عشق لا يُنسى (مجموعة قصصية)

ذاكرة فتاة عاشقة

ذاكرة  فتاة عاشقة
مع اقترابك مني ارتعشت اطرافي، اهتزت سيجارتي وارتعد دخانها، لكنني لم أعد أخشاك، أتممت تحصين كل نقط ضعفي أمامك، أرى بعيناك غضب من ملابسي التي تخفي القليل من جسدي، جبينك متغضن اعلم أن الوان وجهي هي السبب، لكن ما ارعبني حقا وملأ وعاء خوفي عن أخره، هو نظرات المحيطين بنا مع صوتك الهادر قائلا: هيا انهضي لتذهبي معي، لكنني بكل وقاحة وقسوة رفضت، بل الصقت ظهري بمقعدي ووضعت ساقا فوق ساق دون الاكتراث بأحترامك الذي اطيح به عابثة كقصاصات ورقية هشة، لكنك لم تيأس، كيف تفعل وانا قطعة منك فسدت بيديك ويده، انقضت علي تجذبني من زراعي تبعدني عن ذلك المقعد الذي يغمرني بسفاقة الملهى وتلك الصحبة التي تملؤني كرها لك، أتى رجال الأمن مسرعين لنجدتي منك، احتضنتني مدافعا عن قطعتك الغالية ودثرتني بسترتك ونظراتك العطوف الغاضبة، كيف تجعلها هكذا، وعندما كاد رجال الأمن يبعدوك عني وجدت نفسي رغما عن كل عنادي أقول حائلة بجسدي بينك وبينهم: سأرحل معه فهو والدي.
التقطت أصابعك ذراعي بقوة نقار خشب يحمي بيضه ضد أفعى  شرسة، سؤال واحد فقط قذفتني به:
_لماذا تفعلين كل هذا بنفسك وبي؟
أختلطت نظراتي الدهشة بالساخرة في مزيج مثير لأعصابك، أعتصمت الصمت محتضنة ذراعاي والأفكار  تمور بعقلي، لن أخبرك كيف تمكنت من لملمة روحي القاحلة بعيدا عن مائه، كيف تمكنت من وأد أنفاسي المشتاقة لأمان صدره، أم كيف استطعت أن أردي دمعي فلا يتساقط ليروي غروره الحبيب، كيف كنت أنهار ليلا اشتهي سلاما داخليا بسماع صوت حبيبي بينما والدي ينعم معه بما لذ وطاب من الحسنوات، كم تمنيت إيقاف الحرب الضروس بين كرامتي وقلبي، كيف آبى الحبيب أن يمنحني سلاما يملكه، كيف حول مدن قلبي العامرة بحبه لأرض جافة متشققة ترنو نظرة منه ترويها فيبخل بها علي، وكيف علمت أسباب ذلك كله، أسباب تغيره وابتعاده، علمت فقط عندما رأيته معك أنت أبي  بملهى يشبه هذا الذي احضرتني منه، تلقنه تعاليمك وتملأ عقله بتراتيل لوعتي، وتكثف دروسك حتى يتمكن من جعل تلك الفتاة المسكينة التي تسعى خلفه حبا تلتوي كأفعي تطالب بأحضانه علها تهدأ، كانت تلك الفتاه هي أنا ابنتك، ألتفتت اليك اخيرا قائلة:
_حقا تريد أن تعلم لم أفعل بنفسي كل هذا، لأنني قتلت بيد حبيبي بسلاح عبئه أبي برصاصات ذهبية.
مي الكردي