ظلمة حالكة تغطي أرجاء المكان، سواد يعلوه السواد، لا ترى من خلاله شيئ عدا شُعل نار حمراء متوقدة منتشرة على اليمين و على اليسار.
كرسي مهيب يتسلق الجدار بطوله ،يتوسط الغرفة الكبيرة ،يبرق داخل عينيك كلما نظرت اتجاهه، مصنوع من الذهب، منقوش بزخرفات و كلمات غريبة.
اقتحم المكان بكل قوة،و من حوله اتباعه الغاضبين، يتمشى بفرحةٍ لا تسع المكان، جلس بهيبة مقفرة واضعاً مرفقه على ركبته، عضلات بارزة ، شعره المجعد ، حاجباه الكثيفان ،تلك الشرارة الحمراء تخرج من عينيه ،ذقنه المحددة ،يجول ببصره أرجاء المكان بنشوة ،ألقى بظهره إلى الخلف ،تنهد براحة ،قال بصوت عالٍ:
-لم يبق لنا الكثير يا أتباعي الأشاوس ،سنحقق مخططنا ،ستُسمع كلِمَتنا ،سنطمس كل من يقف أمامنا ،سنغرو العالم ،سينصاع لنا كل شيئ يتنفس ،كونوا معي .
ثم راح يهتف بكل ما لديه من طاقة و من حوله يتهافت جنوده لمعة ابتسامة نصر على شفتيه لم يعهدها منذ قرون .
________
تراقصت أمامي شعلات النار ثم تلاطمت ،لاحت أمام أنظاري أطيااف سوداء ،ظننت أنني أتخيل هذا ،كنت أراها تتجول أنحاء المكان ،ثم وجدت شبحاً لطَيْف اسود في زاوية الغرفة ،كنت وحيدة، ولكن كان من يراقبني، تلك القطة البيضاء جالسة ترمقني بنظرات غريبة ليست لقطة عادية"هل هي تضحك ،لا اشعر بارتياح ناحيتها "شعرت بتعب شديد رغم أنني قد شربت شيئ منبهاً ،لم أشعر بشيئ أخر بعدها ،أظنني قد نمت؟،فتحت عيني إذ بوجه تلك الفتاة مرة أخرة أمامي "كم أنا غبية لماذا لا أسألها عن اسمها " مسحت على وجهي بكلتا يدي "يبدو أنني كنت أحلم حقا " رفعت نظري لها وجدتها واقفة أمام المدفأة و تنظر لشيئ ما ،سألتها:
-منذ متى و أنا نائمة ؟
-لا أعرف ،كنت قد عدت لتو و وجدتك نائمة هنا ان الاريكة ليست مريحة على أي حال ، إذهبي إلى غرفتي .
-لا فقط مللت من السرير ، و وجدت نفسي هنا نائمة لا اعرف ما اللذي حصل ؟
-لا عليك عزيزتي
بتردد:
-هل يمكنني ان أسألك ؟
-اجل تفضلي
-ما اسمك ؟لا اعرف اسمك ولا اعرف بما اناديك .
بضحكة بسيطة لمعت خلالها لؤلؤتها البيضاء:
-انا بلقيس ،ناديني بلقيس فقط .
-هل تعيشين وحيدة ؟أم أن هناك من يعيش معك ؟لانني لاحظت انك تسكنين لوحدك و البيت كبير و الغرف مغلقة .
بغضب :
-مااذا ..هل فتحتي الغرف ؟ هل قمتي بفتح احداها ؟ اجيبيني
-لااا لم افتح شيئ كنت فقط اتجول بين الغرف ..اعذريني .
وقفت امامها ،رافعة اصبعها امام نظرها :
-اسمعي يا رؤى، لا يمكنكي التجول بين الغرف هل سمعتيني ،لقد حذرتك و يجب ان تسمعي لكلامي .
