الفصل الرابع

1.1K 147 22
                                    

الفصل الرابع

صدم محمود ليسمع أبيه صوت إبتلاعه ريقه ويشعر برجفة بدنه ويدرك فورا لما يخيله له عقله من صور كاذبة فيتابع بثقة : انى مش هنسيبك يا حودة .

إلتقط أنفاسه وعاد يبكى ألما بدنيا اثر احتياجه للمخدر وألما نفسيا لما أوصل له أبيه الذى حرر بعضا من حمم عينيه الباكية هذا الصغير الذى لم ير من الحياة ما ينعمه بها يبحث عن نعيما وهميا مهلكا ؛ الان لا يمكنه إلقاء كل اللوم على زوجته ، هو ملام وربما عليه تحمل الشق الأكبر من اللوم ، هو صمت عن تفريقها بين أبنائه ، هو لم يمنح هذا الصغير ما يعوض ما نزعته منه من حنان وحب ، هو لم يعترف بما طرأ عليه من تغير ولولا ذلك الحادث ربما أنكر للأبد رؤيته هذا التغيير .

قطع شاكر الصمت الذى فرض عليهما ليقول : انى شوفنالك مصحة كويسة ، على ما تخف رجلك تكون بطلته وترجع البيت زى الأول واحسن ، انى عارف انك هتتعب لكن انت كمان اعرف انى مستنيك ترجع لى ، ترجع لى حودة اللى الضحكة ماتفارقش وشه ابدا ماشى يا حودة ؟

اسرع حودة يكفف دموعه : ماشى يا بابا .. انى هنبطل نوعدك يا بابا هنبطل خلاص .

************

أودعه شاكر بالمصحة وتحدث مجددا مع الطبيب الذى طلب منه عدم زيارته لإسبوعين على الأقل فالمريض فى هذه الفترة يكون عدائيا احيانا ومكتئبا أخرى ويفضل عدم اختلاطه بذويه فى تلك الفترة المؤلمة .

غادر شاكر بعد أن دفع مبلغا كبيرا من المال لإدارة المصحة لكنه لم يستطع أن يعود للمنزل ، ظل هائما بين الطرقات دون أن ينتبه حتى لمن يشير له ليقله ليفق من تيهه ذا مع نداء الصلاة للفجر  .

عاد شاكر للمنزل مع ساعات الصباح الأولى ، نفس الموعد الذى إعتاد المغادرة فيه ، دخل لبيته بهدوء لتنشق شفتيه عن مرار مؤلم ، زوجته وولديه لم يهتما لغيابه ولا لعودته ، جميعهم ينام قرير العين وكأنه لم يغب عن المنزل .

تسلل لغرفته ليشعر برفض شديد لرؤيتها تغط فى نوم عميق فيتسلل للخارج مجددا ، ألقى همومه وبدنه فوق أحد الأرائك مغمضا عينيه هاربا من الواقع المختلط بألمه وأحزانه .

*************

استسلم محمود للنوم اثر المهدئات التى حقن بها لتمرير ساعات الألم والتى لم يفلح المهدئ فى تمريرها بشكل كامل وبدأ محمود يستيقظ متألما فى بداية الأمر أحتمل الألم وجاهد ليستمر متحملا ومتحاملا على نفسه لكنه فشل بعد ساعة مع تملك الألم من خلاياه شعر بتمزق أنسجته ببطء ، عظامه تنخر بمنشار بارد لتزيده ألما ، رأسه سينفجر لا شك من شدة الألم ، أما عينيه فتدق بها مسامير مخترقة جمجمته ويشعر بنقاذها من الجانب الآخر لرأسه .

بدأ يأن ليتحول أنينه بعد قليل لتأوهات مؤلمة وسرعان ما تحولت تأوهاته لصرخات ترتفع وتيرتها ورغم ذلك لم يحاول أحد مساعدته حتى حان موعد المهدئ كما قرر الطبيب الذى ينصب اهتمامه الأكبر على  به أكثر هو ما سيجنيه من مال لقاء تعافيه أو عدمه ففى الحالتين سيصب المال بحسابه الذى سيمكنه من توسيع المصحة وربما افتتاح أخرى فقد أصبح الإدمان بين الشباب يسرى كنسمات إعصارية بين حديقة خربة فيسقط أشجارها تباعا .
وغالبا ما يعود المتعافى بعد أشهر قليلة ليعيد كرة التعافى .

كدت أزل / كاملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن