يوم الأحد.
١٢:٤٦ لَيلًا.
ذَلِك الكوكَب الأبيَض الذي يَطوفُ في السَّماء، مُنيرًا أحدَ الشَّوارِع التي تحتَوي على بضعِ كراسٍ خشبِيَّة. كان ونوو يجلِس في إحدَاها.
سَوداوِيَّتاه تحدِّق في القَمر، دائِرَة بـضِياء ناصِع البَياض. و نُقط صفرَاء اللونِ تحُوم حولَها، فـتُنشِئ هالَةً ساحِرةً الجمالِ. رونَقُها يجعَلُك تبدُو كـالمُدمِن، تنظُر إليها دونَ نيَّة للـتَوقف.
و إذا القَمر حطَّ نورَه على ملامِح الجَالس، فـترى الظَّلام في وجهِه. حتى أحد أكبَر مصادِر الضوء لم تُفلِح في إشرَاق عينَاه.
عدستَا وونو، تكُون بـسَوادِ الليل دون نُجومِه؛ غيهَبٌ يكسُوه غيهَبًا آخر.
سيمَاء نجَح في اكتِسَاح جميع معالِمه، فـليس من الوَعر مُلاحَظة الإرهَاق و الضَّغط النفسِي الذي دمَّرهُ تدمِيرًا، بـنظرَة واحِدة.
أما عن ما يَشعُر به، فـهي الضِّيقة الشَّبِيهة بـحِفنَاتٍ من الحَجر تسقُط داخِل صدرِه، واحِدةً تِلو الأخرَى. حتَّى يمتَلِأ مَنحرُه بـالثقلٍ، فـترَاه غير قادِرًا على التَّنفُس او إدخَل الهواءِ إلى رِئَتيه.
مشَاعِره؟ فـهو يتسَاءل عن وُجودِها أصلًا.
تم تكبِيتُها لـفتَراتِ ليسَت بـالقَصِيرة، فـينتَهي بـها الأمر بـفُقدانِ ماهِيَّتِها تَماما.
دمعَةً بـحَرارة الجَمر، تفُر من عينَاه فـتسلُك طريقَها نحوَ وِجنَته المُحمَرَّة.
هي لم تكُن دمعَة من الحُزن أو الغَضب، لقد تكَوَّنت نَتيجَة عدم رَمشِه منذ مُدَّة طويلة.
لم يَكُن يملِك الطَّاقة الكَافِية للـرمشِ حتَّى.