القمر... قلبٌ من نور يضخ الحياة في عروق الظلام

ليس كل ضوءٍ يحرق، وليس كل ظلامٍ عدمًا. هناك نورٌ هادئ، يتسلل بلا صخب، كأنما يخشى أن يوقظ الأحزان النائمة في زوايا الليل. هناك ظلامٌ يحتضن النور، لا يبتلعه، بل يمنحه بُعدًا أعمق، معنى أكثر رحابة. وهناك القمر... قلبُ الليل الذي ينبض بالضياء، فيروي عطش العتمة إلى بريقٍ لا يخدش هدوءها.

القمر ليس كالشمس، لا يسطو على السماء، بل يهمس للناظرين: "ها أنا ذا، لمن يبحث عني، لمن يعرف أن النور أحيانًا يُرى أكثر في العتمة." يتناقص حين يفيض نورُه عن حاجته، ويكتمل حين يشتاق إليه الكون، كأنه درسٌ خفيٌّ في التوازن... في أن تكون حاضرًا دون أن تبتلع كل شيء، في أن تضيء دون أن تلغي الليل.

فلسفة القمر ليست في كونه ضوءًا، بل في كونه ضوءًا نقيًّا، لا يفرض نفسه، ولا يطلب التصفيق. يختبئ حين يتعب، ويعود حين يُشتَاق إليه، كأنما يعلّمنا أن الغياب أحيانًا لا يقل أهمية عن الحضور... بل ربما يزيده جمالًا.