داعبت النسمات الناعمة شعر "ياسمين" , كانت ملامحها الهادئة الساكنة تشير الى استغراقها فى النوم فلم تسمع والدتها "سمية" وهي تفتح نافذة حجرتها التي تسللت منها تلك النسمات فأخذت تداعب شعيراتها السوداء المتساقطة على جبينها فى رقة , اقتربت الأم من فراشها ونادتها بنبرة حانية:
- "ياسمين" .. "ياسمين" قومى يا بنتى أبوكى نزل
تململت "ياسمين" في فراشها وفتحت عينيها في بطء وارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها ونظرت الى أمها قائلة :- ماما ... صباح الخير يا ست الكل
- صباح الفل يا حبيبتى .. قومى أبوكى نزل يصلي الجمعة .. بلا عشان نشوف اللى ورانا
أزاحت "ياسمين" الغطاء الذى تدثرت به ونهضت فى تكاسل وطبعت قبلة على وجنتة أمها
- حاضر يا قمر .. هدخل الحمام وآجي أشوف هنعمل ايه
- أنا هدخل المطبخ أبدأ في تحضير الغدا وانتى يا حبيبتى عليكي التنضيف زى كل جمعة .. يلا شهلى أوام قبل ما أبوكى يرجع .. انتى عارفه ما بيحبش يرجع يلاقي البيت مكركبنظرت "ياسمين" الى الفراش الفارغ الموجود بجوار فراشها والتفتت الى أمها قائلة :
- أمال فين "ريهام" ؟
- نزلت تجيب شوية طلبات .. أنا عارفة اتأخرت ليه
دخلت "ياسمين" الحمام وتوضأت وصلت ركعتي الضحى وشرعت فى مساعدة والدتها فيما اعتادت أن تقوم به من أعمال.كانت "ياسمين" ابنة لأسرة متوسطة الحال أو أقل من المتوسطة بقليل , من تلك الأسر التي نقول عنها (عايشين مستورين) , والدها موظف على المعاش لا يملكون من حطام الدنيا إلا هذا البيت الذى يأويهم والذى يقع فى أحد الأحياء البسيطة ب
القاهرة , أمها من تلكم الأمهات اللاتي تراهن فى معظم البيوت المصرية من هذه الطبقة , سيدة طيبة لم تنل حظها من التعليم لكنها تراعي ربها فى بيتها وزوجها وبناتها على أكمل وجه , سيدة حانية تجمع بين الطيبة والبساطة , لدى "ياسمين" شقيقة واحدة تصغرها بـ 4 أعوام تدرس فى السنة الأخيرة بكلية تجارة جامعة عين شمس .أما "ياسمين" فكانت في ال السادسة والعشرون من عمرها طبيبة بيطرية لا تعمل منذ أن تخرجت , نجحت البنتان فى نيل حظ وافر من التعليم , فكان هذا هو ما يطمح اليه والدهما الذى يفتخر بهما كلما اجتمع بأصدقائه على المقهى الذى يجلس عليه عادةَ , كم يشعر بالفخر لأنه بالرغم من مستواه المتواضع إلا أنه لديه ابنتان كانتا سبب فخره دائماً ليس بتعليمهما فحسب بل بأدبهما وأخلاقهما وتربيتهما أيضاَ .
رن جرس الباب فنظرت "ياسمين" من العين السحرية ثم فتحت الباب لأختها "ريهام"
- طبعا "ريهام" هانم هربانه على الصبح من شغل البيت
- يا باي على الظلم .. كنت بجيب حاجات ماما طلباها
- طيب , يلا يا حلوة شوفى ماما فى المطبخ ساعديها
- من غير ما تقولى كنت داخللها
كانت "ياسمين" و "ريهام" على وفاق دائماً ويحبان مشاكسة بعضهما البعض والمزاح والضحك وساعد على ذلك تقارب سنهما.
أنت تقرأ
مزرعة الدموع للكاتبة (منى سلامة)
Roman d'amourرواية مزرعة الدموع للكتابة: منى سلامة "بنوتة أسمرة" 💙