~ غريب ثقيل الدم ~

8.3K 193 36
                                    

- صدح رنين المنبه في الصباح وكأنه جرس إنذار ينذر باندلاع حريق مَهِيب، مع ذلك وعلى الرغم من تلك الضوضاء لم تتحرك تلك النائمة في سريرها ولو إنش واحد؛ حيث كانت غارقة في نوم عميق وكأنها جثة هامدة.

واستمر المنبه في الرنين المتواصل لمدة دقيقة وما نحوها دون أن يوقفه أحد حتى فُتح باب الغرفة بقوة ودخلت شابة في أوساط العشرينيات من عمرها؛ طويلة القامة وذات ملامح حسنة بشعرها الكستنائي الأشعث وبشرتها السمراء وعيونها الداكنة المحاطة بطبقة من الأهداب الطويلة .

كانت تبدو متكدرة وما تزال في ثياب النوم ، وعيونها الناعسة كانت توحي بأنها منزعجة ؛ حيث تقدمت من المنبه بخطوات سريعة ثم أطفئته بعصبية وهي تتمتم قائلة : جميع من في البناية سمع صوت المنبه وهي ما تزال نائمة كما لو كانت ميتة !

ثم ودون أي شفقة أخذت تهز تلك النائمة وهي تقول بنفاد صبر : شارلوت ... هيا أيتها الكسولة استيقظي ، لقد حل الصباح بالفعل .

في تلك اللحظة أخذت شارلوت تتململ في سريرها وسرعان ما تنهدت ثم فتحت عين واحدة وحدقت بالأخرى قائلة بصوت يشوبه النعس : كم الساعة الآن ؟

أجابتها بعصبية واضحة : أنها السابعة والنصف صباحاً .

فأخذت تفرك عينيها وسألت وهي تتثاءب: إذاً لما أنتِ مستيقظة باكراً هكذا في يوم العطلة؟

قالت تشتكي: لقد كنتُ نائمة بسلام عندما بدأ هذا اللعين بالرنين كجرس إنذار الحريق، مما جعلني استيقظ من نومي فزعة فأتيتُ إلى غرفتكِ لكي أطفئه إذ إن صوته المزعج كاد يصيبني بالجنون.

جلست شارلوت في سريرها وأخذت تمط جسدها قائلة بنبرة ناعسة: من الجيد إنك أيقظتني يا آني وإلا فإنني لم أكن لاستيقظ من شدة التعب حتى لو استمر هذا المنبه بالرنين دون توقف.

فقالت المدعوة آني أو بالأحرى "آنيتا أوستن" بنبرة تنم عن القلق: يبدو أنك كنتِ متعبة للغاية حتى تنامين بهذا الشكل، إذ ليس من عادتي الاستيقاظ قبلكِ ولطالما كنتِ أنت أول من يستيقظ مُبكراً.

فتنهدت شارلوت وهي تبعد غطاء السرير لتقف ثم قالت : مع الأسف لقد عدتُ إلى المنزل في ساعة متأخرة الليلة الماضية ، حيث استغرق الاعتناء بـ ستيڤن وقت طويل لأن الطفل المسكين استمر بالبكاء طوال الليل وهو يردد كلمة "ماما " على لسانه ولهذا توجب عليّ البقاء بجانبه حتى تغلب عليه النعاس وعندما قررت المغادرة كان الليل قد انتصف بالفعل ؛ لذا أنا أشكركِ لأنكِ سمحتِ لي باستعارة سيارتكِ ولو لم تكن معي لكنت سأواجه مشكلة حقيقية ، حيث وصلت إلى المنزل في تام الساعة الواحدة والنصف وعندما أردت أن أخلد للنوم تذكرت أن لدي بعض الأعمال المكتبية التي لم أتمكن من إنهائها يوم الجمعة الماضي؛ فجلست لكي أنجزها إذ يجب أن أرسل الملفات بالفاكس للسيد مالوري حتى يتسنى له مراجعتها قبل الجلسة يوم الإثنين المقبل.

~ رواية قانون الوغد / للكاتبة نونا مصري ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن