1

698 66 6
                                    

‬‏‪الشهيدة بنت الهدى |ليتني كنت أعلم|

جلست ( انفال ) في عيادة الطبيب ، تنتظر نتيجة الفحص ، وكانت تستعجل الوقت لأنها مدعوة إلى حفلة ! لم تكن تفكر في طبيعة النتيجة بقدر ما كانت تخشى من تسرب الوقت وفوات موعد الحلاقة ، فهي لم تكن تجد في التحليل الذي تنتظر نتائجه سوى إجراء احتياطي جاء نتيجة رغبة الأهل واهتمامهم بأمرها ، وإلا فهي لا تحس بأي عارض مخيف ، ولا تستشعر من المرض ما يريب ، عدا بعض الآلام الطفيفة في المفاصل ، وأخيراً استدعيت إلى غرفة الطبيب ، فدخلت عليه وهي مستعجلة إنهاء الأمر ، والاسراع في الخروج ، وفوجئت عندما دخلت بسحابة من كآبة ترين على وجه الطبيب ، الشيء الذي دعاها أن تقول عندما سألها : 

هل أنت صاحبة التحليل ؟
كلا إنها ابنتي.

فقد أرادت أن تعرف الحقيقة ، ولعله سوف يتحفظ معها لو عرف أنها صحابة التحليل ، ووقفت أمامه تنتظر ، فأشار 
إلى كرسي هناك ، وطلب منها أن تجلس فجلست ، وقد بدأ الوجل يتسرب إلى نفسها ، وتطلعت إليه في لهفة ، ولكن ليس من أجل الخروج في هذه المرة بل من أجل فهم الحقيقة. 
قال : 

لماذا لم ترسلوا رجلاً بدلاً عنك لأخذ النتيجة يا أنسة ؟ 

قالت : 
لأني كنت مارة من هنا ولهذا لم نجد ما يستدعي إرسال سواي ثم أنني أتمكن أن أسمع الحقيقة مهما كانت. 

فسكت الطبيب وهو ينظر إليها في جد مشوب بالأسف ثم قال : 
إن هذا يؤكد أنك فتاة مثقفة فاهمة لطبيعة الحياة. 

قال هذا ثم سكت ، فسرت في جسمها رعدة من الخوف وتساءلت : 
كيف ؟ وماذا تعني يا دكتور ؟

قال إن نتائج التحليل تشير إلى وجود مرض في الدم. 
قال هذا ثم سكت وأطرق في أسى ، فلم تجد أنفال 
حاجة لأن تستزيده أو تستوضحه أكثر ، فرددت في فزع قائلة ( سرطان ) ؟ 

ولم يرفع الطبيب رأسه وبقي ساكتاً في ألم من أجل هذه الأخت المصابة ، وكان هذا السكوت بمثابة حكم بالاعدام عليها فغمغمت تقول في شبه حشرجة : 

آه لقد انتهيت إذن ... وهنا عرف الطبيب أنها كانت تكذب عليه .. نعم عرف ذلك ولكن بعد فوات الأوان فرفع إليها وجهه ونظر نحوها نظرة حنو وقال :

أنني آسف ، لماذا كذبت عليّ يا بنتاه ؟

ولكن وعلى كل حال فإن الموت والحياة بيد الله وكم من مريض عاش وصحيح مات ؟

 
وكانت ( أنفال ) تشعر أن روحها أخذت تغور إلى الأعماق وأن يداً فولاذية امتدت لتشد على قلبها فتعصره في قساوة ولكنها استجمعت فلول قوتها وهي تقول :

 
أرجو المعذرة يا دكتور وشكراً.

فرد عليها الطبيب مشجعاً : 
كوني قوية ومتفائلة ، فإن الطب لا يزال 
في تقدم ولعل المرض الذي لا يوجد دواء له اليوم سوف يوجد دواؤه غداً ولهذا فإن الأمل لا يزال موجوداً
#يتبع
#ليتني_كنت_اعلم

ليتني كنت أعلم..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن