3

22 2 18
                                    


نظر إليها بعدم استيعاب و لم يسأل شيئا ثم ذهبت للباب الخلفي و فتحته بكل ما استطاعت من هدوء و خرجا بهدوء نحو الباحة الخلفية لتجد الظلام حالكا عندها جلس الفتى أرضا بقوة من التعب و حين جلست لوسي أمامه لينهض مجددا رأت بابا يقف عند الباب.

ذعر كلاهما لرؤيته و هربت الكلمات من حلقها و عجزت عن التكلم حين قال ببرود:
- عودي إلى غرفتك سنناقش مافعلتيه لاحقا.
لم يترك لها فرصة للرد و تقدم من الفتى و أمسك بشعره بقوة و أبعده عنها عندها نهضت و صرخت و هي تمسك بذراعه:
- بابا لا! لا تؤذه!
لكنه دفعها بقوة حتى وقعت و بدأت بالصراخ عليه:
- مستحيل أنت لست بابا! بابا رجل رائع و لا يؤذي أحدا أنت لست هو!
لم يهتم لكلامها و أمسك الفتى على الحائط من عنقه و خنقه ليفقده وعيه عندها نهضت بسرعة لتمنعه لتأتيها استجابته على شكل صفعة على وجهها البريئ لم تصدق ذلك هذه كانت أول مرة يضربها و قال لها بعصبية:
- قلت لك لا تصعدي إلى هناك...أما الآن فلا تلومي إلا نفسك.
عندها استغل الفتى الفرصة و خدش يد السيد كارل بكل قوة و عندما أفلته داس على قدمه و دفعه و أسرع نحو لوسي و أمسك بيدها و انطلقا عبر الحديقة الخلفية و قبل أن يدورا حول المنزل وجدا خادمين آخرين ظهرا من كلا الجانبين فركضا نحو باب الحديقة الخلفي لكنه كان مغلقا و بسرعة قبل أن يلحق بهما أحد ذهبت لوسي نحو سياج نبتة متسلقة و بدأت بتسلقه مع الفتى.

عندها تراجع الخادمين في ذعر و صرخ السيد كارل:
- لوسي توقفي! لا تقفزي إلى هناك! أيها الغبيان اذهبا أحضراهما قبل أن يصلا!
تحرك الخادمين بتردد لكن لوسي و الفتى وصلا قمة السور و بلا تردد قفزت للأسفل نحو شجيرة لتخفف من سقوطها غير مبالية ببابا و هو يصرخ لها ألا تذهب هناك و يقفز الفتى خلفها.
بقيا يتألمان من السقطة ثم خرجت لوسي من الشجيرة و سحبت الفتى من يده و جلسا أرضا ثم قالت له بسرعة:
- هيا علينا النهوض سيأتون خلفنا!
لكنها وجدته زائغ النظرات و ينظر أمامه شاخص البصر و قال :
- لن...يلحقوا بنا ....هنا.
نظرت لوسي خلفها و عندها أدركت أنها داخل أسوار الباحة خلف البيت المفصولة عن حديقة البيت و كان المكان أشبه بمشتل مع تلك البيوت الزجاجية فيه و الأعشاب و الأزهار في كل مكان مما جعلها تتساءل عن سبب إخفاء بابا هذا عنها و ما سبب ذعر الفتى.

نظرت إليه مجددا و قال لها و هو ينهض و يسحبها للخلف حتى التصقا بالسور:
- إنهم هم.
نظرت نحو الحديقة مجددا و أصيبت بذلك الذعر المعدي عندما بدأت ترى بعض العيون الحمراء في كل مكان و داخل البيوت الزجاجية عندها اختبأت خلف الفتى و التصقا بالحائط و ظلا واقفين بفزع و هما يريان تلك الأشياء تقترب و تقترب ببطء و بدت أشكالها واضحة تحت ضوء القمر.

