Chapter 4

1.4K 105 152
                                    





لم تدري إيمي كم مضى من الوقت وهي فاقدةٌ للوعي، أحاطت بها الظلمة لتُخدر حواسها و تسلب منها الإدراك الصحيح لتدفق الزمن. العتمةُ لم تُخفها، و لا كيف شعرت بنفسها تطفو فوق لُجَّة مُترامية الأطراف، قبل أن يثقُل جسدها و تهبطُ رويداً نحو القاع، و بدل أن تخشى الغرق، أحست ان السكون الذي احاط بها هو شيء كانت نفسها تتوق إليه بشدة.

قبل ذلك و في مكان ما من عقلها اللاواعي، تناهت إليها اصواتٌ متداخلة. حوافر خيولٍ، و همهمات خافته، وقد احست اكثر من مرة، بكوبٍ يوضع بين شفتيها لتشرب منه، و اخيراً عَمّ الهدوء لتنعم بالسكينة وسط ظلام رحيم لفها بحُنُوّ.



--------------



رمشت عيناها بتثاقلٍ وهي تُغالبُ الوَسَن، لتُفيق اخيراً، دون ان تستطيع تحديد المدة التي قضتها غائبةً عن الوعي.

أول شيء لفت إنتباهها كان السقفُ المزخرف بالجَصّ، المطلية حوافهُ بألوان مُشرِقة، و التي تتوسطه ثُّريا كريستالية تعكسُ ضوءا مُبهراً جعلها تتلألأ. هذا المنظرُ جعل الفتاة في حيرة من امرها، مُحال انها لا تزالُ في القلعة الموحشة الكئيبة، التي تتشابكُ خيوط العنكبوت على جُدرانها، و يهددُ سقفها المُتداعي بالسقوط في اَي لحظة.

حاولت النهوض، لكنها شعرت بإعياء مفاجىء أجبرها على العدول عن الأمر، أمالت رأسها قليلاً لتفقُدِ المكان، فوقعت عيناها على نافذة كبيرة إلى يسارها، يدخلُ منها قدرٌ وافر من ضوء الشمس، و قد وقف شخصٌ يُديرُ ظهره بإتجاهها قريباً من تلك النافذة. أفلتت عن ايمي شهقة خافتة حين لمحت خصلات شعره الاشقر المتوهّج في ضوء النهار، وقد أمدها التعرفُ عليه بقدر من القوة لترفع نفسها الى وضعية جلوس و قد دَبّ الارتياحُ في صوتها حين نادت بإسمه:

-الأستاذ موريارتي!

و لكنه حين استدار ناحيتها اخيراً، ايقنت على الفور ان هناك شيء مُختلف، و قد اجاب على التساؤل الذي اعتلى ملامحها.

-المعذرة، ولكنني لستُ وليام، بل شقيقه الأصغر لويس.

امتدت يدهُ لتعدل من وضعية نظارة طبية كان يرتديها، تنسدلُ خصلٌ من شعره الذهبي على جانب وجهه ليتوارى القسمُ الأيمنُ من ملامحه خلفها، و لكن النظرةُ الحادة التي رمقها بها كانت جلية تماماً.

-اه..آسفة، ظننتُ..

تلعثمت الكلماتُ على شفتيها، وقد أشاحت بنظرها عنه، نقلت بصرها نحو يديها اللتان تشدان على الملاءة البيضاء الناعمة التي تغطيها، لم تعلم سبباً لإرتباكها، ربما لأنها كانت ستشعر بإرتياح اكبر مع شخص تعرفه، و ربما يعودُ الأمرُ لخلو وجه 'لويس' من التعابير.

خَلاصٌ قِرمِزيّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن