لا أعلم لمَ أهتمّ بتفاصيل وجوه النّاس، ربما لأنّني أؤمن بأنّ الوجه يفضح كل البؤس الذي يعيشه أو قد عاشه الإنسان، فتراني واقفًا في منتصف الشارع أتأمّل وجه عابر ما، أنسج في مخيّلتي حياته وما قد مرّ بهِ، فهذا الرجل قد تعب، وفعلًا يتمنى أن يمضي. فتجاعيد وجهه تحكي ألف حكايةٍ وحكاية، وها هو لا يزال يُكافح كي يستمرّ، أو كي تستمرّ أسرته، وتلك المرأة تُحاول أن تخفي ما تمرّ بهِ، عزيزتي كلّ ما تمرّين بهِ مطبوع على وجهك السّاحر، أقصد الذي كان سآحر قبل تعرضّك للضرب من قبل زوجك، وذاك الفتى المسكين، يبدو أنيقًا، إلّا أن أهله قد نسوا تأثير مشاكلهم عليه؟ يجلس متأملًا عائلة سعيدة ويُقارنها بعائلته التي أدمنت المشاكل. سأصطدم بسيارةٍ ما، وأنا أُحدّق هذه الوجوه البائسه، أيبدوا وجهي هكذا دائمًا؟ أتفضحنّي ملامحي؟