بدت غريبة فبعضها كالعناعب العملاقة و الأخرى لها أربع أقدام و رأس و البعض كالأفاعي المهم إن مظهرها جعل الزمن يتوقف حول الطفلين بينما أغمضت لوسي عينيها بقوة بانتظار نهايتها خلفه تماسك الفتى قليلا و هو يدعو أن ما يظنه صحيح و عندما اقتربت منه إحدى تلك الكائنات الشبيهة بالأفعى و فتحت فمها كاشفة عن صف أنياب مدببة مريعة و قربت لسانها حبس الفتى أنفاسه لمدة طويلة من الرعب حتى كاد يغمى عليه و ابتعدت الأفعى ببطء و بقية الكائنات و ظلت تراقب من بعيد.
عندها تنفس الفتى بقوة و قال و هو يحاول اتزان صوته:
- استرخي...لقد ابتعدوا...لا..لا أظن أنهم...سيؤذوننا.
عندها فتحت لوسي عينها و ألقت نظرة من خلفه لكن أحدهما لم يجرؤ على التحرك إنشا واحدا و ظلا لفترة قبل أن يمسك الفتى يد لوسي و يتحرك للأمام عندها سحبته و همست بذعر:
- ماذا تفعل؟!
- لا تخافي...لن يؤذونا...هيا لنتحرك.
- كيف تعرف؟
- سمعت ذلك....لأننا صغيران في السن.
عندها سارا ببطء عبر الحديقة و تلك الكائنات ترمقهم من بعيد و تجنبت لوسي النظر إليها حتى وصلا نهاية الحديقة لم يكن هناك باب و السور كان عاليا و لا يوجد شيئ لتسلقه عندها شعرت لوسي بشيئ فنظرت خلفها لتجد نفس الخيال الأسود واقفا بجانب إحدى البيوت الزجاجية عندها قالت للفتى:
- أظن أن هناك شيئا قد يساعدنا هناك.
- لا! لن أدخل إلى هناك.
- قلت إنهم لن يؤذونا.
- لكن ذلك البيت الزجاجي...لا أعرف شيئا... عما بداخله.
في النهاية قررا الذهاب سويا و اقتربا ببطء من البيت الزجاجي عندها اختفى الخيال الأسود ثم دفعا الباب ببطء كان هناك الكثير من النباتات الكثيفة في الداخل فأخذا يفتشان في الأدراج حتى قال الفتى:
- لقد وجدت حبلا!
و بالفعل كان هناك حبل و بضع أدوات زراعة قديمة أخذاها و خرجا من البيت عندها و بشكل غريب بدأت الكائنات تصدر أصواتا متوترة فقال الفتى:
- أظنها خائفة من المنجل...أخفيه.
و عندما اقتربا من السور رأت لوسي الخيال الأسود يقف على السور عندها أدركت أنه يريد منهم الصعود بالحبل فربط الفتى الحبل بالمنجل و حاول رميه عدة مرات لأعلى السور لكن السور كان عاليا ففشل و في هذه المرة نجح و علق المنجل بحافة السور لكن الكائنات بدأت تزمجر بشكل أقوى و تحاول الاقتراب
ارتعب كلاهما و هدآ قليلا حتى تهدأ الكائنات ثم قالت لوسي:
- اصعد أنت أولا....بحذر.
عندها تمسك بالحبل و صعد بكل ما تبقى من قوته حتى وصل قمة السور لكن الكائنات لم تهدأ ثم بدأت لوسي بالتسلق و عندما وصلت منتصف المسافة أمسكت إحدى تلك الكائنات بقدمها و بدأت بسحبها.

تمسكت بالحبل بقوة و بدأت تصرخ في حين أمسك الفتى الحبل من الأعلى و حاول سحبه و قد فهم أن الكائنات غضبت لمغادرتهم شعر بأن الحبل سيفلت منه عندها و دون أن ينظر للوراء قفز للجهة الأخرى من السور آملا أن يكفي وزنه لسحب لوسي.
شد الحبل في منتصف المسافة و بقي الفتى متمسكا به و هو يسمع صراخ لوسي فزاد فزعه من أن يفلت منها الحبل فوضع قدميه على الحائط و بدأ بسحب الحبل حتى انشد!

