p1_p5

15.4K 524 27
                                    

الفصل_الأول
______________

- أبويا! يعني إيه؟ أنا مسمعتش الكلمة دي قبل كده!
- عيب كده يا نور، ده أبوكِ يا بنتي.
أمتعضت ملامحها، وبتهكم شديد ردت عليها قائلة:
- بأمارة إيه؟ أنه رميني من سنين وجاي يفتكرني دلوقت؟
كانت لا تمتلك رد عليها، كل ما فعلته أنها جلست على أقرب مقعد بقلة حيلة وهي تضع يدها أعلى رأسها وتتمتم بحسرة وألم:
- ملوش لازمة الكلام ده، جدك صدر الفرمان علينا خلاص.

********
خيرر يا بووي مجمعنا أجده لية عاد؟
هكذا سأل صالح أبن دهشان الأكبر، وبنبرة حاسمة كان الحج دهشان كبير العائلة يضرب بالعصا التي تسكن في يداه في الأرض كان يقول:
ـ لما الكل يتجمع يا سمية، الصبر شوية.
أشاحت زهرة حفيدته الصغيرة بوجهها بعيدًا عنهم وهي تتمتم بصوت منخفض يتخلله التذمر:
- يووه مش هنخلص أجده.
وفي وسط تلك الأجواء دخل عليهم تميم كبير أحفاد الحج دهشان، كان يلهث بعنف، رفع يداه في الهواء وهو يقول لهم بأسف:
-أسف يا چدي على تأخيري، كنت بخلص شغل مهم جوي.
أومأ له الرجل بتفهم ولم يضيف شيء، ولكن من تكلم كانت أميرة زوجة تميم وهي تقترب من زوجها بدلال وهي تضع يدها على أكتافه لكي تلتقط منه العبائه الخاصة بهِ وهي تقول له برِقة شديدة لا تليق على تلك الأجواء الأسرية الصعيدية بالتحديد:
- حمدالله على سلامتك يا حبة القلب.
لم يعجبه تصرفها خاصة أمام جميع أفراد عائلته، رمقها بشر وهو يزيح يدها من على أكتافه ويعطيها تلك العبائة ويقول لها بحِدة وصلت لمسامعها هي فقط:
- أتحشمي شويِّ وسط الرجالة.
أخذتها منه أميرة على مضض، ترجلت لخطوات وعادت تجلس بجوار نساء العائلة، وفي وسط ذلك التجمع هتف صالح قائلًا لوالده:
-أتفضل يا بووي كل الدوار أتجمع أجده.
جلس الجد وسطهم بكل هيبته؛ فمن يرى الحج دهشان يهاب منه ويعطي له كامل الأحترام، فهو مثل أجدادنا الذين يجبروا من يقف أمامهم يتعاملوا معهم بكل أحترام وأدب، حتى إذا كانت شخصيتهم عكس ذلك!
وبنظرات ثاقبة على الجميع هتف بصوتٍ جهوري يُليق بهِ:
-أنا مجمعكم أنهاردة عشاان أخبركم أن نور بت صالح والدي هتيجي تعيش معنا أهنه.
ختم كلماته وهو يرمق جميع الوشوش بتفحص، يرى من أمتعض من الخبر، ومن تعجب، ومن شعر بغصةٍ تتأجج بداخل صدره، ولكن ذلك المسكين لم يشعر بهِ أحد، خفض قلب تميم بشِدة، شعر أن ضربات قلبه تدق مثل الطبول! وعلى الرغم من كل ذلك المشاعر المتوهجة سأل بنبرةٍ ثابتة:
- نور هتيجي أهنه الصعيد يا چدي؟!
هُنا ولم تتمالك سمية ابنة دهشان نفسها أكثر من ذلك، شهقة عالية خرجت منها وهي تضرب على صدرها بعنف قائلة بحنق شديد:
- وااااه يا بووي، كيف يعني بت البندر تيجي تَعيش أهنه في الصعيد؟!
لم يعجبه دهشان ذلك الحديث، نهض بعنف وهو يضرب بالعصا في الأرضية بغضب وهو يرمق ابنته بحِدة قائلًا:
- زي الناس يا سمية وكيف ما سمعتي، و كيف يعني بنيه في سنها ده تعيش منغير أب ولا كبير عليها! إية هنسيب مَره تربيها طول عمرها ولا إية؟
هنا وقرر صالح والد المدعيّة نور أن يتدخل في الحديث، وقف في مكانه وهو ينظر لشقيقته بحِدة، وبنبرة ملتويّة هي تفهمها جيدًا كان يقول لها:
-أني لما وافجت أن امها تاخدها تربيها في مصر وافجت عشان البنيّه كانت لسه صغار و محتاجة لأمها وقتها، لكن دلوجت بقت على وش جواز؛ كيف يعني أسبها أكده منغير كبير! ييكونشي عايزاني أسبها لحد ما تجيلي وهي شايله العار إياك يا بت بوي؟
وبنبرة حاسمة نهت جميع الأحاديث والمناوشات التي كانت على وشك النشوب قال دهشان بصرامة وحِدة:
- خُلص الكلام يا ولاد دهشان، أنا ببلغكم مش باخد رأيكم عشان تتحددوا مع بعض في الأمر، البنيّه خلاص على وصول، وأوضتها الشغالين بينضفوها دلوجت، مش محتاج أقولكم أن نور حفيدتي زيها زي تميم وزهرة تمام ، يعني تتعامل زين، مفهوم؟
انتهى من كلماته وهو ينصرف من أمامهم، ثوانٍ وكل منهم أنسحب من الجلسة بهدوء.
**************

هذا ليس عالميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن