مرحبا يا أصحاب
استمتعوا بالبارت الجديد
و كومنت منكم يسعدني💕في الديار و بعد يوم ارتاح خلاله الجميع من أتعاب الرحلة ، بجوار المراعي جلس الثلاثة يتحدثون
بادي: وش رأيك بقعدة الشيخ ذيب معنا يا سهيل؟ سهيل: فرحان كثير انه راح يقعد معنا
بادي: سامع نفسك وش قاعد تقول ؟ ذيب شيخ يا سهيل شيييخ و ما فيه قبيلة يجتمع فيها شيخين
سهيل: طيب و إذا شيخ! هو شيخ في قبيلته اما هنا معروف مين الشيخ
بادي: بس هذا رأيك! انا ما اقدر اجاريك ولا افهم عليك يا سهيل ، تليلان بالله عليك فهم سهيل وش يعني وجود ذيب معنا
ألتفت الاثنان إلى تليلان مهموم البال المنشغل بالنظر بعيداً ناحية الخيام
بادي: تليلان ... تليلان وين وين عقلك
ألتفت تليلان ناحية الاثنين بوجه مكفهر
تليلان: وش فيك يا اخوي ؟
بادي: اسمع سهيل ش..
قطع حديثه تليلان الذي وقف و سار مبتعدا و قد أعتلى صوته من شدة الغضب: اتركه يسوي الي يبي و انت ليش يهمك !!
تجمد بادي مصدوماً من أخاه الغاضب و نظر بعدها بإتجاه سهيل الذي أنخرط في نوبة ضحك طويلة على تعابير بادي
تحدث بادي بينما علت الحمرة وجهه المحرج : وش الي يضحكك! وشنو معصب تليلان ؟
تحدث سهيل من بين ضحكته : يخوك ركز شوي على أخوك و اتركك مني
بادي : وش تقصد؟
توقف سهيل عن الضحك وطغت على حديثه الجدية: مضت مدة و شوق تليلان رافضه تتكلم معه ولا تسألني ليش لاني ما ادري وش صاير بينهم بس هذا الي فهمته من كلامه و هذا هو الي مزعله و شاد أعصابه
بادي: كل هذا صاير ويقول لك ولا يقول لي!! و أنا أقول ليش زينب رجعت بيت أهلها
أنخرط سهيل في نوبة ضحك جديدة و ردد: لو تركز على الي يصير مع اخوك احسن لك من التركيز على الشيخ ذيب ولا فيه واحد صاحي ما يدري ليش زوجة اخوه هاجره زوجها من فترة ولا هي ناويه ترجع له
بادي: ما تستاهل احد يهتم لأمرك ، قام و رمى العصا التي كان يمسك بها ، اروح اشوف اخوي احسن لي
ابتعد بعدها بادي متجها إلى تليلان بينما بقي سهيل لوحده
" سهيل"
شد الصوت القادم من الخلف انتباه سهيل الذي أجاب بسرعة: لبيه
نظر بعدها لذيب القادم بإتجاه و تحرك مفسحا مكاناً لذيب للجلوس بجواره
ذيب: جالس هنا لحالك؟
سهيل: لا كنت مع بادي و تليلان بس الاثنين راحوا قبل شوي و خلوني
هز ذيب رأسه و همهم ثم حول نظره بتركيز نحو سهيل و اردف : انا جديد هنا مثل ما انت داري ولا عارف وين اروح ولا وين اجي في واحتكم و تدري تسوي فيني خير لو ..
قطع سهيل حديث ذيب واضعاً يده على كتف الاخير : فهمت عليك و الحق اني قصرت في حقك ، كان المفروض ادلك على واحتنا من اول يوم
ذيب: ما هي مشكلة ، في الاصل ما صارلي الا يوم هنا
سهيل : اييه اييه
وقف سهيل و جر ذيب معه يوقفه ثم رافقه في جولة حول الواحة.
عند المساء و قد أنخفضت درجة الحرارة عاد الناس أدراجهم نحو خيامهم و اشعلت النيران طلباً للدفء و الضوء
سار تليلان بين الخيام و قد عم الهدوء المكان و ما عاد يسمع في الأرجاء سوى بكاء الأطفال ، وقف بجوار احدى الخيام
ردد تليلان بجوار باب الخيمة : السلام عليكم يا أهل البيت .. يا أهل البيت
ابو زينب : و عليكم السلام
تليلان: جيت أكلم زينب يا عمي
ابو زينب : حاضر يا وليدي
نادى ابو زينب على ابنته ثم ترك الزوجين بمفردهما لعل هذا الحديث يثمر و تحل المشكلة
نادت زينب بينما تتفحص ظهر تليلان الواقف أمام الباب: تليلان
صمت تليلان لمدة ،كلما حاول استخراج كلمة من فمه كانت الغصة تسبقها و توقف الأحرف في حنجرته ، تنهد عدة مرات محاولا زفر كل نواح علق في صدره و عجز عن البوح به لأنه في مكان لا يبكي الرجال فيه
تليلان: انا .. انا .. بس جيت انشد عن الحال
زينب: الحال باقي مثل ما تركته
تنهد تليلان من جديد مدركاً أن زينب باقية على رأيها و أن عودة المياه لمجاريها ربما تطول ، استأذن بعدها و ترك زينب خلفه متجها نحو خيمته، في الخيمة و قد اجتمع الاخوين اقترب بادي من تليلان و جلس بجواره
بادي: ليش ما قلت لي؟ انا اخوك و اقرب لك من غيري
تليلان: فكرت انك راح تفهم الوضع بدون لا اتكلم دامك عرفت ان زينب رجعت لبيت اهلها
بادي: وانا وشلون راح افهم ؟ اعتقدت انها راحت زيارة وبس
تليلان: طيب و هذا انت عرفت خلاص يا اخوي لا تزيد اللوم عليّ يكفيني همي
رد بادي و هو يدق يده على صدره: ولا تزعل يا بعد حيي و ميتي حل مشكلتك عندي
زحف تليلان بضع خطوات مقترباً من بادي و في عينيه لمع رجاء بإقتراب حل المشكلة: وشلون بس وشلون قول الي عندك
بادي: كلم زوجة عمي تتفاهم مع زينب و تقنعها ترجع في النهاية زينب تحب العمة مريم و تعزها كثير و مستحيل ترفض لها طلب
قلب تليلان الفكرة في رأسه و بعد تفكير تيقن خلاله انها مجدية وأن الفرج قد يأتي بها من بعد الله
أخذ برأس بادي بين يديه و قبله شكرا له على نصيحته عازما في داخله على الحديث مع العمة مريم في صباح الغد و الأتفاق معها لإقناع زينب بالعدول عن رأيها
في الصباح و قد خرج الرجال لأعمالهم اسرع تليلان لبيت عمه الشيخ قاصدا العمة مريم قابله في الطريق سهيل الذي استوقفه
سهيل: تليلان تجي انت و بادي معنا انا و ذيب
تليلان: وين؟
سهيل: بنطلع للصيد ، البارحة طلب مني ذيب ارافقه للصيد و قلت نروح مع بعض احسن
تليلان: اعذرني يا سهيل بس انا مشغول و بادي طلع لحدود الواحة بعد م ارسله عمي الشيخ ينجز حاجة له
همهم سهيل وتحرك بعدها الاثنان كلاهما في طريقه سهيل نحو خيله و تليلان نحو خيمة عمه، على مقربة من المراعي وقف ذيب في انتظار سهيل
"ذيب ..ذيب" التفت ذيب لسهيل القادم من ناحية الخيام
سهيل: خذ خيلك من يدي تعبت و انا امشي الاثنين معي
ذيب: سامحني تعبتك و مشكور على الخيل
سهيل: لا تشكرني عليه من اليوم ورايح هذا الخيل خيلك
صمت سهيل ثم تابع بسرعة قبل ان يتحدث ذيب
سهيل: هدية هدديية الخيل هدية مني لك و تعرف الهدية لا تهدى ولا ترد فلا تردني
نظر ذيب لسهيل طويلاً قبل ان يشيح بنظره ويرد عليه بهمهمات قصيرة ، انطلق بعدها الاثنان في طريقهما
في خيمة الشيخ و بعد تبادل السلام و التحايا جلس تليلان مع زوجة الشيخ مريم
العمة مريم: امرني يا تليلان يقولون انك طالبني
تليلان: ايه يا عمة ابي مساعدتك و اظن ان حل مشكلتي عندك
العمة مريم: يلا تكلم اسمعك
تليلان: تدرين يا عمة ان زينب تحبك و تعزك و انا ابيك تكلمينها و تقنعينها في موضوع ولد الغدير
العمة مريم بتعابير متعجبة: ولد الغدير! من هذا؟
تليلان: الحين اقولك يا عمة، قبل كم جمعة وعند الغدير سمعت زينب صوت صياح عيّل و تتبعت الصوت الي وصلها لمكان متروك فيه عيّل صغير ملفوف بفروة سودا اخذته معها و جابته للبيت و لما وصلت قالت لي الي صار و قالت انها تبي تربي الولد و انا رفضت وشلون قولي لي يا عمة اربي ولد موب ولدي ولا حتى اعرف هو ولد مين؟ و رفضي هذا زعلها و راحت لبيت اهلها و الولد معها و من يومها لليوم مهي راضية ترجع لبيتها
العمة مريم: و ما حاولت تقنعها برأيك؟
تليلان: الا يا عمة حاولت كثير بس عجزت فيها والله انها حيرتني ولاني داري وش اسوي علشان ارضيها و ترجع لي و لبيتها، و الحين جاي و حاط رجاي فيكِ يا عمة كلميها و اقنعيها ان الولد ما يصير يتربى معنا
العمة مريم:و ايش جاب الولد للغدير اصلا؟
تليلان: حتى انا فكرت فيها كثير يا عمة و قلت لعله ولد واحد من الحجاج الي مروا الواحة من كم جمعة و يمكن انه ضاع منهم ولا قدروا يعرفون مكانه
العمة مريم: بس ما سمعت احد من نساء الحجاج تقول انها ضيعت ولدها ؟
تليلان: والله اني محتار مثلك يا عمة بس يمكن انه ضاع منهم وقت مغادرتهم ولا ادركوا هذا الشي وقتها، المهم ان الولد الحين موجود معنا و انا ما ابيه
العمة مريم: الولد صغير يا تليلان وشلون تتركه؟ و وين راح يروح ؟ و مين راح يقبل يربيه؟
تليلان: لا تخافي يا عمة اهل الخير كثيرين في القبيلة و اكيد راح يرضى واحد منهم يربيه
العمة مريم: و انت ما تبي اجر كفالة هذا اليتيم؟
صمت تليلان لمدة بينما اشاح بنظره لخارج الخيمة ثم اردف: يا عمة انا جايك علشان تقنعين زينب مو تقنعيني انا
" عمي تليلان .. عمي تليلان" قطع نداء رباح العالي حديث الاثنان
تليلان: وش فيك يا رباح
رباح: عمتي زينب طالبتك تروح لها الحين يا عمي تليلان و تقولك استعجل
العمة مريم: خير اللهم اجله خير
تليلان: من رخصتك يا عمة
العمة مريم: وداعة الله يا وليدي
نهض تليلان بعدها متجهاً إلى زينب
في البيداء بعيدا عن الواحة سار الاثنان معاً، سهيل يتحدث عن رجال القبيلة و ذيب يستمع
ذيب: الا وين ابو تليلان و بادي ما شفته ولا انت ذكرته لي
سهيل: ابوهم و امهم انتقلوا إلى جوار ربهم لما كانوا في الحج و وقتها الاثنان كانوا صغار و كفلهم ابوي و من يومها و انا و هم كأنا اخوان
ذيب: اهاا طيب بعيدا عن اهل القبيلة ما قلت لي كم يبعد مكان الغزلان هذا عن الواحة؟
سهيل: مسيرة يوم
ذيب: يعني راح نقضي الليلة في البيدا
سهيل: ايه اكيد بس لا تخاف جهزت العدة اللازمة للمبيت
ذيب: طيب
بعد مسير استغرق اليوم بأكلمه بحث الاثنان عن مكان مناسب للمبيت حتى وصلا لسفح جبل تداخلت صخوره مع بعضها البعض مكونة ملجأ جيداً لقضاء الليلة فيه، اخذ ذيب الخيول و ربطها بينما اشعل سهيل النار و جهز القهوة ثم جلس الاثنان بجوار بعضهما ، قال سهيل بينما يعطى فنجان القهوة لذيب: هذي المرة راح تشربها بيدك و انت حر
ضحك ذيب و اخذ الفنجان يشرب منه
سهيل و عيناه تتفحص ذيب: في الأيام الي قضيتها في الجبل وشلون عشت يا ذيب؟
تنهد ذيب و اجاب: أيام مضت ولا ابي اتذكرها يا سهيل ، اتركها تموت في عقلي و قلبي
استدرك سهيل و رد: اعتذر منك ان عكرت مزاجك بهذا الطاري ما قصدت ولا راح اسألك مرة ثانية
صمت الاثنان بعد كلام سهيل بينما ينظر احدهما للفارغ اللامتناهي للصحراء و يتأمل الأخر ألسنة النار امامه قطع الصمت همس ذيب: ما سويت شي ، قضيت الأيام في الأكل و الشرب و عقلي المشغول بحال القبيلة و الي وصلنا له
همهم سهيل و تابع ذيب : قلبي مقهور يا سهيل من الي صار وشلون فجأة كذا انقلب الحال حتى لو الناس رددت و قالت اني باقي شيخ هم يدرون مثل ما انا ادري اني ما عدت شيخ ولا حتى على نفسي ، خلاص ذاك زمان راح و انتهى
تكلم سهيل بلهفة و كل الي في باله يخفف شوي من هم ذيب: لا تقطع حبل الرجاء باليأس يا ذيب، ادعي الله بالعوض وادعي ما خاب من دعى
ابتسم ذيب لسهيل ابتسامة صغيرة داري انه يحاول يخفف عنه ولو بالكلام
ذيب: ان شاء الله ان شاء الله
عودة بالزمن للصباح بعد نداء رباح لتليلان ، توجه تليلان فورا إلى خيمة أهل زينب و هناك استقبله ابوها ثم ارسله إلى داخل خيمة زينب ، دخل تليلان الخيمة و قد ملئت بصراخ الطفل و بكائه
تحدثت زينب من بين شهقاتها: ساعدني يا تليلان الولد ما ادري وش فيه من الصباح و هو يبكي كذا ولا قدرت اهديه
تليلان: طيب اهدي شوي يا زينب يمكن جوعان
زينب: لا يا تليلان الظاهر ان الولد تعبان و يبي له علاج
صمت تليلان يفكر و نطق بعدها : طيب خلينا نأخذه لعمتي مريم يمكن تعرف عوقه او تعرف احد يساعدنا
هزت زينب رأسها بالموافقة و اخذت الطفل معها و توجه الأثنين للعمة مريم
عند العمة مريم و بعد ما نادت واحدة من نساء القبيلة لتفحص الصغير
خرجت العمة مريم من الخيمة متوجهه لتليلان
العمة مريم: لا تخاف يا تليلان الولد بخير الحين و الظاهر أنه كان يصيح من وجع في بطنه
تليلان: و الحين؟
العمة مريم: الحين روح و جيب شوية من أعشاب الغدير و راح نجهز له الدوا
تليلان: حاضر يا عمة
ركض تليلان بإتجاه الغدير يجمع الأعشاب المطلوبة عاد بعدها و اعطى الأعشاب للعمة مريم و بعد يوم انقضى في علاج الصغير نام بعد ما ارتاح بفضل الله ثم الدواء و اجتمع الثلاثة بجواره
العمة مريم: و الحين وش قراركم راح تتركون الولد ولا راح تربونه؟
صمت الأثنان كل واحد يفكر في رغبة الآخر ثم يعود للتفكير في رغبته ، تليلان الذي شعر بحب زوجته الشديد للصغير و رغبتها العظيمة في الإعتناء به ما كان أمامه من خيار سوى أن يلين له و يرضى بتربيته قطع بعدها تليلان الصمت الذي طال
تليلان: خلاص يا عمة راح نربي الولد
استبشر وجه زينب فرحاً و اكمل تليلان: بس لو جاء أحد يسأله عنه أو لو عرفنا أهله راح نرجعه لهم، تمام يا زينب؟
نظر بإتجاه زينب ينتظر الإجابة فهزت الأخيرة رأسها موافقة
العمة مريم: طيب و من ناحيتي راح أبلغ كل نساء القبيلة بهذا الشي علشان يدرون مين هذا الولد و ليش تربونه
عاد بعدها تليلان و زينب مع الصغير لخيمتهم و انقضت الليلة.