عندها وقع بقوة على ظهره ثم وقعت فوقه لوسي فصرخ بتألم و دون أن ينتظرا لحظة واحدة انطلقا جريا عبر الغابة المحيطة بالبيت.
كان الظلام حالكا و استمرا في الجري حتى صار البيت نقطة بيعدة حين نظرا إليها عندها وقع الفتى و هو يلهث فتوقفت لوسي و رجعت إليه و حين لمست ذراعه صرخ بألم فأبعدت يدها عنها أمسكها و هو يتألم فأدركت أنه لربما انكسرت حين قفزا من السور.
التقطا أنفاسهما تحت شجرة و أخيرا بعد أن هدأت لوسي و استعادت بعض هدوئها سألت الفتى:
- هل ذراعك بخير؟
هز رأسه بمعنى لا فصمتت و بعد لحظات أشعلت شمعة و وضعتها أمامه عندها فقط تمعنت في الجراح التي تملأه و قدميه الحافيتان و كان يرتعد من البرد و قبل أي شيئ سألته:
- كيف تعرف أن تلك الكائنات لن تأكلنا؟
سمعتهم يقولون هذا...بعد أن رموني...بداخل الحديقة
و رفضوا أكلي...فأخرجوني و أبقوني محتجزا.

قال ذلك و قد سرت رعشة في جسده و هو يتذكر ذلك اليوم الذي أحضروه معصوب العينين وقتها و أزالوا القماش و رموه من الباب داخل الحديقة ليرى شابين أمامه مقيدان ملقيان وسط الباحة في ظلام الليل و أكلتهم الكائنات بينما أغمض هو عينيه و هو يسمع صراخهما لتقترب منه إحداها لكنها تراجعت و لم تأكله سمع أحد الخدم بعدها يقول أنهم لا يأكلون الأولاد الصغار.
ثم أكمل و هو ينظر بفزع إلى الفراغ:
- كان يعذبنا لأنه يحتاج صراخنا قال أن تلك الأشياء تتغذى على صراخ الألم لذا يجب أن نصرخ.
عندها فهمت لوسي لماذا لا يمنعم من الصراخ طوال الوقت و الأصوات التي تسمعها بين فينة و أخرى و بابا يخفي عنها هذا ثم سألها الفتى بشكل غريب:
- ذلك الرجل...كنت تنادينه بابا...قلت أنك تعيشين معه
كيف؟
- لا أصدق أن بابا قد يفعل ذلك..لقد كان طيبا و تبناني و قام برعايتي طوال هذه السنين...و أخفى عني سر الطابق الثاني و الحديقة الخلفية...حتى قررت الصعود...مازلت لا أصدق أن بابا قد يفعلها.
- بل يفعلها إنه متوحش!
أشعرتها الكلمة بواقع الأمر فتجمعت الدموع في عينيها عندها قال الفتى بارتباك:
- أنا... آسف.
بعدها فتشفت حقيبتها الصغيرة و أخرجت بعض الضمادات و ضمدت ما قدرت عليه من جراحه و قامت بربط يده و لم يكن لديها حذاء مناسب فربطت قماشا حول قدميه و حسب.

ظهر ضوء الفجر في الأفق لكن الظلام مازال يملأ المكان كان الطفلان تحت أغصان هابطة كثيفة لتقيهما البرد و كانا بجوار بعضهما ملتفين في غطاء صغير نائمين بسلام.
فتحت لوسي عينيها فجأة و شهقت و كان من الواضح أنها لم تحظى بنوم خالي من الكوابيس نظرت بجوارها لتجد الفتى مازال نائما و قد تبينت ملامحه أخيرا كان هزيلا و ذا شعر بني و وجهه مليئ بالخدوش شعرت بالشفقة تجاهه و تذكرت ما مرا به بالأمس.
عندها و فجأة خطرت تلك الكلمات في بالها "إحرقيه..." الورقة التي تركتها لها كاثرين و أخذت تهمس بالكلمة عدة مرات حتى استيقظ الفتى و سألها:
- ما الأمر؟ أنت بخير؟
عندها قالت بخوف و هي تفكر:
- يجب أن أعود...
- إلى أين؟
- إلى بيتي!
هب الفتى جالسا و قال بفزع:
- هل جننت؟ بالكاد خرجنا من هناك!
يجب أن أحرقه! البيت! علي حرقه...كاثرين خشيت قول ذلك في الرسالة لأنها خشيت أن يراها أحد!
و بعد تفكير هز الفتى رأسه يمينا و يسارا و قال:
- أنا لن أعود إلى هناك..... أبدا....أليس علينا انتظار أحد؟
- لا أحد يزور بابا و الغابة كبيرة و مخيفة!
قالت ذلك و لم تعرف لوسي لماذا شعرت بتلك الخيبة لكنه محق بعد كل ما مر به هو محق و حين نظرت إلى يده المربوطة و إلى انتفاخها و لونها الأزرق أدركت أنه غير قادر على المساعدة و عليها التصرف بنفسها عندها وقفت بانفعال و حاولت ادعاء الشجاعة و قالت:
- سأذهب! و سأحرق ذلك البيت بما فيه! و حتى تلك الكائنات لن يكون ذلك المكان مقر تعذيب مجددا!
علي ذلك قبل شروق الشمس!
و ركضت بعيدا دون أن تسمع إجابته وقف الفتى ينظر إليها تبتعد و تبتعد بين الأشجار و ألقى نظرة للبيت المرعب القابع بعيدا و لم يتحرك و هو في حيرة من أمره و بعد وقت بدأت تصل أصوات مسامعه ظن أن لوسي قد عادت لكنه تراجع بفزع و هرب نحو منحدر صغير و اختبأ تحته حين لمح ثلاثة خدم يركضون بين الأشجار لذا شعر بالقلق من أن يكونوا قد أمسكوا بلوسي و من ثم لماذا لم يبحثوا عنهما في الليل؟
عندها أدرك أنهم كانوا خائفين من تلك الكائنات لذا انتظروا حتى الفجر و قد فهم أن تلك الكائنات لا تخرج في النهار!

ركضت لوسي سريعا نحو البيت حتى وصلت عندها بدأت تفكر كيف ستحرقه بدأ التردد يتسلل إليها حين تذكرت بابا لكن عليها إنهاء هذا ثم لمحت ذلك الخيال الأسود كان واقفا على السور حيث هربت هي و الفتى
بالليل و اقتربت من السور و هي ترمقه وجدت على الأرض الحبل و المنجل الذي تسلقا به السور و نظرت ليخيل لها أن الخيال يطلب منها الصعود بيده عندها أدركت الفكرة سيكون من الحمق الدخول من الباب الأمامي لا أحد سيتوق مجيئها من هنا ناهيك إن قدرت على عبور الحديقة لكنها تثق في هذا الخيال.
بعد عدة محاولات رمت الحبل و تسلقت كانت الحديقة هادئة و لا شيئ فيها و رأت الخيال يظهر مجددا في وسط الحديقة و يتحرك و يشير لها أن تتبعه فتشجعت و نزلت و تبعته حتى اختفى عند الباب و لم تتقع هذا لكن الباب فتح عندما أدارت المقبض و لم تظهر تلك الكائنات لذا لم تجرؤ على النظر خلف الأشجار.

أمسكت المنجل كسلاح و عبرت الباب و أغلقتها خلفها و تقدمت نحو البيت و ياللغرابة كان الباب الخلفي للبيت مفتوحا أدخلت رأسها بحذر و لا شيئ لا أصوات خادمات ينظفن البيت أو شجارهم أو أي شيئ هدوء غريب كانت تفكر في حرق الدرج ثم ستصعد النار للأغلى مع السجاد و ستحرق الطابق الأرضي كل ما تحتاجه هو عود ثقاب لذا أمسكته بيدها و دخلت ببطء نحو وسط الطابق كان المكان مظلما لذا لم تركز في المكان إلى أن اصطدمت بشيئ طري أسفل قدميها
فاقتربت بوجهها تتفحصه لترى ذلك الوجه المشوه لأحد الخدم ينظر لها بعينين خاليتين من الروح فتراجعت و شهقت بفزع قبل أن تمسك فمها عن الصراخ لكن صدى شهقتها ملأ الأجواء.

أصوات مكتومةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن