أحست شارلوت بقلبها يغوص في أعماق صدرها ويرتجف بعد سماعها لما قاله نيل، وعلى الفور عادت إلى ذاكرتها أحداث ذلك اليوم الذي ذهبت فيه إلى منزله؛ حين تقرب منها لأول مرة في المطبخ بصفته رجلا وليس رئيسها في العمل... يومها قبلها بنهم جارف مشعلاً فيها نيران العاطفة التي كادت أن تلهب روحها وجسدها على السواء.
صمتت لحظة لا تجيب إذ شعرت أنها تهوي من فوق جرف عالٍ وتحتاج لأن تتمسك بأي شيء حتى لا تسقط وتلاقي حتفها... فأخذت تتمنى فقط لو يكف قلبها عن خفقاته المجنونة ليسهل عليها التظاهر بالهدوء وسرعان ما نظرت في عيونه وقالت بحنق: أنا لا أعرف ما هي اللعبة التي تحاول أن تلعبها معي ولكنني واثقة أنك لا تعني شيئاً مما قلته لتوك، لذا أرجو أن تكف عن السخرية مني الآن فلا المكان ولا الزمان مناسبان لفعل ذلك.
بعد قولها ذاك ابتسم نيل ابتسامة ساخرة وقال: إذاً فأنتِ تعتقدين أنني أسخر منكِ الآن... أخبريني لما قد أفعل ذلك؟
أجابته بشيء من العصبية: لأنني أعرف أن لا سبب يدعوكَ للشعور بالغيرة عليّ، فأنا مجرد سكرتيرة تعمل لديك ولا تربطني بك سوى علاقة مهنية بَحْتَة.
- سكرتيرة قبلتها منذ عدة أيام بشغف كبير وأتمنى لو باستطاعتي فعل ذلك مجدداً.
غمغم نيل بذلك بصوت خافت جداً كمن يحدث نفسه ولأنها لم تكن تتوقع منه سماع شيئاً كهذا ظنت أنها سمعته بشكلٍ خاطئ، لذا قررت تجاهل تعليقه وازدردت ريقها بتوتر شديد ثم أردفت بتحفظ: على العموم الوقت الآن ليس مناسباً لمناقشة مثل هذه الأمور، لذا أستميحك عذراً إذ يجب عليّ الذهاب للوقوف بجانب صديقتي في يومها السعيد.
قالت ذلك وأرادت أن تذهب لتقف بالقرب من آني التي كانت متأبطة ذراع عريسها كلاود وهما يتلقيا التهنئات من المدعويين بسعادة غامرة، لكن نيل امسك ذراعها بحركة متملكة وشدها إليه لتبقى قريبة منه وقال بنبرة لا تقبل المناقشة: لا اعتقد أن صديقتكِ تحتاج لدعمكِ في الوقت الراهن، كما أنني سبق أن قلت لكِ بأنني قد أقوم بإفساد حفل الزفاف إن ابتعدتِ عني وسمحتِ لذلك الرجل بالاقتراب منكِ، فهو ينتظر الفرصة المناسبة ليفعل ذلك ولكنني لن اسمح له بالتحدث معكِ ولو كلمة واحدة.
أدهشها قوله ذاك كثيراً لأنه كان يتحدث بنبرة تنم عن العصبية والتملك كما لو كان يشعر بالغضب من فكرة أن لديها معجب يحاول التقرب منها والتودد إليها، لذا نظرت إليه بتعجب وسألته: ولكن لما تفعل هذا، أنا حقاً لا أفهمك فنحن لا تربطنا أي علاقة خاصة حتى تتصرف بهذا الشكل وتحاول أن تمنع الرجال الآخرين من التقرب مني !
أجابها وهو يشبك ذراعها بذراعه بحركة متملكة: يمكنكِ أن تقولي إن المسألة مسألة مبدأ، فأنا سبق أن قلت لكِ من قبل بأنني لا أحب أن يشاركني أحد سكرتيرتي كما لا أحب أن يشاركني أحد صديقاتي الحميمات، لذا من الأفضل أن تبقي بجانبي هذه الليلة لئلا أتصرف بشكلٍ متهور مما قد يفسد حفل زفاف صديقتكِ حقاً عندها لن يعجبكِ ذلك أبداً.
أنت تقرأ
~ رواية قانون الوغد / للكاتبة نونا مصري ~
Romanceشارلوت غريفن شابة ذكية وطموحة، يوقعها سوء حظها في طريق محام وقح ذائع الصيت ومسؤول عن رعاية ثلاثة أولاد مشاكسين... حيث تجد نفسها وقد أصبحت جليسة أطفال بين ليلة وضحاها فتتعرض لسلسلة من المواقف الكوميدية والمكائد الطريفة من جهة، وتجربة الرومانسية ومواج...