تقول أستاذة طب الأعصاب
الدكتورة رولا الأبيض
"بنت الزبال"؛ هكذا كان اسمي بالمدرسة وبشارع بيتنا وفي كل مكان. نسوا اسمي وأصبحوا يطلقون علي "بنت الزبال"!
أبي كان عامل في البلدية وكان بيتنا بسيط. لم نكن ناكل زبالة متل ما كان يعتقدون. كنا عائلة مثل اي عائلة، نطبخ ونسهر ونضحك معا
3 صبيان و 2 بنات وانا أكبرهم.
لم ينتبهوا لشطارتي وتفوقي في المدرسة؛ فقط لأني "بنت الزبال". في الفصل، القليل منهم من كان يكلمني والأغلبية كانوا يخجلوا يجلسون معي، أو يمكن كانوا يقرفون مني معتقدين أننا لا نتحمم و"ريحتي زبالة"!
ولما سألتني المعلمة ماهو حلمك عندما تكبري، جاوبتها طالبة "حلمها تلم الزبالة" وضحكوا كلهم علي ولكني بكيت بحرقة.
ضمتني معلمتي لصدرها وهمست بأذني لا تزعلي
و لا تخجلي من عمل والدك ، فوالدي كان يعمل حارس عمارة
و يشطف الدرج و يلم الثياب القديمة ونلبسها ونفرح فيها كمان . كوني قوية!
نعم، سوف أكون قوية؛ هكذا قررت. لن أضعف ولن أدع أحد يضحك علي!
اعلمت اخواتي أن يكونو أقوى مني، علمتهم انه يجب أن لا نضعف ولا نسمح للزمن أن يكسرنا.
مرت سنين طويلة ونجحت بالبكالوريا و تفوقت ودخلت كلية الطب. تغير الوضع وأصبح الجميع ينادون: جاءت الدكتورة و ذهبت الدكتورة .
شعرت أني أطير، فرحت بنفسي وكأني كسرت كل شي كان قاهرني .جميع من ضحك علي، احتاجوني والله يعلم اني لم أقصر بحق حدا منهم.
كبرت و كبرو اخواتي. تغيرت الأحوال و أبي لم يعد في حاجة الي العمل: غيرنا بيتنا الي بيت أكبر ونحن يد واحدة.
اخواتي الشباب اثنين منهم مهندسين والثالث يدرس طب أسنان واختي بكلية الصيدلة . تزوجت و أصبحت أم لولدين و اخواتي منهم خاطب ومنهم متزوج .الله يوفقهم ويسعدهم، ولكن مستحيل أن ننسى انه بيوم من الأيام كان اسمنا "ولاد الزبال"!
كانت هذه الكلمة تذبح والدي أكثر منا ولكننا لم ننسى فضله علينا وبعمرنا خجلنا من عمله؛ المهم ربانا عاللقمة الحلال.
#اذا إنتهيت من القراءة حرك لسانك ب الصلاة على شفيع الأمة عليه افضل الصلاة والسلام