"الجزء الرابع"

1 2 0
                                    

عادت "فرحة" إلى منزلها سعيدة للغاية ..لاحظت والدتها ذلك فقالت بابتسامة :
ماشاء الله ..ما كل هذه السعادة ..أسعدك الله دائمًا...
ذهبت إليها "فرحة" وجلست بجانبها ..قالت بسعادة :
انا بالفعل سعيدة يا أمي...
قالت أمها بفرح لفرحها :
وما السبب إذاً؟
قالت "فرحة" :
قابلت اليوم فتاة..تعرفت عليها وأحببتها للغاية...اسمها "شفاء"...يا أمي .. إنها الوحيدة التي لم تنفر مني بسبب ذراعي ...بل بالعكس...و إن شاء الله سنتقابل غدًا ثانية ..
احتضنتها أمها بفرح قائلة :
حمداً لله ..أرأيتي كيف عوضك الله !!..
بارك الله لكِ يا بنيتي ...!!

••••••••••••••••••••••••••••••

مرت الأيام و "فرحة" تقابل "شفاء" شبه يومياً...أحبتها أكثر ...وفي إحدى المرات ...
بينما "فرحة" في طريقها إلى المكان الذي تقابل فيه "شفاء" ...اقترب منها أحد الأطفال الصغار من الذين كانوا يلعبون معها قبل الحادثة ...!!
انحنت لنفس مستواه وابتسمت بسعادة ..لكن قطع سعادتها مناداة والدة الطفل له...نظرت لها وجدت علامات النفور و الضيق على وجهها ...
شعرت بغصة في حلقها وتجمعت العبرات في عينيها...أسرعت الخطى وأصبح الطريق غير واضحاً من العبرات التي غشيت عينيها...وصلت إلى "شفاء" وسقطت على المقعد تبكي بقوة ...جزعت "شفاء" من مظهرها .. فسألتها :
"فرحة" ..ماذا حدث ؟؟ ماذا بكِ حبيبتي؟!!..
ظلت "فرحة" تتكلم بكلام غير مفهوم من بكاءها ...فقالت لها "شفاء" :
حسناً اهدئي ..اهدئي حبييتي ..
سكتت "شفاء" حتى هدأت "فرحة" تماماً ...
ربتت "شفاء على ركبتها  قائلة :
ماذا هناك ..؟؟
كأن أحداً ما أعطاها شارة البدأ فقالت بانفعال وبكاء :
لماذا يتعاملون معي كأني لست انسانة ...أشعر مثلهم ..أتوجع مثلهم ...ما ذنبي أن ذراعي غير موجودة ...ما ذنبي أنها بُترت !!!
لماذا يتعاملون معي كأني شيء لا يجوز الاقتراب منه...وليس مثلاً لأنه شيءٌ غالي ...لا ..بالعكس.. لأنها شيء مثير للاشمئزاز ...!!!
ومن لا ينظر لي بنفور أو شيء من هذا القبيل ..ينظر لي بشفقة وعطف ... أنا أكثر شيء أكرهه في هذه الحياة هي نظرات الشفقة والعطف ... أنا لا أريد لا عطفهم ولا شفقتهم .. أنا لا أتسول منهم..
أنا تعبت للغاية ..للغاية يا " شفاء"..أتمنى إن لم يتعاملوا معي بطريقة جيدة فليبتعدوا عني .. ويتركوني في حالي ...
أشفقت عليها "شفق" رغماً عنها ...قالت وقد ترقرقت الدموع في عينيها ..ضمتها إليها..وهي تمرر يدها على ظهرها:
كل هذا وأنت صامتة يا "فرحة"... لماذا يا حبيبتي.؟؟
حسنا ليست هذه مشكلة ...
ظلت " شفاء" تمرر يدها على ظهرها حتى هدأت ..قالت وقد انغمست في الدور ..وصارت كما أنها تلقي محاضرة :
لا تحزني يا "فرحة".. دموعك هذه غالية..لا أحد يستحق ان تذرفيها من أجله..هؤلاء بعض المتخلفين...انا لا أسبهم..لأن هؤلاء البشر..استغفر الله العظيم..عافانا الله وعافاهم ..انا لن أهبط لمستواهم ...لن أتركهم ليأخذوا من حسناتي بسبب كلمة خرجت مني في وقت غضب...لكن ما هم فيه يسمى تخلف ورجعية...وعنصرية ...واليهود هم المعروفون بتلك العنصرية ...وأيضاً هم من خسروا.. خسروا الفرحة كلها...
قالت آخر جمله وهي تضحك ...شاركتها "فرحة" الضحك ثم قالت :
لمَ بدوتِ و كأنكِ تلقين محاضرة ..!!
كان شكلك مضحكًا قليلًا ..
ضحكت "شفاء" على كلماتها ولم تقل شيئًا ..قالت "رحمة" وقد هدأت تماماً ..اعتدلت وقالت :
انا حقًا لا أعرف كيف عاشرت مثل هؤلاء ..؟!!
فعلا المرء لا يظهر على حقيقته إلا وقت الشدّة ..حمداً لله اني رأيتهم على حقيقتهم ...
ثم قالت بابتسامة ممتنة :
لكن كلامك مريح للغاية يا "شفاء" ... أنا فعلا محظوظة أني تعرفت عليكي ...
ربتت "شفاء" على قدمها قائلة بحنان :
انا أيضاً محظوظة اني تعرفت عليكِ ...فعلا يا "فرحة" .. أي شخص يسبب لك الضيق تجنبيه نهائيًا ...لأنك لو أخذتِ كل مضايقة على خاطرك ..ستتعبين يا "فرحة"..
أومأت " فرحة" برأسها في تفهم...
مر الوقت و"شفاء" و "فرحة" تتسامران...حتى قامت كلا منهما للعودة للمنزل على وعد باللقاء كالعادة...!!

•••••••••••••••••••••••••••••••

#يتبع

بقلم : مريَم أحمد زيدان 🦋

شفــــــاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن