دواء للأمراض كلهاالصلاة علاج الأمراض المُعضلة، دواءٌ للأمراض كلها. ماذا تفعل الصلاة
إنها تقطع طمعَك في الدنيا وتجعله في الله.
هل يوافق الإخوة على أن الصلاة تفعل هذا؟
أم عليَّ أن أوضّح كيف نصلّي كي تفعل الصلاة هذا
أوضّح.. إذن لا توافقونني على أنّ الصلاة تفعل هذا.
آية الله بهجت(ره) عنده الحل، وهو كيف نصلي كي تفعل الصلاة هذا؟
ـ شيخنا، إذا كنتَ تقصد الصلاة بحضور القلب؟ فلسنا من هذا الصنف من العرفاء كي تحدّثنا بهذه الأمور.
ـ كلا أبداً، فأنا أيضاً لست من هذا الصنف من العرفاء.
ـ وإنْ كنت تعني الصلاة بآدابها الكاملة ومستحبّاتها مع إضافة أصناف "التوابل!" فلا وقت لدينا لهذا ولا نستطيع أن نبذل لله كل هذه التضحية!
كيف يجب أن تكون الصلاة لنجني منها أفضل الثمار؟
أفضل الثمار.. بل كل ما تطلبه من الصلاة من ثمار؟
أن تصلّيها أوّل الوقت.
سُئل الشيخ بهجت(ره): أول الوقت يعني مع حضور القلب؟
أجاب: أبداً، بل هذه الصلاة العادية نفسها!
لكن ما حُسْن كونِها في أوّل الوقت؟
وهذا ما قصدتُه بالتوضيح.
لماذا الصلاة في أوّل وقتها تجعل الإنسان آدَميّاً إلى هذا الحد
يا رفاق، أتدرون متى أوّل الوقت؟
أول الوقت هو ما يلي: يتأمّلُك اللهُ، فيقول: "يا ملائكتي، دَعُوا عبدي يمارس حياته بضع ساعات".
فتمارس حياتك بامتحاناتها وانشغالاتها المختلفة وفجأة تنشغل بأمر ما، بسيط أو معقّد؛ استراحة، أو درس، أو تجارة، في ساعة يَعلمها الله، فيقول:
اَاَاَ.. فليرفع أحدُهم الأذان.. الآن، هذه اللحظة لأرى هل سيترك عبدي ما بيده ويأتي أم لا
ـ إلهي، لماذا الآن؟
ـ لأنه في وضعٍ يتحتّم عليه أن يترك ويأتي.. ارفَع الأذان الآن!ـ عجباً، شيخنا، وهل الأذان هو حسب الطلب؟ ليس له وقتٌ معيّن؟
ـ أجل، ليس له وقت معيّن، اقبَلْها منّي!
ينظر.. يتأمّل، يرى عبده يعيش حياته، فيقول: الآن هو جائع، ليكون اليوم وهو جائع، أَذِّن الآن..
(فأنت جائع)، أَذِّن أَذِّن الآن لأرى أيَترُك ويصلّي
؟فإن ترَك انتهى الأمر، فازَ بالكثير.
وقتُ الأذان ليس ثابتاً، لينتبه الإخوة، وقت الأذان ليس ثاااابتاً، الله الذي يحدّد متى يكون أذان كلّ شخص.ثم إنه يعلم متى يُرفع أذانك بالدقة ليجرّدك من حالك السيّئة ويمنحك حالاً أفضل.
الله مربّيك في الأخلاق، أستاذك في العرفان
ـ عجباً، هل الله حقّاً هكذا؟!ـ نعم، هكذا، فلو كنتَ عند الشيخ بهجت(ره) ما كان سيصنع معك؟
كان يعلم كل شيء، كان يقول فجأةً، مثلاً: يا فلان..
ذات مرّة كان آية الله حَقشِناس(ره) خارجاً من درسه وقد وقف مُريدوه يودّعونه، وكان ذلك بعد الصلاة، فنادى أحدَهم فجأةً، هكذا، وقال له: يا سيد فلاني، مهما شتمَتكَ زوجتُك فلا تقل شيئاً أبداً!قال: شيخنا.. لكن لا مشكلة لديّ مع أهلي!
وذهب..فعاد إلى البيت، وإذا بمصيبة قد حلّت، واجتمع كلّ أقاربها، وراحت زوجته تُمطره بوابل من الشتائم، فهَمَّ يردّ عليها، وكاد يفقد صوابه، و.. و.. لولا أن تذكّر كلام الشيخ، فلم يقل شيئاً.. وصمتُه هذا هو الذي أعاد حياتَه إلى سابقها.
ما أجمل أن يطّلع (الشيخ) على حياة أحدهم فينبّهه في الوقت المناسب! الشيخ حقشناس؟!
فما بالك بربّ الشيخ حقشناس؟!
ألا ترضى أن يتعهّد (الله) بتربيتك؟يقول: على رسلك، مارِس عيشَك، وساُصلِحُك بالصلاة فقط، بوقت الصلاة، اُصلِحُك بوقت الصلاة لا غير.. أنت مارس حياتك، الآن أَذِّن يا مُؤذّن، الآن، الآن، ولنَرَ..
الله يعلَم في أيّ لحظة وفي أيّ ظرف من حياة كل امرئٍ يُعلن الأذان.
التفِتْ إلَيَّ وقل: لو كان كذلك لاختلَف أذان كلّ شخص عن أذان صاحبه!
ـ نعم، أذان كلّ شخص يختلف عن أذان صاحبه!
ـ عجيب! لكن الكُلّ يسمع الأذان نفسه!ـ وما دخلُك أنت بهذا؟ في الظاهر أنت تسمع أذاناً واحداً للجميع!
هذا الأذان لك وحدك، عليك أنت، الآن، في هذا الظرف، أن تترُك ما بيدك وتصلّي، أنتَ لسبب، هذا لسبب، ذاك لسبب، وذاك لسبب آخر، يكفي فقط أن تقول، في تلك اللحظة: سمعاً وطاعة، وسيُصلح "هو" باقي الأمور بنفسه.. فالله مُعلِّم.
قولُ العلاّمة القاضي(ره): "كُلّ مَن صلّاها أول وقتها نال مقاماً" هل قصَدَ الصلاة بحضور القلب أم ماذا؟
ـ كلا، لو كان هذا قصدُه لسألوه: وكيف نصلّي هذه الصلاة؟
ما الوسيلة إلى الصلاة الكاملة؟
لو قصَدَ هذا فأين الفائدة؟فلا تكون الفائدة إلا إذا قصد مطلق الصلاة، فإذا التزم أحَدٌ بالصلاة، أيِّ صلاة، في أوّل وقتها فسيبلغ الصلاة الراقية، يبلغها بنفسه، تكويناً.. سيصعد شيئاً شيئاً يوماً بعد آخر.