Chapter 3

1.5K 109 129
                                    





بخطواتٍ مُتباطِئة لتتفادى أن تُحدث السلسلةُ الموصولة بقدميها أي جَلبة، تقدمت إيمي نحو الشاب الجالس في مُنتصف الغرفة الحالكة، و حين أمست على مقربة منه، أنزلت نفسها بحذر لتجلس قِبالته، و هَمَّت بإشعالِ مِصباح الزيت، الذي أحضرته معها، قبل ان يُثنيها صوته الهامسُ عن ذلك.

-لا تُشغلي الضوء، فقد يُلاحَظُ من الخارج.

هزت رأسها و قالت تُطمئنهُ بصوتٍ خالطه الوهن.

-الجميعُ يغطُ في نومٍ عميقٍ بعد الإسراف في الشراب، هذه حالهم كل ليلةٍ لا يتواجد فيها الزعيم.

-إذاً فالتجعليهِ خافتاً بأكبر قدر.

الحذرُ لا يزالُ ضرورياً، لذلك جلسا في ضوءٍ خافتٍ لا يكادُ يُنيرُ سوى البقعة التي وُضع المصباحُ فيها فوق الارضية.

-إذاً...

كان وليام أول من أنهى الصمت الذي ساد بينهما،ثم شَرَّع يُحركُ يديه المربوطتان خلف ظهره، و ما لبث ان سُمع صوت شيء يقعُ على الارض،ليسحب يديه و قد حررهما من الحَبِل الذي يقيدهما.

رمقتهُ الفتاة بغير تصديق، وهو يفركُ رسغيه بعد ان ترك القيدُ آثار خدوشٍ مُخضبة بالدماء على جلده، بسبب المحاولات العديدة لحَلِ عُقدة الحبل، اجاب نظراتها المَشْدُوهة.

-كُنتِ محقة، لقد مَدني الطعامُ بقدرٍ لا بأس به من القوة لأحرر نفسي.

إمتدت يداه، ليفعل الشيء ذاته بالحبل المربوط بكاحليه.

-سيتحتمُ عليّ إعاده ربطه مجدداً لكي لا يساوهم الشك، لكن الآن، لابُد لي من الجلوس بشكلٍ لائق أمامكِ.

إنفَكت عقدةُ الحبال التي تُكبلُ قدميه، فإعتدل في جلسته، و ألقى الضوء الواهنُ المنبثقُ عن المصباح وهجاً أضاء ملامحهُ المُلفتة، على الرغم من ان الكدمات شوهت جلده ، و تناثرت بقعٌ داكنه على ملابسه المُجعدة، فقد تَبَلَّجَ الأستاذُ الشابُ بهاءً، تماما كما تتذكره.

لا بُد انها قد سرحت بالفِكر قليلاً، لان صوتهُ قد أجفلها حين دعاها بإسمها.

-إيمي؟ هل انتِ مُصغية؟

-اه..نعم..يا سيدي.

لمحت التقارب بين حاجبيه في عبوسٍ طفيف، و تلك النظرة التي ترمقها بحذر.

-انتِ تتعاطين الأفيون، أليس كذلك؟

شهقت بخفوت، لم يكن استفساراً بقدر ما كان تأكيداً لشيء قد استنتجه. مررت لسانها على شفتين مُرتجفتين، و انزلت عينيها للأسفل لتتجنب نظراته، و كأنما سمع تساؤلاتها قبل تنطق بها، أجابها مُوضحاً.

خَلاصٌ قِرمِزيّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن