سجائر

7 1 0
                                        

بسم الله.

اللهُم صلِ وسلم على سيدنا مُحمد.

مرحبًا من جديد 💕.

قراءة مُمتعة، ڤوت وكومنت لُطفًا 💓.

-

قلّبت صفحة كتابها بهدوء، وعيناها تتنقلان بين السطور كما لو كانت تهرب إلى عالمٍ موازٍ.
النسيم كان دافئًا، وصوت العصافير من حولها يشبه همسات مطمئنة.
قلبت صفحة أخرى، تلتها تنهيدة خفيفة، كأنها تواكب إيقاع القصة.

لكن فجأة، اخترقت رائحة نفّاذة الجو، رائحة دخان سجائر خانقة تسلّلت إلى أنفها بلا استئذان.
عبست برفق، ورفعت رأسها تبحث عن مصدرها.
كان هناك شاب يستند على شجرة قريبة، يغمض عينيه وكأنه يحاول الهروب من شيء لا يُرى، وبين أصابعه سيجارة تتوهج أطرافها الحمراء، ينفث منها سُحبًا من الدخان في الهواء... باتجاهها.

قالت بنبرة مؤدبة لكنها ثابتة:
"مرحبًا، هل يمكنك أن تدخن بعيدًا عني، من فضلك؟"

فتح عينيه ببطء، والتقت نظراتهما للحظةٍ قصيرة.
كان في عينيه شيء غريب... مزيج من التعب، واللامبالاة، وربما الحزن.
ثم حرّك رأسه بهدوء ووجّه الدخان إلى الجانب الآخر.

امتثاله الهادئ دفع ابتسامة خفيفة للظهور على وجهها، ابتسامة امتنان ممزوجة بالارتياح.
"شكرًا."

انتظرت ردًا منه، ولو بكلمة واحدة، لكنّه اكتفى بإيماءة بالكاد تُرى.
لم يتحدث لم يلتفت.
ومع ذلك، شعرت بشيء غريب... احترام؟
أو ربما راحة في صمته ، فكرت فجأة أن بعض الكلمات أحيانًا لا تُقال فقط تُشعَر.

تنهدت وأعادت نظرها إلى الكتاب.
لكن السطور أمامها أصبحت بلا طعم.
الكلمات لم تعد تنبض كما قبل.
انزلق عقلها بعيدًا عن صفحات الرواية إلى تلك اللحظة العابرة التي كسرت إيقاع يومها.

همست لنفسها:
"سأكمل القراءة غدًا."

وقفت بهدوء، تنفض عن فستانها الخفيف بعض أوراق الشجر، ولفت نظرها الشاب مجددًا.
كان ما يزال هناك، مستندًا إلى الشجرة، يحدّق في نقطة بعيدة لا تراها.
كان يبدو صغيرًا، ربما في مثل عمرها، أو أكبر قليلًا.
ولن تعترف بذلك بصوت عالٍ، لكنها وجدت ملامحه جذابة... رغم أن الدخان دائمًا ما يُطفئ في عينها شيئًا من الجمال.
المدخنون، في نظرها، يملكون وجوهًا جميلة مغطاة بضباب.

ومع ذلك... قدّرَت لطفه حين احترم طلبها دون جدال، دون تبرير، دون نظرة مستفزة.
ابتسمت بلطف، وقررت أن ترد له ذلك الاحترام.

قالت:
"شكرًا مرة أخرى... أتمنى لك مساءً سعيدًا."

لم تنتظر منه ردًا. فقط سارت بخطى هادئة، تحمل كتابها في يدها، وشيئًا جديدًا في عقلها.

ربما كانت لحظة عابرة، لكنها تركت أثرًا صغيرًا... كعلامة بقلم رصاص خفيفة على هامش صفحة.

أنتحار بطيئ | مُترجمةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن