بارت 1

114 6 0
                                    

*الحياة ليست طويلة كي نُجَرّب كُلَّ شيء، ولا تُعتبر قصيرةً لنتذكّر كُلَّ شيء، ولكنها جميلة إذا ما أيقَنّا أنها لا تساوي شيئاً. الحياة ما هيَ إلا قصةٌ صغيرة يجب أن نتعلم منها كي نعيشَ سعيدين على الرّغمِ من قسوَتِها.*

"هل يمكن للحياة أن تعطيها مشاكل أكثر؟" هذا السؤال هو ما كان يتردد في ذهنها كلما نظرت للسماء بعينيها التي تحملان هموم العالم كلها.هذا ما يبدو لها تعتقد أنها أتعس إنسانة في الدنيا .جاهلة أن مشاكلها قليلة جدا مقارنة مع عذاب الأخرين.تنظر للناس يمشون سعداء لكنهم يخفون خلف تلك الإبتسامة حزنا عميقا.

نظرت تلك الجميلة إلى الحافة أسفل قدميها.أغلقت عينها و هي تجهز نفسها للقفز.لكن ككل مرة لم تستطع تراجعت في آخر لحظة عن إنهاء حياتها.ليس لأنها تريد العيش بل لأنها جبانة لا تستطيع إنهاء هذه الحياة .فقط تنتظر أحدا يدفعها إلى الهاوية و لا تنتظر  أحدا ينقذها منها.

نزلت من السطح فقد إنتهت فترة الغداء. سمعت ذلك الصوت المزعج يناديها؛كلما سمعته تمنت قتله أقسمت لنفسها أنها إن سقطت من تلك الحافة ستجره معها فهي لا ترغب البقاء وحيدة في الجحيم .
-المدير:"ليم إسمك!أين كنتي لقد تركتي الزبناء ينتظرون هل تعتقدين أنك الرئيسة هنا تخرجين و تعودين متى ما أردت!"
صرخ في وجه الأخرى التي يعد كلامه بالنسبة لها مجرد نباح . كانت تبدو شاحبة كالأموات و عيناها مجردتان من الأحاسيس؛قلبها كصحراء قاحلة لا ينبت فيها شيء غير الأشواك.وجنتاها كالرمال مهما بللتا بالمياه لا تشبعان دائما تطلبان المزيد من ذلك الإكسير المالح الذي تصنعه عيناها.ربما لو جمعت دموعها لصنعت سما قاتلا .
-إسمك(ببرود):"لقد أتيت الآن سأذهب لعملي"  همت نحو مكتب الإستقبال غير آبهة بذلك الذي يتلفض عليها كل أنواع الشتائم.
هل يمكن للإنسان أن يصبح بهذا البرود و لامبالاة.ما الذي يمكن أن تكون قد مرت به لتتدمر و هي لازالت في بدايات شبابها.لكن ما يثير الدهشة أنها سرعان ما وصلت لمكتب الإستقبال حتى تغيرت ملامحها 360 درجة و ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهها.
بعد يوم طويل إتجهت نحو المشفى دخلت إحدى الغرف و جلست قرب سرير أحد المرضى. نظرت بحقد و كره لذلك القابع في مكانه لا يتحرك يفتح عينيه لكنه لا يرى يسمع لكنه لا يفهم؛أجل هو سبب معانتها لو أنه يرحل و يريحها لم يكفه الألم الذي عرضها له في صغرها و الآن يضيف لها مصاريف المشفى.
-إسمك:"ألم يحن الوقت لتذهب للجحيم يا أبي ربما تجد أمي هناك في إنتظارك ألم تتعب من هذه الحياة . أنا قد تعبت لمرة واحدة تصرف على أنك أب و ارحل إذهب و أرحني"أنهت كلامها لتشق الدموع مجراها نازلة على خدها وضعت رأسها على حافة السرير و بكت بحرقة.
بعد مدة خرجت لحديقة المشفى تدخن سجارتها تستنشق ذلك العبير المخدر و تستمتع بكل نفحة تأخذها .نظر لها طفل صغير بعيون واسعة
-الطفل:"يا آنسة لا تدخني فإنه مضر بصحتك"
إبتسمت له ٱبتسامة صادقة لتطفأ عقب السجارة الذي أوشك على نهايته و تدعسه في الأرض.
-إسمك:"أنا أدخن نادرا فقط فلست مستعدة لإضافة نفقات السجائر أيضا إلى ديوني"
أنبست تاركة ذلك الصغير ينظر لها وهي ترحل بين أوراق الكرز البيضاء.
أجل ليس لديها المال الكافي لتنفقه على السجائر.وصلت للبيت لتجد كومة من الإيصالات تنتظرها نظرت لها بتعب لتغير ملابسها و تتجه نحو عملها الثاني إنها تعمل نادلة مقهى لتستطيع الخلاص من الديون.
تمشي في الشوارع المظلمة ببطأ تتذكر الماضي . تنسج أمام عينيها أحداث ذلك اليوم الذي تحولت فيه حياتها إلى جحيم .
عادت تلك الصغيرة ككل يوم من المدرسة فتحت الباب لتجد أن أمها تهم بالمغادرة ترجتها و توسلت لها أن تبقى لكن قلب أمها لم يلن لدموعها . جرت ورائها كل الطريق حتى موقف الحافلة و هي تطلب منها أن تخبرها عن وجهتها على الأقل لكن لاحياة لمن تنادي.كان أبوها مدمن كحول لم يستطع العمل و تراكمت فوقهم الديون حتى طردوا من منزلهم و التجؤو إلى بيت في السطح.في اليوم الذي ابتسمت لها فيه الحياة و تخرجت من الثانوية كذلك بدأ أبوها بالتغير قليلا دهسته سيارة و هو في طريقه إلى البيت.كان عليها التخلي عن الدراسة و تبدأ حياة العمل .تدمرت طفولتها و قست عليها الحياة حتى فقدت كل أحاسيسها.

في وسط أحد المختبرات كان هناك شخص جالس على الكرسي ويضع رأسه على الطاولة.كان في هذه الوضعية لساعات لم يتحرك . يبدو كالجثة الهامدة.بدأ بالتحرك قليلا ليقف و هو يمدد جسمه الذي لم يألمه من نومه الغير المريح . لقد إعتاد على ذلك لا يعلم منذ متى لم ينم على سرير ربما سنوات. حمل نظاراته ووضعها على عينيه لينظر اتجاه أحد الأقفاص . كان ذلك الفأر الصغير ميتا ؛لم يكن أول واحد ربما كان رقم مليون.بالنسبة لنامجون لم تكن تلك حياة قد ضاعت بل كان مجرد فشل آخر يضيفه إلى قائمة فشله.جلس مجددا على كرسيه و بدأ يبحث بين الكتب  SECLERODERMA هو عدوه في الحياة مرت خمس منذ أن بدأ قتاله ضد هذا المرض.الجميع يسأل لماذا هو مصر على إيجاد دواء لهذا المرض الذي أصيب به خمسة في العالم كله. فلو أنه يستثمر ذكاءه في بحث آخر لكان قد نجح بالفعل.يجيب البعض فيقول أنه يبحث عن الشهرة و لفت الأنظار و آخرون يقولون أنه مجرد مجنون يدعي الذكاء و يختبأ من المسؤولية .
لكن في الحقيقة إيجاد هذا العلاج سيكون حلا لكل مشاكله لأنه سيتمكن من إيقاظ تلك النائمة المربوطة بأجهزة التنفس.يحاول جاهدا إبقاءها على قيد الحياة حتى يجد مصلا كفيلا بإيقاظها.
ربما اليوم و أخيرا إبتسم له الحظ. حمل في يده محلولا ليقول لنفسه بٱبتسامة واسعة"أحسنت كيم نامجون و أخيرا بدأت الحياة تبتسم لك"
خرج من المختبر ليدخل غرفة متموضعة في آخر الرواق فتحها ليدخل و يمسك يد تلك المريضة و يقول"ستستيقظين قريبا و سأحقق لك حلمكي"
أخرج هاتفه ليتصل بالرئيس الذي يمول أبحاثه
-نامجون:"نستطيع أن نبدأ التجارب على البشر"
-الرئيس:"بأي فصيلة دم نبدأ"
-نامجون:"لا أملك وقتا سأبدء بAB-"
-الرئيس :"لكنها فصيلة دم نادرة"
-نامجون :"لابد من وجود أحد في سيول لديه نفس هذه الفصيلة"
أغلق الهاتف و نظر للشارع بصمت و شوق. مرت مدة منذ أن خرج . فهو يحمل نفسه مسؤولية إنقاذ تلك السيدة.أجل عليه رد الجميل فهي من أنقذته و انتشلته من حافة الإنهيار لكن ما إن إعتاد عليها حتى لحق بها هذا المرض من بين ملايين البشر على الكرة الأرضية اختارها هي من بين كل الناس.ارتدى سترة خفيفة و هم بالخروج. بينما كان يمشي رأى فتاة تحاول الإنتحار اقترب منها و بدأ يتحدث وسط عتمة الليل.
-نامجون:"أنا أحسدك تستطيعين رمي نفسك من هنا أتمنى لو كنت أستطيع فعل ذلك أيضا"
-إسمك(دون أن تنظر إليه):"إن الأمر بسيط كل ما عليك فعله هو أن تقف على الحافة و ترخي نفسك"
-نامجون:"الأمر هو أنه علي تنظيف بعض الأمور بعدي قبل أن أموت.(هم بالمغادرة)أكملي ما كنتي تفعلين لن أؤخرك كثيرا"
-إسمك:"أنا ليس لدي ما أتركه خلفي كل ما في الأمر أنني أضعف من أرمي نفسي. لكن الناس العادية تحاول إنقاذ الناس في مثل هذه المواقف لكن أنت تحاول دفعي للإنتحار أنت غريب حقا"
-نامجون:"هذا لأنني أفهم شعورك حقا فهذه الحياة لا تستحق أن تعاش"
-إسمك:"هل إطلب منك معروفا. إدفعني من هذه الحافة بما أنك تفهم ما أشعر به"
تقدم لها الآخر بخطوات ثقيلة ليدفعها تأرجحت الأخرى للحظات ليمسكها الآخر و ينبس"هل أنت متأكدة فلا مجال للتراجع."
توقفت الأخرى للحظات تنظر للعلو الكبير الذي ستسقط منه أرادت  التراجع لكن ما إن تذكرت حياتها حتى همهت له "لن أندم فقط أفلتني"
نظرت له لأول مرة لتلمح عيناه الحادتين كانتا جملتين جدا رأت فيهما كل شيء و لا شيء الفرح و الحزن الحب و الكره
نبس لها الآخر "كما تشائين" أغمضت إسمك عينيها لتتلقى مصيرها المحتوم.

يتبع....                

ITS PROBLEMATIC-إنها إشكاليةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن