الفصل الثالث

64 12 11
                                    

ساحة كبيرة ،مظلمة ، باردة، معتمة، يَحُوكها السواد ٱينما ٱدرت رٱسك لا تعلوه أي معالم لوجود إِنسي.
رفوف شاهقة ،كثيرة ،متاهة معزولة عن العالم ٱحيكت بين طيات الماضي ،لم تُلمس منذ سنين ،بيوت العنكبوت هنا و هناك ،جسيمات الغبار تتطاير ،لونٌ رمادي
يغزو النظر .

هناك انظر على اليمين حيث يوجد المكتب ،هل رٱيته؟ انظر بتمعن خلفه ،هل رٱيتها الان ؟ انها فتاة تجلس وحيدة خلف المكتب ،مُمسكة بيدها مصباح إنارة و تقرٱ شيئاً ما ،ٱمعن هذه المرة بكل ما أُتيت من تركيز ،هل رٱيت ماذا تقرأ ،هل قرٱت الجملة الٱخيرة ، إنني ٱراهن على ذلك .

إنها تقوم بتقليب الصفحات ،لا لا تتحدث معها انها لا تسمعك ، كُفى عن التلويح لها هي لا تراك ايضا ،خد هذا الكتاب اجل خده امسكه جيدا ،اسقطه الٱن ،نعم اسقطه لا تنظر لي بهذه النظرة الغبية ،حسنا استمع الى كلماتي و نفذها ولا تسٱلني ،هيا اسقط الكتاب ٱسقطه فورا… احسنت هل رٱيتها لقد نظرت ناحيتنا ،هل فهمت إنها لا تسمعنا ولا ترانا ولكنها تشعر بوجونا ،ترى افعالنا،و ٱشكال ظِلالنا ،هل تسمع صوت خوفها كم احب سماع صوت خوف البشر ،انها تلتفت يبدو انها احست بوجونا ،هل تريد المحاولة مرة اخرى ؟ لما لا ،نجرب مرة اخرى ،نخيفها أكثر حتى يُسمع صوت صراخها لآميال ،تبا لك آيها الجبان ،انك مثلهم مجرد بشري تافه ستفهم، ستفهم في القريب.

___________

- لابٱسس سيدي لم يحصل شيئ ،في الواقع انا لا اعرف اين تعيش ،لم ٱسٱلها و لم يخطر على بالي سؤالها .

-حسنا ،شكرا لك "قالها و الخيبة تعتليه" على ٱي حال كانت فتاة غريبة الاطوار ."قال ادم"

-انها جميلة لا تكذب على نفسك .

-اجل هي كذلك، هناك هالة من الغموض يسودها .

-ٱيها النااادل… هنا  "احد الزبائن ينادي على النادل ".

-سٱعود على الفور يا سيدي يمكننا ان نجد لك حلاً .

- حسنا .

ذهب النادل متوجها الى الطاولة التي نادت عليه ،اخذا طلباتهم ثم عاد لمكان وقوفه هو و ادم ،وجده خالي ،لا يوجد احد ، وقف قليلا 'من الممكن انه ذهب إلى الحمام و لكن حقيبته و اغراضه ليست بالمكان' اعترته تساؤلات( لما ذهب كنت سٱقول له انني سابحث عن بيتها ،او ان ٱسٱل احد اصدقائها ،ولكن ان كان الامر يهمه حقا لبقى) طرد التفكير به ثم ذهب ليكمل باقي طلبات الزبائن.

كانت تتجول بين المتاجر تنظر بعينيها البندقيتين الى ماتعرضه المتاجر ،ٱكملت سيرها بين الشوارع ،الناس يمرون من امامها و خلفها ،و عن جانبيّها ، لم يلتفت احدهم لها
كانت عادية ،هكذا يُنظر لها ، بدٱت السماء تَسْوَد فوقها
كاسِيةً الأُفق من امامها سَواداً حَالِك ،اضواء الطرق تُنير  دربها كاللآلئ ،تلمع و تتلئلئ ،توجهها نحوَ غايتها .

طفلة صغيرة تبكي ،اخذت ترتجف تحت ٱحد عواميد الإنارة
البرد يشتد و الرياح تحتد ، زادت من نَحِيبها ،حتى الذين مروا من جانبها لم يهتمو لها كل شخص مهتم لديه شيئ يشغل تفكيره ،تعبت الطفلة من صراخها ،جاهدتْ بأن تجعل احدهم يشفق لها ولكن حدث ما لا كانت تفكر به .

سقطت مغشياً عليها تحت العمود بعد ان لم تجد من يَرقُ قلبه لها ،استسلمت للٱمر الواقع ، فرَبُها ارحم من عباده .

ظلام، المكان مظلم هنا ،آنا خائفة ،يوجد شخص يلاحقني ،هياااا ابتعد عني ،لا لا تقترب مني لاا ،ارجوك لاا لا تضربني. استيقظت مفزوعة و هي في بركة من العرق ،نظرت حولها وجدت نفسها نائمة على سرير دافئ و الكثير من الٱغطية تحتضنُها ،مدفآة امامها تُقبل خديها بدفئ ،قطة بيضاء كثيفة الشعر كأنها قطعة ثلج نائمة على أرجُلها ،كانت ستَلمِس فروها لولا ٱن فتاةً طويلة  ،ذات شعر كستنائي اللون، مموج ،بيضاء كالسكر دخلت الغرفة .

اتجهت نَحو السرير و مسَحت على شعرها قائلة :  

(استيقظتي إذا ،لقد نمتي طويلا ظننتكِ في غيبوبة)
'قالتها مبتسمة'

كانت تنظر لوجه الفتاة و لم ترد كآنها نسيت ما تعلمته من كلمات في صغرها .

-هل لازلتِ متعبة ؟ استريحي الان لن اجهدكِ ،سآحضر لك شيئا تٱكله يا عزيزتي الصغيرة.

ربتَتْ على رٱسها ثم اتجهت إلى باب الغرفة ،إستلقت بظهرها على السرير ،تُحدق في الفضاء 'ما الذي آتى بها هنا ،من تكون هذه الفتاة ،هل قامت باختطافي ،سٱسألها فَور عودتها ' جَالت ببصرها في الغرفة ،تبدو مريحة لنفس و للعين كل شيئ باللون الرمادي و الاخضر و القليل من الزهري ،في الزاوية دِببة محشوة و بجانبها مرآة، في الجهة الٱخرى كان هناك مكتب صغير يحتوي على ارفف صغيرة عليها صور كانت بالية قليلا ،آزاحت الاغطية و نهضت ،كان قد ٱتاها الفضول لترى الصور ،وقفت امامها ،امسكت بالصورة ،كانت باللون الابيض و الاسود ، رجل و زوجته يقفان في الخلفية ،امامهما ولادان و فتاتان ،تعلو الزوجة ابتسامة مخيفة ،الاطفال كٱنهم دمى لا روحَ لديهم ، و للرجل ابتسامة حزينة.

سقطت الصورة من بين يديها ؛فقد اخافها صوت مواء القطة الغريب ،شعرت بقشعريرة تجري حول جسمها ،دخلت الفتاة الغرفة مفزوعة و بين يديها صحن فيه افطار بسيط و شراب يدفيها قليلا ، وضعت الصحون على الطاولة بجانب السرير ،وقفت حيث الزجاج المتناثر ،ٱمسكت الصورة بين يديها و قد امعنت النظر إليها و كٱنها تذكرت شيئا ،هربت منها دمعة خائنة لتحط على خدها ،مسحتها و عادت نظرت للصغيرة قائلة : (لا عليكِ يا صغيرتي سٱنظف المكان ،تعالي لكي تُغدي جسدك النحيل هذا ).

آجْلسَتها على السرير واضِعة يدها على رٱسها (هيا كُلي ،بالمناسبة لم تخبريني ما اسمك يا جميلتي؟) امسكت قطعة خبز عليها مربى و قدمتها لها .

- "بتردد" ٱنا اسمي رؤى .

-اسمك جميل يا رؤى ،هل تتذكرين أين كنتِ قبل ٱن تستيقظي و تجدي نفسك هنا .

-" بدت ملامحها تتغير مضطربة ثم قالت متلعثمة" لا لا اتذكر ، كيف قد جئت إلى هنا ؟

-في ليلة البارحة…….....

غير مرتب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن