. ملء فراغنا والرجوع للموطن .♤.

171 46 14
                                    

. عن ملء الفراغ الداخلي والرجوع إلى الموطن .♤.

كنا في موطننا .

وبعد ذلك لم نعد فيه . أنتزعنا من منشئنا ، سافرنا عبر الزمان والمكان إلى عالم آخر .
عالم أدنى ، ولكن بهذا الإنفصال حدث شيء مؤلم ، فلم نعد مع الله سبحانه وتعالى في الحيز المكاني نفسه ، لم نعد نراه بأعيننا الطبيعية أو نتحدث معه بصوتنا الطبيعي ، فيخلاف أبينا آدم علي السلام لم نعد نشعر بالأمان نفسه .

هكذا هبطنا . أنتزعنا منه . ومن آلم ذلك الفراق ، نزفنا .
لأول مرة نزفنا ، وهذا الإنتزاع من خالقنا ترك جرحآ بليغآ ، جرحآ غائرآ ولدنا معه جميعآ ، وكلما كبرنا زاد ألم ذلك الجرح وأصبح أعمق وأعمق ، وكلما مر الوقت إبتعدنا شيئآ فشيئآ عن الترياق ، الكامن في فطرتنا وهو القرب منه ، قلبآ وروحآ وعقلآ .

هكذا ومع كل سنة تمر نصبح بحاجة أكثر فأكثر لملء ذلك المكان الخاوي ، ولكن في سعينا الحثيث لملء هذا الفراغ نتعثر . كلآ منا يتعثر ،
ولكن بأشياء مختلفة . كثير منا أتجه لتخدير إحساسه بالفراغ ، فبعض البشرية تعثرت بالمخدرات أو الكحول ، وبعض آخر بحث عن مسكنات أخرى ، والبعض الآخر تعثر بعبادة المتع المادية ، والمركز أو المال ، وبعضنا خسر نفسه بإنغماسه بوظيفته .

وأخيرآ ، بعضنا تعثر بعلاقاته بالناس وبعضنا فقد نفسه هناك ..

ولكن ماذا لو كانت عثرة ، وكل تحدي وكل تجربة في حياتنا ؛ المقصود منها هدف واحد : لإعادتنا إلى موطننا الأصلي ؟
ماذا لو كان كل فوز وكل خسارة وكل جمال وكل سقوط وكل قسوة وكل إبتسامة القصد منها فقط رفع عائق آخر بيننا وبين الله سبحانه وتعالى ؟
بيننا وبين بدايتنا ، والمكان الذي نتوق للعودة اليه ؟.
ماذا لو كان كل شيء من أجل رؤيته سبحانه وتعالى ؟

يجب أن نعلم أن كل التجارب التي نمر بها في حياتنا ذات هدف ، ونحن من يختار إدراك هذا الهدف أم لا .
نأخذ مثالآ على ذلك ،
الجمال ؛ بعض الناس لا يميزون الجمال حتى إذا كان ماثلآ أمامهم ، يستطيعون التجول في ساعة الغروب أو إجتياز غابة من أشجار البرتقال ، دون أن يلاحظوا أي شيء .

وهناك آخرون يرون الجمال ويفتنون به . سيقفون يتأملون . ربما يكون شعورهم غامرآ وفياضآ ، ولكنه ينتهي عند ذلك الحد   هذا الصنف من الناس مثل الشخص الذي يعجب بالفن ولكنه لا يسأل أبدآ عن الفنان .
فالعمل الفني نفسه مقصده إبلاغ رسالة الفنان ؛ ولكن إذا أضاع محب الفن نفسه في اللوحة ، ولم يرى الرسالة ، فإن العمل الفني لم ينجز هدفه الحقيقي .

الغرض من الشمس المتألقة ، وأول سقوط للثلج ، والأهلة ، والمحيطات التي تبهر الأنفاس ، ليس فقط زخرفة كوكبنا الموحش .
الهدف أعمق من ذلك بكثير ؛
الهدف كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه :(إن في خلق السماوات والأرض وأختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب 《١٩٠》 الذي يذكرون الله قيامآ وقعودآ وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا نا خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار )(آل عمران :190_191).

. إسترجع قلبك .♤.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن