١: سماءٌ وكَأسُ شَايْ .

5.8K 419 174
                                    


ستتعلم كثير من دروس الحياة إذا لاحظت ان رجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار.

لا إله إلا أنتَ سبحانك إني كنتُ من الظالمين

====================


السماء في الأعلى تبدو مذهلة... كلُ شيءٍ هادئ، لا أشخاصَ هناك يتوقون للحديث عما جرى في يومهم فورَ رؤيتك، ولستَ مسؤولاً عن أمرٍ ما يدمر يومكَ إن فشلتَ فيه.

لا تدريباتٍ هناك، لا صراخ، ولا تمييزَ بين الأشخاص تبعاً لمقدار قوتهم ... لا رُتَب ولا أشياءَ قد حُدِدت فور ولادتنا.

الأرضُ هنا ممتلئة، وكلُ شيءٍ يزداد ثِقلاً بمرور الأيام وكأن الجاذبيةَ تزيدُ ثانيةً بعد ثانيةٍ جاعلةً القيامَ بأصغر الأشياء الروتينيةِ حتى صعباً للحدِ الذي يجعل رفعَ يدك لطلبِ أمرٍ ما أو حتى الخروج من السرير صباحاً شيئاً كالذهاب الى معركة... كلُ شيءٍ ثقيلٌ لدرجةِ أنَّ كتفاي لم يعودا يتحملان ما فوقهما دونَ أدنى تفسيرٍ لذلك.

لأنه مهما نظرت للأمرفإنني لا أملكُ ما أفعل في حياتي غير تدريبات القطيع صباحاً، الجامعة، العودة و المساعدة في الأعمال الروتينية، ثمَّ التدريبات المسائية و النوم.

يومياتُ مستذئبةٍ في عامها التاسع عشر، بلا أي نظرةٍ مستقبلية، لم تجد رفيقها، ولا تمتلكُ أي رتبةٍ أو شيءٍ مميزٍ ولا بأي طريقة.

الجميع يقول أنّنا كمستذئبين نمتلكُ حياةً ومستقبلاً شبه مضمونٍ على عكسِ كثيرٍ من البشر، لدينا قطيعٌ يأوينا ويحمينا، نعيش في كنف العائلة حتى ايجادنا رفيقنا، ومن ثمَّ عندما نجده تُحل المشاكل أجمع ... وينتهي الحال بنا لتكوين أسرة.

من سجنٍ إلى سجنٍ آخرَ ومن روتينٍ مملٍ دونَ كثيرٍ من المسؤولياتِ إلى روتينٍ مملٍ بكثيرٍ من المسؤوليات. ورغم كون قضية الرفيق بحد ذاتها أمراً يضمن أنه لن ينتهي بكَ الحال وحيداً في حياتك...أو على الأقل، بالنسبة لنا نحن الفتيات، يُشبه هذا حقيقةَ كونكِ ستجدينَ شخصاً يتقبلك لأنكِ أنتِ و يحبك ولا يرى غيرك معاً دونَ كثيرٍ من الجهد، لأنه قدرنا...

تحدثُ الكثيرٌ من القصص المثيرة بهذا الصدد، كأن تكون أوميغا رفيقة ألفا، أو تكونَ روجر بلا مأوى رفيقةَ شخصٍ مهمٍ في القطيع كالبيتا أو حتى الألفا، أن تكونَ رفيقة أحدهم بشرية كما حدثَ مع الألفا خاصتنا، أو أن يتبينَ أنَّ أصدقاء الطفولة رفقاء في لحظةٍ عظيمةٍ يومَ بلوغهما... كما حصلَ مع ابن الألفا الأكبر.

لكنَّ هذه تبقى أحداثاً نادرةً ويختفي الاهتمام بها بعدَ فترةٍ وما يظلُ في حياتنا هوَ قصصنا الخاصة ، وقصتي حد الآن تتلخصُ بهذا : مرَّ عامٌ منذ بلوغي ولم أجد رفيقي، وهذا يعني أنه ليسَ من قطيعنا، ونقطة.

أي فلنضع بالاعتبار إحتمال ايجاده خلال الخمس أو العشر سنواتٍ القادمة كحدٍ أقصى... وإن لم أجده فإنتهى الأمر، سأعمل طبيبةً في مشفى القطيع بدوامٍ كاملٍ وتفرغٍ كاملٍ للمسؤولية وحسبُ وهذا مسارُ عملٍ ممتاز بالمناسبةِ وطريقةٌ جيدةٌ للعيش دونَ أن تخبرَ نفسكَ كل يومٍ أنكَ عالة.

عَتَا «مُكتملة»حيث تعيش القصص. اكتشف الآن