الفصل الثاني عشر

437 62 76
                                    


الفصل الثاني عشر

في وقتٍ سابق لحديث حسن مع والدته، كان لِزامًا عليه أن يُقدم الاعتذار لصاحبة الحق الأولى، من تركها خلفه تعاني مرارة الموقف الذي وضعت فيه دون ذنب، من اتُهِمت بالنظرات، وواجهت الكلمات، من قيل فيها ما ليس فيها، ولولا ذاك العاشق الذي تصدى للهجمات، لسقطت في هوة بلا قرار، وما استطاعت المواجهة، لكن كان عليه أن يجد مبررًا لغيابه الذي طال، ولم يجد أفضل من قول الحقيقة، فهل سيتم تصديقه، أم أنه لن يُعطى الفرصة لقولها، فتوجه إلى منزل عم ريماس لتتم المواجهة التي لا بد له من خوضها.

أما ريماس، فقد كانت تتجهز للخروج مع معتز، وحين انتهت، قابلها وجهه الباسم ذو الملامح المشرقة، فتوجها إلى خارج المنزل، ومع أول خطواتهم خارج أبواب البناية، سمع معتز صوتًا ينادي ريماس، ليتصلب جسده ويبدأ قلبه بالارتجاف، خوفًا مما هو قادم، وخوفًا من ردة فعل ريماس، فما زال قلبه لم يطمئن بعد لتقبل ريماس له، فهو يعلم بأنه فرض تواجده بحياتها، ولولا ما فعله حسن لما كانت الآن حليلته وملك يمينه، أما ريماس التي شلتها الصدمة لسماعها صوت حسن، ذاك الشخص الذي تخلى عنها بأجمل لحظات حياتها، تلك اللحظة التي تحلم بها كل فتاة، أن ترتدي فستان الزفاف لتصبح زوجة الرجل الذي سُميّت على اسمه، لكن هيّ تم خيانتها وغدرها، بأن وقعت ضحية الظروف، ليتم هجرها بأهم لحظات حياتها واليوم المنتظر، فالتفتت ريماس لتبدأ المواجهة.

_ ريماس، أحمد الله أنني استطعت اللحاق بك، كيف حالك؟، أرجو أن تكوني بخير.

_ ومن سمح لك بتوجيه الكلام لها؟، ألم ترى معها رجلًا؟ أم أنك لا تحدث سوى النساء.

وكان ذاك أولى انفجارات معتز، الذي يُدافع عن ما هو له، وما لن يسمح لأحدٍ بسلبه إياه مرةً أخرى، قديمًا كان صامتًا لمعرفته بأن ريماس لا تراه سوى أخ، لكن الآن وبعد ما وصل معها لبر الأمان، بعد الطريق الشاق الذي سلكه معها لتتقبله، وبعدما بدأت عيناه ترى لمعةً جديدة بعينيها، وتقبلًا لم يكن موجودًا بالسابق، لن يسمح لأحدٍ بأن يدمر ذاك الأمل، الذي أحيا قلبه من جديد.

_ معتز...

كان نداء ريماس له بمثابة المهدئ ولو للحظات، فنظرة منها كانت كفيلة بسكونه.

_ أعتذر منك، فما كنت أقصد الإساءة وربي، لكن طالبًا المغفرة ممن تسببت لها بالسوء دون قصد مني، فهل لي بالحديث معها بعد إذنك؟

_ لا، لا يمكنك الحديث معها، ولا أرغب برؤية وجهك البتة.

وما كان من ريماس، إلا أن أبدت اعتراضها على أقوال معتز وقالت:

_ لي الحق بأن أستمع، ولي الحق أيضًا باتخاذ القرار.

أنهت حديثها، ليبدأ قلب العاشق بالارتجاف، بأن تختار الطرف الآخر، فبدأت معالم الحزن واليأس بالوضوح على ملامح وجهه، وما إن هَمَّ بمغادرة المكان ليترك لها المجال، إلا ووجد يد ريماس تُمسك بيده بقوة، لينظر لها، لتشير له برأسها بأن يبقى، فما كان منه إلا أن بقيَّ على مضض، فلا يقوى على سماع صفحها وربما طلب ما لا يقوى عليه، فهل ستتأكد ظنونه؟ أم أن لريماس رأي آخر؟

المرآة وابنة الشماسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن