعد نصف ساعة، ذهب أمير إلى "همسة" التي تنتظره كاليوم السابق، جلس بجانبها وقالت له:
ـ كيف حالك اليوم؟
ـ أزداد سوءًا.
بدأت القيادة قائلة:
ـ ماذا حدث؟
قالتها ثم قدمت يدها له و أكملت:
ـ أعطني هاتفك، أريد رؤية الرسالة.
أعطاها الهاتف ثم قال:
ـ الرقم السري أربعة خمسات.
أخذت الهاتف وفتحته ثم قالت:
ـ تمام..... أين الرسالة؟
ـ الرسالة الأولى.
ـ الرسالة الأولى من الشركة، لا يوجد رسائل من رقم مجهول؟!
نظر إليها متعجباً قائلاً
ـ كيف، أعطني الهاتف.
أخذ الهاتف ثم قال:
ـ تم حذف الرسالة! كيف ومن الذي حذفها؟
ـ هذا الشيء أنت فقط الذي تعلمه.
ـ أنا لا أعلم ماذا يحدث.
ـ من يأخذ هاتفك؟
ـ لا يوجد أحد يستخدم هاتفي غيري، لحظة... "هشام".
نظرت إليه سريعاً ثم عادت لتركز في القيادة وهي تقول
ـ أهو الذي حذف الرسالة؟
ـ نعم، ولكن لماذا؟
ـ لا أعلم ولكن يوجد شيء آخر غريب جداً.
ـ ما هو؟
ـ يوجد شخص يراقبني.
ـ كيف ومن؟
ـ رجل لا أعرفه.
ـ ماذا فعلتِ ليراقبك هذا الشخص؟
ـ لا أعلم حقاً لماذا يراقبني ولكني رأيته أكثر من مرة يسير خلفي.
وضع يده على رأسه وهو يقول:
ـ ماذا يحدث؟ ما هذه الدوامة؟
أمسكت يده بيدها الأخرى وهي تقود ثم قالت:
ـ الشيء الجميل وسط هذه الدوامة هو أنت، أنت إنسان يدخل القلب من أول مرة لرؤيته.
سارت قشعريرة في جسده، ازدادت نبضات قلبه، قال بلسان متلعثم:
ـ أ.. أنا لا أعلم ماذا أقول.
ـ قل ما بداخلك الآن.
ـ ما بداخلي صعب قوله حالياً، أنا بالنسبـ..
قطعت كلامة قائلة:
ـ يجب أن نعود.
ـ ماذا حدث؟ "همسة"... "همسة"
ظلت صامتة حتى وصولها إلى منزله
ـ انزل
ـ أريد أن أفهم، ماذا حدث؟ هل تذكرتِ "كريم" مرة أخرى.
ـ أنزل، سأحدثك في الهاتف.
قالتها وعيناها تشتعلان غضباً مما جعله يقول
ـ حسنا.
نزل حائراً، لا يعلم لماذا تتعامل معه هكذا، هل صدمتها لسبب مقتل خطيبها جعلتها خائفة من التقرب لآخر، أو ترى أنه ليس لائقًا التقرب لآخر بعد وفاة حبيبها بأشهر، في الحالتين حقها ولكنها بهذه الطريقة سيكون ابتعادها عنه أمر واقع.
دخل إلى غرفته وبدأ في تغيير ثيابه، سمع صوت هاتفه أخرجه من جيبه قائلاً:
ـ ماذا حدث؟
أتاه صوت "همسة" باكيا تقول.
ـ وجدت الناس ينظرون إلينا بتعجب، بالتأكيد يقولون حقاً "همسة" قاتلة والدليل بدء ممارسة حياتها الطبيعية كالسابق بعد أشهر من وفاة خطيبها.
ـ كيف يا "همسة" لاحظتِ هذا من داخل السيارة؟
ـ كل من يمر بسيارة أو على قدميه ينظر إلينا بتعجب، ألم تلاحظ هذا؟
صمت قليلاً يفكر يصارحها بملاحظته أم يستمر في الكذب، ولكنه قال.
ـ لاحظت نظرات الناس الغريبة ولكن ماذا يريدون؟ يريدونك تموتين بالحياة.
ـ لا أعلم، سامحني سأبتعد عن الخروج معك، سأسمح فقط بمحادثتنا هاتفيًا.
تنهد بضيق ثم قال
ـ إذا كان هذا الشيء سيجعلك ترتاحين، أنا لا أريد غير اطمئنانك وراحتك، أنا معك حتى لو هاتفيا فقط.
ـ سأتركك حاليا وأتصل بك في وقت لاحق.
ـ تفضلي، سلام.
ـ سلام.
أغلق الهاتف وأتى إليه رسالة أخرى في الحال.
( لحظات مؤلمة، ثياب سوداء، عزاء، انتظر)
أحس بقشعريرة بداخله، وانقباضه في قلبه، وبدأ يفكر.. معنى هذا الكلام إنه يتحدث عن وفاة أحد، ولكن من؟! هل هذا الإنسان يريد قتلي، أم يريد قتل "همسة"؟
الرسالة من الرقم ذاته، حاول الاتصال به ولكن الهاتف مغلق!
*****
بعد مرور أسبوع
"همسة" أمام الشرفة، تنظر إلى الناس يميناً ويساراً، تشعر بانقباض قلبها ولكن لا تعلم السبب، لاحظت شابا يقف أمام منزلها للمرة الثالثة، ينظر إلى المنزل وإليها نظرة غريبة، ظلت تنظر إليه حتى سمعت والدتها تقول:
ـ "همسة"
ـ نعم يا أمي؟
ـ أريد التحدث معك
ـ حاضر
دخلت مع والدتها إلى غرفتها قائلة:
ـ ماذا حدث يا أمي؟
ـ إلى متى ستنظرين إلى الناس من شرفتك فقط؟ متى ستخرجين وتعود حياتك السابقة؟
ـ إلى أين أذهب يا أمي ومع من أتعامل؟ مع الذين يرون أنني قاتلة
ـ يا فتاتي، الناس دائماً تتحدث ووضعك هذا ليس حلا لكلامهم، أنا حزينة جداً، أنتِ تعلمين لا يوجد لي أحد في هذه الحياه غيرك، والدك ووالداي توفوا و لم يتبق لي غيرك، أخاف عليكِ أكثر من حالي، لا توجعيني فيكِ يا ابنتي وعودِي إلى حياتك كالسابق، وأنتِ قُلتِ من قبل إنك لست حزينة على "كريم".
ـ حقاً يا أمي لست حزينة ولكني خائفة من مواجهة العالم.
ـ المذنب فقط الذي يخاف.
قالتها ثم ابتسمت و أكملت:
ـ ستخرجين حالا وتذهبين إلى إحدى صديقاتك.
ـ حاضر يا حبيبتي، إذا كنت سترتاحين هكذا، حاضر.
نفذت رغبة والدتها وخرجت إلى صديقتها وبعد مرور ثلاثة ساعات عادت.
دماء على جميع أنحاء أرض الصالة و في الوسط والدة "همسة" مطعونة عدة طعنات قتيلة، وقفت أمام جثة أمها بذهول، دموع عينيها تنهمر وتعابير وجهها جامدة، صدمتها قوية، الوجع يكوي قلبها، بعد دقائق بدأت صرخاتها المتتالية، حتى سقطت أرضًا فاقدة للوعي.
***
#يتبع
بقلم فيروز عبد العزيز
أنت تقرأ
همسة أمير
Short Storyعلاقة حب غامضة يحاوطها الدم، إنسان يقتل بين الحين والآخر وقلب يتمزق قهراً على عزيز له بين التراب والحب في منتصف كل هذا تائهاً يريد معرفة الطريق الصحيح لاستقراره ولكنه يتخبط بين كل خطوة يخطوها.