٢ | يَومٌ سَيّءٌ.

170 19 25
                                    







لا أذكُرُ مَتى بدأ كُلُّ هذا-
مَا هيَ النُقطه التي بدأَ عندَها عالَمي يَنهارُ من حَولي وأنا واقفٌ أُشاهدُ حُطَام سَنواتي يحيطُ بجسَدِي عاجزًا، يتصَاعدُ كُلَّما مَرَّتِ الأيَّام، أكادُ أغرَقُ فيه.
أَم غرِقتُ فِعلًا؟

لَكنَّنِي لِسَببٍ مَا لا أشعرُ بالحُزن، بَل لا أشعُر بشيء-
أيجبُ أَن أفعَل؟

اتسائَلُ ما الذّي يعنيهِ أن تَشعر بالسَلام، الطمأنينة، الهُدوء.. فَقط ولوَ لِلحظات.

أفتَقِدُ الهدوءَ حَقًا، أكادَ لا أسمَع محيطي من الفَوضى التي تدورُ في رأسي طوال الوَقت، تُهشِّمُ دوَاخلِي وتلتهمُني تدريجيًا، أشعرُ بأنَّنِي أهوِي، أغرَق، أتلاشَى في اللاشيء.

كم أصبَحتُ مثيرًا للشَفقه،
رُبَّمَا أستَحِقُّ ما حَدث لي بعدَ كلِّ شيء، رُبَّما فعَلتُ شيئًا اغضَب السَّماء فقررت أن تَصُبَّ فوقَ رأسي لعنةً أبديةً لا فِرارَ منها.

كُلَّما حاولتُ إصلاحَ شيءٍ يتداعَى قَبل أن أنتهِ، أتسَائلُ إن كانَ مُسليًّا للسَماواتِ مشاهدتي وأَنا أُعاني.

لا أفعَلُ شَيئًا سِوى أنَّنِي أُدنِّس كُلَّ ما أَلمِسهُ -
أنا المُخطِئ.. الُمذنِب
أَنا القَذر.. النَجِس
أنا المِسخ.. القَبيح
أنا الرَجُلُ السيء في قصصِ جميع من عرفتهم، أنا كُنتُ فَصَل المعاناةِ في كُتبهم، أَنا من دَسَّ السمومَ بينَ سُطورهم، وأنَا من مزَّق صَفحات سَعادتهم وَدعس على حروفُ بسَماتِهم.

أتسَائَلُ ما الذي فَعلتهُ لأستحَقَّ هَذا.
أحَقًا أنا هكذا؟

أنا لا أعلَم -
حَقًا لا أعلم.




         _________________________      






















الحادي والثَلاثونَ من يناير، إحدَى ليالي الشِتاء البَارِده.

يَقف أسودُ العينينِ أمامَ النافِذةِ يُراقِبَ القمَر الذي يتوسَّطُ سَماءَ الليلِ وَبين سَبّابتهِ والأوسَط سيجارةً ينتشرُ دُخانَها حولَه، رَفعها ببطءٍ لشفتيهِ يستنشقُ سُمَّها بملامِحٍ مُتجّّمده.
حَرفيًا -

"أأنتَ مجنون؟ أغلق النافذِةَ اللعينةَ هذه أكادُ أتجَمد!" قالَ الشَابُ ذُو الخُصلِ الشَّقراءَ وهوَ يَلفُ نفسَهُ بالأغطيةِ عَلى الأريكةِ وسطَ الشَّقه، لكَنَّ تذمراته قَد مَرَّتْ مُرورَ الكرِامِ عَلى أسماعِ الآخرِ الشاردِ بذهنهِ مُحدِّقًا خارجَ النافذةِ.
"هَـي من الأرضِ الى جونغكوك، هل أنتَ هُنا؟"

نظرَ جونغكوك أنظارهُ النَعِسَة الى زميلِ سكنهِ وصديقهِ الوَحيد منذُ ثلاثةِ سَنوات. "لِمَ لا أغلقُ فمكَ بدَل النافِذة؟ أعتقدُ أنَّ الجميعَ سيستفادُ عندَها"

غـرَق!  |  جِيكُوك.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن