المائدة

192 13 7
                                    

كان المكان غريبا قليلا ظل يقول مسؤل التحقيق أنها خوارق فلا يمكن نحر رقبة رجل بهذه الضخامة بشظية خشبية  من الوريد للوريد ، بيد أنني شخص لا يكثرت للخرافة أو بالأحرى أوهام الناس العادين فلطالما كانت الخيالات مهرب البشر من الحقائق التي يعسر عليهم إدراكها بقدراتهم العقلية البسيطة ، كما أني شاهدت الرعب في عينيه كان مسؤل التحقيق مذعورا لهول شكل المكان كل الفوضى والدماء التي تزين الحائط الخشبي حتى أن جثة الرجل كانت ترقد في سلام أكثر مما يحيى عليه ذلك الغبي أمامي ، لقد تقيئ مرتين وطلب مني عدم ذكر هذا في مذكرة التفتيش الأحمق خرق كل قوانين مسرح الجريمة في اقل من خمس دقائق ... آه نسيت تعريف ذاتي أنا آدم تحري مستجد في قسم الشرطة الجنائية أو هذا ما كنت عليه حينها أما عن ما سأقدم على سرده في المذكرة السوداء بين يدي والتي لونها وردي (إلا انني اسميها سوداء لأضيف هيبة عليها ) فهو من أغرب ما عشته في بداياتي .

في تلك الليلة الديسمبرية على قمة جبل داخل كوخ خشبي منعزل عن المدينة كان الهدوء يخيم على المائدة الخماسية بينما تتصاعد أنفاس الجميع المحيطين بها و يتسلل برد الشتاء بين فجوات مقاعدهم حتى يقتربون من بعضهم أكثر ، فبدت نبضات أفئدتهم كنبضة واحدة توحدت وانسجمت وأخيرا وصل واهِب في جو ناعم يملئه الحب
في هذه الأثناء قام الجميع بوصل أيديهم في حلقة تدور حول المائدة فبدى وكأنها جلسة دعاء .
فلنشكر الرب على هذه المائدة ، فلنشكره على شملنا ولنسأله دوام  دفئنا آمين . رددت ماري الزوجة الفاتنة والولدان  قبل أن يشرع الجميع في الأكل .

أما الجالس على رأس المائدة الأسمر ذو اللحية الكثيفة بنية اللون و العينان الزرقاوان اللتان تسخران من البحر في زرقته ، وقامة فارعة مع جسد عريض المنكبين أهداه له قطع الحطب و نمط العيش الصعب على ذلك الجبل فهو رب هذه الاسرة الجميلة .
إلا أنه خلف كل تلك القوة يصاب واهب من آن لآخر بنوبات صرع مزعجة تقلق زوجته ماري عليه ما يدفعها لحثه كل مرة على زيارة طبيب لكنه يأبى الإنصياع لها دوما .
إنتهى العشاء وحمل واهب الأولاد على كتفيه صعودا للغرفة لإستعداد للنوم ، فيحين تجمع ماري الصحون كانت ملامحها المتعبة تحدث الكثير عن صعوبة الحياة التي تخوضها مع كل تلك التجاعيد على وجهها لم يختفي جمالها بل زادتها  سحرا وضعت آخر صحن في الغسالة ثبتت إحدى خلصلاتها الذهبية المنسدلة على وجهها إلى خلف أذنها ، لتتفاجأ بيد خشنة تحيط بخصرها النحيل ساحبة إياه إليه ، ماكان منها إلا ان تستدير مستسلمة لقوته إبتسمت بعد أن لثم واهب ثغرها كاشفة عن ضاحكين ينافسين جسدها بل القمر في سطوعه ، وسط كل ذلك البرد في ذلك الكوخ الجبلي كان الحب هو كل ما يدفئ المكان .
-ألن تخرج اليوم لتأتي بالقليل من الحطب لندفئ المكان !
- كلا لدي خطط أفضل لتدفأته اليوم .
أمسك بيدها وصعدا الدرج معا إرتمت ماري على السرير محدقة بعينين فحميتين خلابتين إليه ريثما يخلص ذلك الجسد من قيود ملابسه حالما إنتهى إبتسم لها وإرتمى على الأرض الخشبية ، كانت تلك إحدى نوبات لعنة الصرع التي تختم جسده كانت عيناه تبيضان ويرتعش جفناه وسائر جسده كمن أصابه الشيطان بمس ظل مرتميا يتخبط  يصارع ذاته لتسارع زوجثه في الجثوم على صدره ككل مرة لتخفف من ارتعاشع خشية أن يؤذي نفسه، إلى زوال النوبة إلا أنها هذه المرة كانت أشد حتى انه دفع ماري من عليه لتقع ويرتطم رأسها بمقدمة السرير ، هنيهات وصعد الأولاد مذعورين وإشتد بكاؤهما لما شاهدا رأس والدتهما يقطر دما بينما يرقد واهب مغشيا عليه منهك القوى .

Epilepsy -الصرع حيث تعيش القصص. اكتشف الآن