الفصل الأول

3K 134 8
                                    

الفصل الأول

يشرق نهار الكادحين عادة قبل شروق الشمس التى أصبحت تتلهف للقياهم ولتبخير قطرات العرق التى تكلل وجوههم بلؤلؤات متناثرة فوق الجباه .

أسرع شاكر إلى سيارته التى تمكن بعد سنوات من الكفاح أن يحصل عليها ، ليست سيارة فارهة تحمله لعمله ؛ بل سيارة أجرة كفته شر الحاجة لسيارات يعمل عليها سائقا ويقطر عليه صاحبها فى دفع أجرته اليومية . ورغم ذلك لم تدفعه الحاجة مطلقا إلى اختلاس بضع جنيهات .

ها هو أخيرا له سيارة خاصة ، فرك كفيه بحماس قبل أن يقبل ظاهر كفه وباطنه مرددا : اللهم لك الحمد والشكر . يارب أغنيها بالحلال كرامة لحبيبك النبى .

تحرك بالسيارة مغادرا حيه الذى دبت فيه الحياة . الصيادون هنا وهناك يعرضون ما جادت به الأقدار عبر شباكهم رغم اهتراء معظمها ، فهذا هو حى السيالة الذى تدب فيه الحياة مع صلاة الفجر .

هدأ سرعة السيارة بجوار أحد الصيادين : صباح الفل يا عبد العزيز

ابتسم الرجل لتظهر تشققات وجهه التى صب البحر أملاحه فيها : صباح الورد يا شاكر .. هتشترى سمك ؟
توقف شاكر ليترجل عن السيارة : واحد غالى عليا عاوز أكلة سمك حلوة .. بكام اللوحة دى ؟

ابتسم عبد العزيز باستحسان : طول عمرك ناصح .. بس هتاكل فيها لقمة ولا مشال بس ؟
حك شاكر ذقنه لفطنة الرجل : هناكل فيها لقمة يا عبده ، ريح السعر بقا .

أومأ بتفهم : يبقى تاخدها بخمسين جنى وتديهاله بسبعين وسيدى المرسى مانطلعها من هنا بأقل من كده يا جدع .
أخرج شاكر المال : ماشى قولك يا عبده عبيها خلينى نطلع على أكل عيشى .

********

دار شاكر بين طرقات المدينة الزاهية طيلة النهار ليعود منهكا بعد أن أرخى الليل وشاحه الأسود بساعات ل
.. يمر فى هدوء الليل إلى منزله مباشرة حيث تنتظره زوجته سعاد وأبناؤه الثلاثة ؛ محمد ومحمود وحامد .

دخل يجر قدميه للأريكة مباشرة فيلقى ثقل بدنه الذى ناءت بحمله الأقدام ، أقدمت زوجته تبتسم ليرى أن ثمة ما سيطرح ولن يعجبه فى الغالب .

جلست تعاتبه برفق لا يطمئن له : كده بردو يا شاكر . مش أنى قلتلك تيجى تتغدى الضهرية !؟
خلع سترته ليتوسدها : يعنى نسيب أكل عيشى ونيجى نتغدا ما انى كل يوم بناكل ايوتها حاجة واتعشى هنا وخلصنا .
لوت شفتيها بإمتعاض واضح : الحق عليا إنى بنخاف عليك .. أنت حر

صمتت لحظات ثم حمحمت : شاكر فى موضوع عاوزة نتفاهم معاك فيه .

ابتسم شاكر بتهكم : نتفاهموا ولا نتعاركوا ؟ عاوزة إيه يا سعاد ؟

ربتت فوق صدره برفق : نتعاركوا ليه بعد الشر !! حد يقول للمصلحة لا ؟
اعتدل جالسا : وايه المصلحة بالصلاة على النبي ؟
اتسعت ابتسامتها : انت يا اخويا ربنا كرمك بالتاكس وخلاص هيتوفر قرشين .. انى عاوزة نفتح محل منظفات على القمة ، الحتة زى ما انت شايف مفهاش محلات ..هنعمل زبون بسرعة ونكسب دهب .

كدت أزل / كاملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن