|قِطعةٌ مِن البَهجة|

20 2 0
                                    

حِينَ يُسدِل اللِيلُ سِتَاره تَبدأ بالخَوضِ بِجُنونِ أفكَارِك وَتدعُ مِن رُوحكَ المُهَشّمه تقُودَك وَسط الظلام رغبةً بِالقتِرَاب مِن الضَوء الخَافت بِنهَايهِ المَمر البَعِيد، ذَنبٌ يَجُرُ خَطِيئه صَوتٌ خَافت بِدَاخِلك يُخبِرك بِأن عَلِيكَ الترَاجُع أدفَع تِلكَ الأفكَار بعِيدًا وَ أكمِل مَا تَفعَل وَحِين تُشرِق الشَمس وَترمِي بِضُوئِهَا على خطَايَاك بِالليلهِ المَاضِيه تُرِيكَ تفَاصِيلاً بَشِعه رُبمَا تغَافلتْ عنهَا ليَزيدَ ثِقَلَ كَاهِلك تَقفُ هُنَاك عَاريًا مَن كُل شِيءٍ سِوى الثِياب سَتركُضُ الآن مُدركًا فِعلتك تَطلُب الغُفرَان مَاذا عَن تِلكَ الأصوات التي كَانت تُخبركَ بالأبتِعَاد تَجَاهلتهَا ألم تَفعل فَلا دَاعٍ للإرتِجَاف يَا أنَا، اذًا يَجبُ عَلِيكَ تَحمُل عَاقِبَه مَا أقتَرفته تُمضِي يَومك غَافلاً وَفِي كَثِيرٍ مِن الأحيَان تشعُر بِالرغبه لِتكونَ بِخَير ليَبدُو لكَ وَ كأنك بِالفِردُوس وَ رَائِحه الجِنانِ تُداعِبُ أنفَاسك وَ بذَاتِ الآن تَعلم أنَ ذَلك نَسجُ خيَال كَثغرهٍ صغِيره بِأوسط عَقلِك تَهرُب مِنهَا، لَا أحدَ يَعلمُ مَاذَا سَتشعُر حِينَ تعُود مِن تِلكَ الثغره تَرتَعش مُنهَكًا وَلكن اللحَظات التِي سَرقتَهَا لِتشعُرَ بالإنتِشَاء الخَطَايَا تَستَمرُ لِثَانِيه فَقَط، كُل شَيءٍ عَاد عَلى حَاله وَتَكُون أنت ذَاتك وَ رُشدُكَ أضَلَ طرِيقه أسوَار قَلبك العَتِيقة مَا تَمنحهُ لدوَاخِلك وتُغرِقهَا بِه، أخشَى النِسيَان عَزِيزِتِي صَوتكِ يَتبَدَدْ وَيَبتَعِد كُلمَا إقْتَرب لَمسَاتُكِ الرَقِيقَة سَتَختفي، نَسجُ خَيَالنا وَبَيتُنا أعلَى الشَجره وَكُلَ شَيء نَتقَاسمُه أحبَّبتُكِ فَهل أخبَرتُكِ بِذَلك بشَكلٍ كافٍ؟! الا يَزالُ فِي ثَنايَا ذِكرَياتك شَخصٌ يُشبهنِي يَحتَضِنُكِ كُلَ وَهلةٍ وَحِين يُقَبِلُ جَبِينَكِ كَفِيكِ الصَغِيره بَين يُمناه ألا يَزالُ فِي ثَنايا ذَاكِرتك شَخصٌ يُشبهني يَحتضنُكَ كُل وَهلةٍ وَحِين يُقبلُ جَبينك لِيُرسل الدِفء لقلبك، يَحتضنُ كَفيك الصَغيرة، يُمررُ إبهامهُ أعلاها، يُقاسمكِ القَهوة وَالمَاء حُباً بِطَعمِ ثَغركِ الفَاتِن، فَـ يَروي لَك تَعاسَه أيامهِ وَمَللِها وَ تُصغين لَهُ يُرتلُ مَا تَيسر مِن قَلبه عَلى مَسامِعكِ فَـ هَل لِهَمِهِ اليّومَ تَأبهين؟! أما الآن كُل مَا فَعلتهُ هُو اللَاشيء بَقيتُ جَالساً هُناك أمام التِلفاز الذَي يُشاهِدني دُون أي جُهد لَم اُحاول فِعل شَيء كَانت أفكاري تُرقُ وَعييّ حَتى فَقدَ وَعيهُ بِجَوفي كُل مَا كَان عَليّ فِعلهُ لَم أفعله لِأن الأمر لَا يَبدو حَقيقياً لِعقلي الذِي يَأبى الرُضوخ، رُبما عَلقتُ بِاللاوَعي حِينها أو كُنت غَارقاً لا أعلم كُل شَيءٍ مُشوشٌ حِينها بَعيداً عَن اَصَابِعي وَ غيرُ كَافيٍ، أجهلُ عَدد المَراتِ التِي أدرتُ أن أكُون حَولكِ وُ أشعرُ بِذاتِ الحُب وَاللهفةُ لِتلك اللَمسات بَيننا، دِفءُ يُمناكِ، أصابِعكِ النَحيله، أظافِركِ القَصيره، وبَين كَفاي أحملكِ دَاخلي دُون أمل الآن رُبما أستَطيعُ التَجاهل، فَـ النِسيان مَلءَ الثَغرات وَالفَجوات لَكنني اَتركُ ذَاتي تُعطي كُل شُعورٍ حَقهُ، كُل ذَلك السُوء أردتُ الشُعورَ بِه بِرغبةٍ مِني، أُريد البُكاءَ لِفرطِ الحُزن الذِي أثقلني، يُخيفُني مُضي الأيَام دُوني فَأعطِني صَبراً يَليقُ بِحُزني يَاإلهي الفَراغُ بِداخلي كَان يَجعلُ مِن اَصواتِ عَقلي أن تَصدحَ عَالياً وَالرَبُ وَحدهُ يَعلمُ أنني حَاولت، وَلكن لَا ضِير أطرافي مُخدره وَأشعُر بِالتَعبِ حَبيبي، لَيسَ هُنالِك شَيءٌ عَلى مَايُرام وَلَستُ بِخير حَاولتُ كَثيراً يَامَلاكِ وَكافحتُ لِكلينا ظَننتُ أن الأبدَ يَعني وَقتاً طويلاً يَكفي لِأقضيَ نَحبي بِحُيكِ فَـ هَل سَتكونُين بِخيرٍ إن ذَهبت؟! هَل سَتكونينَ كَذلِك حِين أتوقفُ عَن التَمسُكِ بِكِ؟!! رُغمَ أنكِ رَحلتِي بِالفِعل؟ أخبِريني فَـ أجفاني مُتثاقِله تُرغِمني لِإغلاقِها لَستُ حَزيناً لِحالي إنما لِأني لَن أرى بَهاء وَجهكِ البِالغَ مِن الحُسنِ مُنتهاه وَلَن أشعُرَ بِدفءِ عِناقِك، إستلقيتُ عَلى مَضجَعي أُلقي بِناظِري عَلى حَوائطِ غُرفتي، اللَوحاتُ البَاليه وَالصُندوق الذِي أحتَفظُ فِيهِ بِذكراكِ وَكأنها قِطعةٌ مِن البَهجة، وُتِلك القِصه أعلى الرَف إعتدتُ قِراءتهُ بِليالي دِيسمبر الطَويله..
قُل بِإسم الرَب أنكَ لَستَ وَهماً مِن نَسجِ خَيالي أمدُ أنامِلي لِأتلَمس أُذنهُ وَصَوانِها سَجح لَو أنني أطبقتُ صَخره الصَبرِ عَلى فُؤادي لَما إنحدرتِ الاُمور لِهذا الإعِوجاج، هَل يُصادفُ أن شُعور الحُزن يَتوجَسُ قَلبي الآن؟ يَاللعَار كُف عَن نَكزِ صَبابَتي وَأتّئد المَزيد مِن الذِكريات تَندَفِع لِعَقلي، الفَلك يَنحني مَع صَوتِ قَرع خَطواتِها حَنينٌ آسر أسواري أوجَست خِيفةً بِنفسي، هَل غَدى كُل مَابيننا ذِكريات لِتَجعلهُ بَين طَياتِ وَثَنايا النِسيان؟، مَاذا إن رَغِبتُ بِإحتِضانِك وَإن سَألتُ ذَاتي عَنكِ بِماذا اُجيب كَانت لِتُدثِرَ الحُزن الذِي يَسكُنني وَتَغمُرني، فَـ هَل أصبحت مِن المَاضي الآن؟!، بِذات هَذا اليّوم وَ فِي سَاعات اللَيل الطَويله وَقَبل عِدةِ أعوام مَضت كُنت بِجانِبكِ أجلسُ وَيُمناكِ بِكفي مُستلقٍ بِأحضَانكِ نَسرقُ القُبل قَبل أن يَسرقَ الوَقتُ لِذتها مِنَا كَالأحمق أعودُ لِذكراكِ كُل حِين كُنت أنا ذَات إبنِ آدم الذِي يَضعُ لَكِ الأسباب وَعَلى أثَرِها اُعاني سَاذَجه أتركها تُؤذيني بِصدرٍ رَحب وَثغرٍ بَشوش، اُقدسُ عُزلتي فَـ مَالي الآن أتركُ كُل مَا أردتُه وَ أنتحِبُ لِذِكراكِ مُقاطعاً عُزلتي أهيمُ بكِ عِشقاً وَ أشاب رَأسُ عَقلي وَأنا فِي رَيعانِ شَبابي وَكَأنني كَهلٌ يَتمنى أن تَتوفاهُ المَنيه، يَجمعُ الحكو وَينبشُ فِي عَقلهِ عَنها وَيَصُبها بِجمَلٍ مُتقَطِعه بِنصحِ بها الغُلام الصَغير وَماهُو سِوى قَلبي الذِي يَأبى التَصديق دُون الخَوض بِجميعِ جَوارحهِ أما الكَهلُ فِي الشِقاقِ وَ الصِراع يُقاتِل ذَاتهُ لِمعرفه الحَقيقه وَهم كُنت أم حُبي بِجسد الحَقيقه هُو يَعلم أنك الحُب المؤذي وَأنهُ الغُلام الصَغير سَيقبل الحُزن كَالأحمق عُلق مِنه كُل مُعلقٍ وَالعَقلُ الكَهل سَاق سَلوةً مِن نَفسه وَلازال يَقص عَلى مَسمعهِ أن يَحرصَ عَلى ذَاتِهِ مِن مَا يُصيب القَلب وَالبَدن وَكَأنهُ يَملأ قُربهُ مَثقوبه عَلى أملِ أن تَمتَلئَ يَوماً، نَفسي لَيست عَزيزه فَـ لِماذا لا أدفعُها نَحو الهَلاك عدَتْك فَلا شَيء عَزيزٌ بَعدك، سَأبقى الضَوء الصَغير الذي يُنيرُ بِجانِبك وَحين تَستَيقظ مَفزوعاً مِن إحدى كَوابيسك سَيُبددُ الظُلمه مِن حَولك، وَلِوهله قَد تَظنُ أنكَ بِالقَبرِ لِشدةِ الظَلام الأكحَل حَولك وَمُفزِعٌ كِفايه أليسَ كَذالِكَ جَميعُ كَوابيسكَ مُفرغه وَأنت بِمَركز عَقلك يُحاول تَخطي الدَائره المُقعده أسوارُها عَاليه لإستيعاب قَصيره المَدى وَالطوُل، صَوت الصَرير وَ الصَمت يَعجُ دَواخِلك بِصمت لَا تَخف مِن الجَان بِقدرِ خَوفِك مِن ذَاتِك هِي اَخطر عَليكَ مِنهم لا تَضع لَيالَك بِعَد النُجوم فَـ الأمرُ يَستَغرقُ إثنين..
تَقفُ بالمِحراب طَالباً الغُفران وَمَاأنت سِوى مُلحد، لَم اُرد أن أخسرَ مَعركتي كُنت اُقيدُ ذَاتي هُناك أستَمعُ لِدعوَاتكِ مُدعياً الإيِمان وَاليَقين، فَـ يتحررُ المَرءُ مِن قيدِ نَفسه حِين يُدركُ أنهُ لَيس أهلاً لِلوُلوجِ بِها، وَالذِكرى تُأنبُني بِعداوتِها لِعقلي، أفعالُك بِالأمسِ تُنافي مَا تَدعو بهِ اليّوم عَلى مَن أكذِب؟!..

||جُنونُ الجَنة|| *متوقفة*حيث تعيش القصص. اكتشف الآن