الفصل الاول

63 6 0
                                    

صاح بها بنبره خاليه من الرحمه :بقولك انزلى هنا على اد فلوسك
ظلت تبكى وترتجف لا تصدق انها من الممكن ان تظل وحيده فى هذا المكان المخيف الخالى من الحياه حتى الصباح مجرد الفكره جعلتها ترتجف بالرغم من حراره الطقس ...لتحاول ان ترد بصوت خافت وشفاه ترتعش: هو حضرتك قلتلى هتركبنى لحد نص الطريق وفاضل كتير على نص الطريق....ارجوك نزلنى فى مكان مش مقطوع
ليكمل صياحه بكل جشع وبلا رحمه:لا ياما لحد هنا والفلوس اللى دفعتيها خلصت وبعدين انتى جايه عليا بخساره ...اتفضلى انزلى والا هنزل ارميكى بره العربيه
حاولت انت تنظر لباقى الركاب لعل احد يكن لديه ذره من الرحمه يتحدث اليه كى لا يتركها فى تلك المنطقه التى حتما لو بقت بها دقائق ستفقد شيئا غاليا....لتقرر التحدث الى هذه المراه التى رات فى عيونها العطف ولكن زوجها ينظر لها شرزا كى لا تدخل ....
هنا صاح هذا السائق الخالى من الرحمه والانسانيه وهو يرتجل من امام كرسى القياده ليتجه الى باب الميكروباص ويفتحه بعنف لتحاول هى عدم الوقوع فهى كانت تستند على الباب الذى شده للتو ....لتزداد ارتجافتها ويختفى صوتها ولم يعد لها اى رد فعل سوى انفاسها التى تعلو وتهبط برعب ودموعها التى تنهمر كمطر فى ليله شتاء قاسى ...
جذبها من معصمها وهى تتمسك بحقيبتها بشده وكانها بها كل ماتملك لم تقاومه لا تدرى ماذا تفعل ....هى على يقين ان الله لن يخذلها ...لكن قوتها على التحمل لم تعد تساعدها على التماسك
هنا لم تستطع تلك المرأه الصمت وصاحت بهذا الجشع:ماتسيب البنيه ياراجل يا مفترى وبعدين تنزلها هنا ازاى فى نص الليل
السائق وهو يجذبها خارج سيارته:الاخت دافعه نص الاجره وقالت ركبنى بيهم ولحد هنا فلوسها خلصت وجايه عليا بخساره
وهنا تحدث زوجها بعد ان شعر ان حديث زوجته ومبادرتها فى الدفاع عن تلك الفتاه تهين رجولته :يعنى ايه فلوسها خلصت وبعدين هنا مش نص الطريق وكمان هى مش قاعده على كرسى يعنى اجرتك اخدتها مننا كامله البت واقفه طول الطريق جنب الباب يعنى انت كسبان الفلوس اللى هى دفعهتا زياده على حمولتك
السائق عربيتى وانا حر فيها
هنا شعر اغلب الركاب ان الموقف غير عادل عندما راو تلك الفتاه وسط بكاءها خارج السياره فى هذا الطريق الخالى من البشر ليعلو اصواتهم معترضه عما يحدث ......لكنه اغلق الباب وعاد الى مقعده وتحرك بالسياره وهو يصيح بهم:واللى اللى مش عاجبه ينزل يونسها ....شكلها عامله مصيبه وانا مش ناقص بلاوى
وهنا لم يستطع هذا النائم الصمود اكثر من ذلك على هذه الفوضى والضوضاء التى اقلقت نومه بالرغم من وضعه السماعات الا ان الاصوات ايقظته ليصرخ بغضب فى السائق الجالس بجانبه:فيه ايه يا بنى ادم انت
ليشعر السائق بالرعب من هذا الشخص الذى لايليق عليه ابدا ان يستقل سياره اجره لتلقه الى محافظه اخرى فهو يليق به ان يركب طائره خاصه وليس هذا الميكروباص
ابتلع السائق الكلمات ولم يستطع الرد  ولكن لم تتوقف اصوات الركاب المعترضه
ليتحول بنظره الى الخلف ليرى ملامح الضيق على وجوه الركاب...ليعيد سؤاله مره اخرى ولكن بهدوء:فيه ايه والعربيه ايه كان موقفها هنا
لينظر خارج السياره ليلمح تلك الباكيه التى ترتجف رعبا وهى تتلفت يمينا ويسارا خوفا من المجهول
تحدث احد الركاب:الراجل عديم الرحمه ده نزل البنت عشان مش معاها غير نص الاجره
لم يستوعب عقله ان هناك جشع بتلك الطريقه ليسرع ويمسك بالمقود ويجبر السائق على ايقاف السياره بعد ان ابتعدت مسافه كبيره عن الفتاه ويأمره بالعوده الى الخلف مره اخرى
ويصيح بالركاب الذين لم يوقفوه عما فعل  واكتفوا بتوبيخه:وانتوا وقفتوا تتفرجوا حسابكم معايا بعدين
السائق وهو يبتلع ريقه ويشعر بالخوف من هذا الوحش الجالس بجانبه:ياباشا هى اللى طلبت تركب لحد نص الطريق
ليصرخ به قلتلك ارجع هاتهاوالا مش هرحمك
حاول السائق التظاهر بالشجاعه امامه ليرد بنبره خائفه:ي باشه مدخلش نفسك فى اللى ميخصكش وانت مين عشان تخلينى اوقف العربيه واعطل نفسى عشان اجيبها
هنا بلغ غضبه اقصاه وهذا مابدى على ملامحه فتحدث بصوته الجهورى ليدب الرعب فى قلب هذا السائق:ميخصش مين يالا دا انت هتشوف ايام اسود من اعمالى انا الرائد هارون ولو متعرفتنيش فانا هعرفك ابقى مين ....ارجع هاتها بالذوق بدل ما ارجعك بالعافيه ....ليلفت نظره شخص ياتى من مسافه ليست بعيده يشيرللسائق وهنا فهم لماذا انزل هذا السائق تلك الفتاه
ليستمر السائق بالتحرك خوفا من يفضحه صديقه امام هذا الشخص الذى يبدوا انه قد يدمر مستقبله ان اراد..... لكن هارون اجبره على عدم التوقف حتى يرى ماذا يريد هذا الشخص
السائق:طب مانلحق البنيه احسن حد ياذيها فى الطريق المقطوع ده
هارون بنظره يملؤها الغضب والاستهزاءوامره بالتوقف:اصبر لحد مانشوف الراجل  ده كمان
تقدم منه هذا الشخص الغريب ليصيح به:ايه يا عم حماده راكن بعيد ليه يا عم انا مستنيك بقالى ساعه
ليبتلع حماده السائق ريقه بتوتر:ها لا ...اصل ...
هنا لم يستطع هارون ان يحتمل اكثرفنظر الى السائق نظره جعلته يتمنى الموت .... وتحدث الى هذا الشخص ببرود : اركب مستنى ايه
الشخص:تسلم يا كبير
لم يجرؤ احد على النطق بكلمه واحده امام هذا الشخص الذى يبدو كأنه احد رجال امن الدوله
السائق بتردد :اطلع يا باشا؟
نظر له وتحدث بهدوء ارعبه:لا ارجع يا عم حماده
السائق:والاخت هتركب فين
نظر هارون للمقعد الخالى بجانبه  ولم ينطق بحرف
ليعود السائق هذه المسافه الى الخلف يبحث عن تلك الفتاه ليسمع صوت صراخ ويلفت انتباهه سياره ملاكى لا يوجد بها احد تقف على الطريق
هنا انتبه هارون لما يحدث فسحب مفتاح السياره من هذا اللعين  كى لا يتحرك وترك السياره مسرعا وراح يجرى نحو الصوت ليجد ما توقعه شخصان يحاولان اللحاق بتلك المسكينه وهنا زاد غضبه اضعاف فقد كان يريد من يخرج به غضبه وكان هذان المهاجمان فرصته لاخراج غضبه بهم......
توقف مكانه وصاح بصوت عالى كى يجعلهم يتوقفون عن اللحاق بها وينتبهون اليه:اللى ياكل لوحده يزور يا شباب
تحدث احدهم وهو يلتفت له:طب ايدك معانا دى البت فرهدتنا وعماله تلففنا وراها وانا خلاص مش قادر اجرى تانى
صاح به صديقه:لا احنا مش محتاجين حد معانا واتفضل شوف انت رايح فين والا هنشرحك هنا
تحدث هارون بنبره مستفزه وهو يتقدم نحوهم بهدوء:ما انا لو شايفكم رجاله مكنتش عرضت مساعدتى
ليخرج احدهم المديه من جيبه ويلوح بها فى الهواء لاخافته:لو قربت مننا هنشرحك يا روح امك
هارون مستنكرا:تؤتؤتؤتؤ...تشرحنى...... وياروح امى
لينقض بسرعه على احدهم ويلكمه بكل قوته لدرجه لم يستطع هذا الشخص الثمل مواجهته ولكنه لم يشبع غضبه بعد ليتركه مرمى ارضا ويتجه نحو الشخص الاخر الذى شعر بالرعب حينما شعر انه وحده امام هذا الوحش الضخم الذى يبدوا وانه لن يهزمه احد ليتراجع والمديه ترتعش بيده وهو يحاول تهديده بها وهو يتقدم نحوه بهدوه
:بقولك ايه ابعد عنى احسن اشرحك اوعى تفتكر هتقدر تعمل فيا زى ماعملت فى العيل الخرع ده
هارون بكل برود:تصدق خلتنى اخاف
وتقدم نحوه بسرعه ليركل تلك المديه ويمسكه بين يديه يسدد له اللكمات ويسبه لما كاد ان يفعله بتلك المسكينه التى لا يعلم من اين خرجت له لتعكر صفو هدوء  ليلته فهو لم يهرب من اصدقائه وعائلته الا فقط ليريح راسه ...ولكن للقدر راى اخر دائما
انتهى منه ولم يشعر ان غضبه قد هدىء بعد لم يكن هذان الضعيفان كافيان لاخراج غضبه ولكن يكفى الى هذا الحد ......حاول البحث عنها....ليميز صوت شهقات بكاءها المكتومه وهى تظنه سيهاجمها ....لكنها ميزت تلك الرائحه القويه التى كانت تملىء الميكروباص فهى لم تنساها
هارون:يا انسه انتى كويسه
نظرت له وهى تبكى فى صمت فهزت راسها بالنفى
هارون:طب يالا نمشى من هنا قبل ما تحصل مصيبه تانيه
همت ان تتحرك معه تلقائيا لكن عقلها نبهها انه قد يكون معتد اخرلتسأله بعفويه:انت مش هتأذينى صح؟
ابتسم لعفويتها :لاء مش هاذيكى ويالا الميكروباص مستنينا
لتتذكر ذلك الوغد ولم تفهم ما قد يكون حدث ليعود اليها ....لكنها شعرت بالامان عندما عاد اليها شخص محمل بتلك الرائحه التى اخترقتها وثبتت فى ذاكرتها
سارت خلفه بكل هدوء حتى وصلا الى الطريق ....لتجد ان الكل ينتظر ويبدوا على وجوههم تساؤلات ...لكن لم يجرؤ احد على الحديث
ركب الى المقعد الامامى وامرها بالجلوس الى جانبه وامر السائق بالتحرك بعد ان اعطاه مفاتيحه .....تحركت السياره ولكن بعد مده امر السائق بالتوقف
حماده السائق:فيه حاجه يا باشا
هارون بجديه :انزل
حماده ببلاهه:ها انزل ليه
هارون بهدوء:انزل وخد صاحبك معاك ...وكلمه زياده وانا هعلمك الادب بس بطريقتى اللى مش هتعجبك
حماده:ياباشا الدنيا ليل والحته مقطوعه وكمان العربيه...
توقف عند الحديث عندما صاح به:لو عاوز اللى عملته ده يعدى م غير ما تتأذى تنزل...وبعدين مش عيب راجل يخاف ينزل فى حته مقطوعه وترضاها لبنت وكمان انا كارمك وهنزل صاحبك معاك اللى نزلت المسكينه دى لوحدها فى حته مقطوعه عشان تركبه ...اما بقى العربيه فدى خدلك منها اجازه اسبوع اسبوعين لحد ما تتربى وابقى ارجعهالك...ليصيح به بنبرته الغاضبه التى ارعبته بشده ليرتجل من السياره هو وصديقه
نظر لها وهى لا تصدق ماتراه ....ان الله ارسل لها من ينقذها ويرد كرامتها ايضا ...نظرت له بامتنان وتحدثت بهدوء:شكرا ......ثم انهارت فى البكاء فهى لا تدرى ماذا تقول تشعر انه يستحق كل كلمات الشكر ...لكنها مضطربه بشده اثر ما حدث لها
جلس هارون فى مقعد السائق ونظر للركاب المرعوبون منه: اما انتوا حسابكوا معايا جاى انكم تسيبوا البنت دى للحيوان ده يعمل فيها كده
لتتحدث حنين من بين دموعها:لا والله دول قالوله حرام عليك ومكانوش راضيين يخلوه ينزلنى
نظر لها شرزا على غباءها وسذاجتها فحديثهم لم يمنع عنها الاذى ولولاه لكانت خسرت حياتها او شيئا غالى عليها
هارون :الظاهر انك كمان محتاجه تتعاقبى على غبائك اللى حطنا فى الموقف ده ...وانا اللى غلطان انى اتحركت عشان انقذ واحده غبيه زيك
شعرت بالغرابه من حديثه...كيف له ان ينقذها وبعدها يهينها هكذا ....لكنها الان لن تثير غضب احد ستبتلع الاهانه فقط لانها تريد ان تصل لبر امان
نظرت للاسفل واعتذرت بكل هدوء
اما هو شعر بالغضب من نفسه لاغضاب تلك الصغيره ....لكنه عوضها عما حدث لها وانقذها
بعد ساعات وصلت السياره الى مدخل الاسكندريه لم ينكر انه شعر ببعض الراحه عندما راها نائمه محتضنه حقيبتها وكيف لها بعد  كل مامرت بها من رعب ان يغمض عيونها.....ظل يتأملها عدة ثوانى ثم نادى عليها بصوت جاد:يا انسه قومى يا انسه
انتبهت لما حولها واستغرقت ثوانى لتستوعب اين هى اعتدلت فى جلستها وعدلت من حجابها
لم يستطع ان يبتعد بانظاره عن حركاته كم تبدو جميله وحركات اصابعها التى تبدوا كانها طفله صغيره تحاول ابهارك بكل ما تعملته فى حياتها القصيره ....فتحت حقيبتها وظلت تبحث عن شىء ثم توقفت وهى تفكر ثم نظرت له بتساؤل:هو انت اسمك ايه
ابتسم بسخريه وكان رده لاذعا:وهتعملى ايه باسمى اوعى تفتكرى عشان انقذتك هنعرف اسامى بعض وناخد ارقام بعض ونقضيها
هتف به بصرخه طفوليه:لا طبعا انا مش عاوزه غير اشكرك على اللى عملته معايا
اكمل حديثه ببرود :يبقى لازمته ايه تعرفى اسمى
نظرت ارضا:خلاص مش مهم انا هتصرف...لتلمح تلك الميداليه الظاهره من جيبه على هيئه حرف H
لمعت عينيها بالفرحه وعلى الفور اخرجت محفظه جلديه صنع يدوى من الجلد الطبيعى منحوت عليها حرف H بسيطه لكنها جميله قدمتها نحوه وتحدثت بهدوء عكس خجلها وتردده:ياريت حضرتك تقبل منى دى
نظر لما تمده نحوه باستغراب:ايه ده محفظه ؟وجبتيها منين دى
حنين:انا معايا منها فى الشنطه كتير لانى بعمل الشغل ده وياريت حضرتك ماتكسفنيش
ابتسم رغما عنه لبساطتها واخذها منها ليلمح حرف اسمه وقد ادرك انها رات المداليه لذلك اختارتها له ليرد وهو مبتسم:متشكر.....
مرت دقائق وقرر انزال الركاب قبل موقف النزول عقابا لهم على ما اقترفوه فى حقها وامرها ايضا ان تنزل معهم عقابا لها على استسلامها لما فعله هذا الحقير معها اما هو فانطلق الى عمله فى قسم الشرطه...لم يدرى لما شعر بالندم انه لم يعرف من تكون لما لم يصر على عمل محضر بما حدث لها ...لكنه نفض كل تلك الافكار من راسه واتجه الى عمله
اما هى كانت كغريق لم يسترد كامل قواه بعده....لم تفارقها رائحته ابدا لاتدرى هل عقلها الذى يصور لها ذلك ام انه قريب منها ظلت تلتف فى كل اتجاه ولازالت رائحته حولها .....استقلت سياره للوصول الى وجهتها حتى وصلت ولازالت تشعر برائحته حولها ابتسمت رغما عنها وشعرت ان تلك الرائحه تشعرها بالامان ......

حنين وكبرياءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن