"الجزء الثاني"

1 2 0
                                    

السواد يلف المكان ..لا ترى شيئاً غير السواد...
هل ماتت؟!!..هل انتهى الأمر؟!!...لا تزال غير مستعدة لتقابل الله بذنوبها ..كانت ستتوب ..لم تكن تتوقع أن يأتي الأمر فجأة هكذا.....
أحست بحركة حولها وبعض الهمهمات...حاولت فتح عينيها لكن صدمها النور الساطع بشدة..أغمضتهما مرة أخرى ثم فتحتهما حتى اعتادت على الضوء ..تشعر بثقل في جميع أنحاء جسدها....وجدت والدتها تجلش بجانبها على الفراش...ووجنتاها غارقتان في الدموع...لاحظت أيضاً الجبيرة البيضاء التي تلف ذراع والدتها..قالت بصوت ضعيف :
أين أنا يا أمي؟؟ ماذا حدث؟؟
ربتت والدتها على يدها قائلة :
لا تخافي حبيبتي ..هل انتِ بخير؟
أجابتها :
أنا بخير ..لكن أين أبي ؟
انفجرت والدتها في البكاء :
والدك...والدك توفي يا "فرحة" ..!!
ظلت "فرحة" تنظر إليها ولم يبد على وجهها أي تعبير ..قالت :
لا أفهم...أين أبي يا أمي؟
زاد نحيب والدتها وهي تحتضنها قائلة : والدك توفى..والدك ذهب ولن يعود يا "فرحة" ..!!..
حاولت "فرحة" الابتعاد عن حضن والدتها...ولأول مرة منذ استيقاظها شعرت بثقل في ذراعها الأيسر...أو بالأحرى لم تشعر به من الأساس..!!
تجاهلت أمر ذراعها...فما تقوله والدتها يفوق أي توقع لها..قالت وعلى وجهها علامات عدم الاستيعاب : ما هذا المزاح الثقيل يا أمي ؟!!..أين أبي ؟؟..
لما لم تجد "فرحة" أي تغير من والدتها غير البكاء...أطلقت صرخة مدوية ...أتبعها الكثير والكثير من البكاء والصراخ...لم تصمت إلا  على حقنة المهدئ التي غرزتها الممرضة في زراعها...لتسقط على الوسادة فاقدة وعيها...!!

••••••••••••••••••••••••••••••••••••

استيقظت من نومها والصداع يحيط برأسها...فتحت عينيها ببطء ...كانت بمفردها في الغرفة...ظلت تجول بنظرها في أنحاء الغرفة...هي في المشفى...أرادت الاعتدال والجلوس...حاولت إخراج يديها من تحت الغطاء ..أخرجت يدها اليمنى لكن اليسرى لا...تشعر بتخدير في ذراعها...ظلت أنفاسها تتسارع بخوف...اقتربت يدها اليمنى من الغطاء وهي ترتجف بقوة ...رفعته ببطء...ثم انفجرت في البكاء بصوت مرتفع ...دخلت والدتها الغرفة على صوت بكاءها...وجدتها كشفت عن فراغ ذراعها المبتورة ..!!!
يا إلهي ..لا بد أن الصدمة صعبة على مثل من بعمرها... وفاة والدها..ثم فقدان ذراعها اليسرى...!!
أسرعت إليها والدتها..احتضنتها بقوة والدموع تنهمر من عينيها...
قالت "فرحة" بصوت متقطع من البكاء :
مـ..مـ..ماذا حـ..حدث يا أمي؟؟.. ماذا حدث لذراعي!!!؟
حاولت والدتها تهدئتها :
اهدئي حبيبتي..اهدئي..كل شيئ سيكون بخير ان شاء الله...
ثم ظلت تردد :
يا رب ..يا رب..
ظلتا هكذا لمدة لا تقل عن النصف ساعة ..حتى هدأت "فرحة" قليلاً...
أراحتها والدتها على الوسادة خلفها... ثم قالت بصوت باكي :
حدثت مضاعفات لذراعك واضطروا لبترها.!!...
قاطعتها "فرحة" بصياح :
لا..لا..لا ...
قالت والدتها :
يا حبيبتي كانت خطرًا على حياتك ...حدث تسمم وكان من الممكن أن ينتقل لجسدك...
قاطعتها مرة أخرى بصراخ هستيري :
إذًا كيف سأعيش الآن..؟!! كيف سأعيش بدون ذراع..؟!!
كيف سأعيش بدون أبي ؟!!
وضعت يدها على وجهها وظلت تردد :
أنا السبب في موته.. أنا السبب ... أنا السبب..
قالت والدتها :
يا حبيبتي أنتي لستِ السبب ..هذا قضاء الله وقدره...يجب أن نصبر...
ظلت "فرحة" تبكي و والدتها تحاول تهدئتها..حتى نامت "فرحة" قي حضن والدتها من كثرة البكاء...!!

••••••••••••••••••••••••••••••••••••

#يتبع

بقلم : مريَم أحمد زيدان 🦋

شفــــــاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن