البارت 23 الاخيرر الجزء الاول

734 14 0
                                    

زمرد
الجزء الثالث والعشرون والأخير... الجزء طويل ويحوي الكثير من التفاصيل ويناقش الكثير من الاحداث لذلك قسمته الى جزئين ...قراءة ممتعة
بعد أن تم التعارف بين سلطان وضابط التحقيق رأفت الذي سحب كرسياً وجلس قرب السرير ثم بدأ بطرح أسئلة بصورة تلقائية بسيطة محاولاً أن يسبر أغوار سلطان الذي بدى جاهلاً بما يدور حوله فقال رأفت: هل لديك فكرة عن أصدقاء ل زمرد أو أشخاص مقربين لها قد تلجأ لهم أو تحاول أن تحتمي بهم؟) حدق سلطان بعدم فهم ثم عاد ينظر الى رأفت وقال: زمرد لم يسبق لها أن حظيت بأصدقاء!.. هذا على حد علمي, ثم تحاول الاحتماء من ماذا بالضبط؟! ألا ترى حالي الآن؟!... هي من فعلت هذا بيّ!.. هي أطلقت عليّ النار فأصابتني برصاصتين في صدري! كنتُ على وشك الموت بسببها!... لكن وعلى الرغم من هذا فقد سامحتُها وقررتُ تناسي ما فعلته بيّ, حتى عندما سمعتُ أن إبن عمتي سيتزوجها فرحتُ لأجلهما وقررتُ حضور حفل الزفاف ومباركة زواجهما, لذلك لا يوجد سبب معقول لهروبها! فلماذا هربت وأين هي الآن؟!...) ظل رأفت صامتاً يُسدد نظرات دقيقة فاحصة صوب سلطان إلا أنه لم يجد على ملامحه أثر للكذب أو التلاعب والخداع, ففكر أما سلطان صادق أو أنه ممثل بارع, في تلك الأثناء كان حسان واقفاً خلف الباب يستمع وقد ضاق ذرعاً بما سمعه ولم يستطع الاحتمال أكثر فدخل الغرفة يتبعه الجد الذي بدى بدوره حائراً يجهل ما يفعل لكن لم يساوره الشك بكلام سلطان ومدى صدقه فقال حسان: هل تتوقع منّا أن نصدق كلامك الفارغ هذا؟!) القى رأفت نظرة نحو حسان وهو يقول: لو سمحت, أنا أطرح الأسئلة هنا..) أعاد حسان نظره نحو سلطان الذي كان ينظر له بصمت مطبق وعينين داكنتين فقال حسان: وجميعنا بأنتظار الجواب!) عاد رأفت ينظر نحو سلطان فقال: هل تعلم أحد ممكن أن يكون له غرض أو فائدة من خطف زمرد؟!) شحب وجه سلطان وضاقت عيناه بشك وقلق فقال: نحن نتحدث عن هروبها فمِن أين ظهر موضوع إختطافها؟!) ظل رأفت ينظر له بينما دارت عينا سلطان بين جده وحسان فقال سلطان بصوت مرتبك يخاطبهما: أين زمرد؟! ولماذا نحن الآن نتحدث عن أحتمالية خطفها؟!.. هل تم خطف زمرد وأنتم تخفون الأمر عني؟!...) فصرخ بهم بصوته المدوي الذي وصل الى نهاية ممر المشفى: أخبروني!!!...). بينما كان الجد يتحدث مع سلطان بصوت خفيض يحاول طمأنته لتهوين الأمر عليه خرج الضابط رأفت وحسان يتبعه وهو يقول بتأكيد: أنه كاذب! وهو اختطف زمرد وهو يعلم جيداً أين هي!...) كان الضابط رأفت يفكر ثم قال بعد قليل: هذا إحتمالٌ قائم لكن إذا كان صحيحاً ففي هذه الحالة يجب أن ندفع سلطان الى الاعتراف بمكانها لأننا لا نستطيع أن نستخرج الكلام عنوةً من فمه) قال حسان بسخرية وتهكم بصوت يشوبه المرار: وكيف سنفعل هذا؟!). بعد ان عمل الطبيب على تغيير ضماد جرح سلطان وأوصاه بالراحة التامة, استلقى سلطان على سريره متعباً, متجهم الوجه, يشعر بالضيق والأختناق لأضطراره البقاء بين جدران المشفى حتى الاطمئنان على ألتئام الجرح وشفائه التام, غاص رأسه وسط الوسادة ثم أغمض عينيه إستعداداً للنوم إلا أنه سمع صوت فتح الباب بهدوء, فألقى نظرة نحو الباب فكان حسان يغلق الباب ثم يقف قرب سريره, تبادل الأثنان النظرات بصمت حتى بدى كأنهما بأنتظار حصول أمر ما او ربما بأنتظار الانقضاض على بعضهما, لكن هذا لم يحصل فبادر سلطان الى السؤال مباشرةً ليحسم الأمر: ما الذي تريده حسان؟!) فقال حسان: فقط أخبرني بمكان زمرد..) أجاب سلطان بأختصار: ومن قال أنني أعلم أين هي؟!) أجاب حسان: إذا كنتَ لا تعلم أين هي فهل كنتَ ستنام بأرتياح مطمئن البال بهذا الشكل؟!!!...) رفع سلطان حاجبيه مستنكراً ما سمعه فقال بأستغراب: ومَن قال أنني مرتاح مطمئن البال؟!.. ألا ترى حالي؟!.. أنا راقد في المشفى منذ أيام لا أقوى على مغادرة السرير!.. هل ستحسدني يا حسان على ما أصابني؟!... ثم مَن فعل هذا بيّ؟! من غير زمرد؟! والسبب الرئيسي في هذا كله هو انت!.. ما كان يجب ان تضع المسدس امامها, ثم ماذا حدث: هي أطلقت النار عليّ ثم جدي تبرأ منها ثم رحلت هي الى غير رجعة!!...) قال حسان بصوت خفيض متألم: لا تقل هذا الكلام!!...) نظر سلطان نحوه وهو ينوي الحديث معه بصراحة: هذه الحقيقة يا حسان.. هذه حقيقة ما حصل, زمرد رحلت لأنها شعرت بالخيبة والأحباط منّا جميعاً!.. جميعنا بلا أستثناء خذلناها وخيّبنا ظنها بنا!..) فقال حسان بمرارة: تحدث عن نفسك! لا تشملني أنا معكم, انت وجدي خيبتما ظنها! أما أنا فلا!...) زمّ سلطان على شفتيه كأنه يُعاتب حسان ثم قال: هل تذكر آخر مرة تحدثتما بها على الهاتف عندما اتصلت بك؟! ماذا اخبرتك؟! ويا تُرى لماذا بدوت مستاءاً بعد أن أنهت المكالمة معك؟!... حاول أن تتذكر, هل اخبرتك بمكانها؟! هل طلبت منك أن تأتي لحمايتها؟!.. لم تطلب ذلك منك, صح؟!.. هذا يعني أنها فقدت الأمل منك.. وهذا يعني أيضاً أنك بالنسبة لها لستَ أفضل منّا أنا وجدي) لاحظ حسان نظرة المكر والخبث التي ألتمعت في عيني سلطان وهو يقول الكلمات الاخيرة فهز حسان رأسه بيأس وأستسلام وهو يقول: لماذا كل هذا يا سلطان؟! ماذا فعلنا لك أنا وزمرد كي تجاهد انتَ كل هذا الجهاد لتفريقنا عن بعض؟!!..) أرخى سلطان رأسه وسط الوسادة بأرتياح وهو يقول مبتسماً بأستهزاء: تفريق الأحباب أليس كذلك؟!.. سلطان أصبح الآن الشيطان الماكر الذي فرّق الحبيبَين كي لا ينفردا ببعضهما بينما يبقى هو واقفاً في الوسط حائراً هائماً على وجهه, أليس هذا ما تقصده يا قريبي العزيز؟!..) ظل حسان صامتاً ينظر الى سلطان الذي بدى ان النوم يداعب جفونه فحوّل سلطان انظاره من سقف الغرفة الى حسان وقال بأقتضاب كي يُنهي الحديث: حسان, زمرد رحلت الى غير رجعة حاول ان تتقبل هذه الحقيقة, ثم انها بالغة بما يكفي كي تختار طريقها في هذه الحياة وتقرر مصيرها بنفسها, ومَن يدري ربما هي الآن في هذه اللحظة مع أشخاص تحبهم ويحبونها! ربما وجدت المكان الذي تنعم فيه روحها بالراحة والأمان... أينما كانت؛ أنا متأكد أنها أفضل حالاً ممّا كانت عليه معنا) ظل سلطان ينظر الى حسان ينتظر رده, بينما حسان كان يشعر بالخواء داخله, شعر كأن روحه احترقت فلَم يتبقَ منها سوى الرماد, كان الضياع بادياً على وجهه وهيأته فقال حسان كمحاولة أخيرة بصوتٍ حزين: ماذا لو اخبرتكَ أننا وجدنا زمرد واسترجعناها من حيث كنتَ تُخبأها, فماذا ستفعل حينها؟!) ظل سلطان ينظر الى حسان وفي تلك اللحظة شعر بالشفقة لأجله وصدّق أن حسان بحق يفتقد زمرد ويتوق الى الاطمئنان عليها, وتأكد أن حسان سيُعاني كثيراً بسبب فقدانه ل زمرد, فقال سلطان بعد برهة من الصمت: لن أفعل شيئاً, لأنني ببساطة لا أعلم مكان زمرد ولستُ مسؤولاً عن أختفائها, أما إذا كانت فعلاً قد تم خطفها فأنا لا يدّ لي في الموضوع؛ فكيف لي أن أختطف أحدهم وأنا لا أقوى حتى على مغادرة السرير!..) أغمض سلطان عينيه بتعب وهو يقول: أذهب حسان!.. أذهب الآن وأبحث عن زمرد بعيداً عنيّ!...) خرج حسان من الغرفة واغلق الباب خلفه يطويه الحزن والخيبة بينما استقبله جده وهو يطمئنه: لا تقلق يا بنيّ, الضابط رأفت وعدني بمتابعة التحقيق والبحث عن زمرد وسنجدها قريباً أنا متأكد من ذلك لا تقلق!!) ترك حسان جده حتى بدى كأنه لم ينتبه لوجوده ولم يسمع كلامه وسار مبتعداً وقد سالت الدموع على وجهه المتجهم الحزين.
مضت خمسةُ أيامٍ اخرى أستعاد خلالها سلطان صحته وقوته وفي تلك الأثناء كان حسان مستمراً بالبحث عن زمرد, كان أحياناً يمر على محل الورود كي يُسلم على السيدة ريحانة وزوجها وهما حزينان يتآكلهما القلق لأجل زمرد, فكانت السيدة ريحانة ما إن تراه يتوقف بالسيارة امام المحل تخرج مسرعة إليه مستبشرة علّها تسمع ما تود سماعه ألا وهو: عثرنا على زمرد وهي سليمة مُعافاة... لكن هذا لم يحصل وعندها كانت السيدة ريحانة تلوذُ بالصمت وتنسحب عائدة الى داخل محلها وأحياناً أخرى تذرف الدموع بينما يحاول زوجها أن يبدو متماسكاً غير مبالٍ ثم سرعان ما ينضم لها الى الداخل فيعمل على تحضير كوب من الشاي الساخن لها لتهدئتها, أما حسان فكان بعد أن يتحدث معهما قليلاً لمواساتهما ومواساة نفسه أيضاً؛ كان يتجه الى داخل المقبرة صوب قبر والديها, وكثيراً ما داعبت خياله رؤية جميلة ألا وهي زمرد واقفة أمام القبرين وهي تحمل الأزهار بين يديها فتنتبه لقدوم حسان وهي مبتسمة له, لكن خيبات الامل التي أصابته أصبحت لا تُعدّ ولا شفاء منها, ففي كل مرة يصل الى القبرين بلهفة ثم يجد ما حولهما خالياً لا حياة فيه. في مساء ذلك اليوم قرر حسان الذهاب الى بيت جده ليطلب الصعود الى غرفة زمرد ليتفحصها علّه يجد ما يمكن أن يساعده في بحثه عنها, ما إن وصل تفاجأ بمظاهر الفرح والسرور البادية على أرجاء البيت من الداخل الى الخارج, كان الضيوف قد ملؤا البيت حتى علَت أصواتهم بالضحك والغناء والتصفيق وتبادل الترحيب والتبريكات, استغرب حسان الأمر, فشق طريقه عبر الحاضرين وأنسحب بهدوء وخفة الى الطابق العلوي حيث غرفة زمرد, أدار المقبض وفتح الباب وهو يلقي نظرة سريعة في أرجاء الغرفة, فأسرع متجهاً الى السرير وقد أخبرته زمرد في ما مضى انها اعتادت الأحتفاظ بكل ما يحضره لها تحت السرير, أنحنى حسان ورفع الغطاء فحدق بدون فهم لأن أسفل السرير كان خالياً, أعتدل وهو يسمع صوتاً مرتبكاً خلفه فأستدار ينظر فكانت سناء, تحمل صينية ذهبية تحوي اكواب من الكرستال وهي تقول بأرتباك: ماذا تفعل هنا؟! مِن دون الاماكن كلها أخترت هذا المكان بالذات! ستحلُ مصيبة بنا جميعاً!! يجب ان تغادر فوراً!!...) لكنه لم يبالي بكلامها فقال يسأل: أين أختفت أغراض زمرد؟!) فأجابت سناء مسرعة: أنا لا اعرف اي شيء! ثم ان السيد سلطان أمرني بترك المكان كما هو وان لا احرّك أي شيء من مكانه كي يبقى على حاله كما تركته الآنسة زمرد آخر مرة قبل ان ترحل) فتحرك خطوة وهو يدقق النظر بها بينما شعرت هي بالأرتباك فقال: ما سبب الأحتفال هنا؟ هااا ما الذي يحدث؟!) فأجابت سناء بأستغراب: هل يُعقل ان احداً لم يخبرك بالأمر؟! اليوم حفل زفاف عادل ومراد على الآنستين ريا وجنى!! هل يُعقل أنك لا تعلم!...) حدق حسان بذهول وضاقت عيناه قليلاً وهو يحاول إستيعاب الامر وفي تلك الأثناء أرتجفت سناء وضغطت راحتي يديها حيث كانت ممسكة بمقابض الصينية, قرأ حسان الخوف على وجهها وهو يسمع وقع خطوات ثقيلة تقترب وقد عرف صاحبها, اقترب اكثر فظهر سلطان وهو يسدد نظرات قاتمة صامتة نحو سناء التي اخفضت نظرها بخوف هي تتمسك بالصينية بين يديها فقال وهو يحول انظاره الداكنة منها الى حسان: تابعي عملكِ) سمعها حسان وهي تقول: حاضر!) وتسرع بالانصراف.... التكملة في الجزء القادم

زمردحيث تعيش القصص. اكتشف الآن