الفصل الأول

24 5 4
                                    

أحيانا يكون ثمن الاهتمام غالبا أكثر من اللازم

************************************

ولاية بنسلفانيا

مدينة بتلر :

كادت أن تنتهي من صنع الطلب رقم ثلاثة وعشرين تقريبًا، كان الطلب عبارة عن شطيرة لحم بقري واحدة لا غير. و قد تبقت اللمسات النهائية فقط و سيصبح الطبق مثاليا... بصقت ثلاثة مرات بداخلها ثم غلفتها وسلمتها للنادل المسؤول عن ايصال الطلبات للطاولات المحددة. لطالما أكنَّت ثيسيل بغضًا خاصًا لهذا الرقم منذ زمن بعيد؛ ذلك أن ما يُربى عليه المرء يحفر في ذاكرته أمدًا...
اتكأت على الطاوله بملامحها الفارغة تطالع الزبون المحظوظ والذي بدا جلياً عليه الانزعاج الشديد خاصه وأنه يقوم كل بضع ثوان بتغيير وضعية جلوسه و يبدو واضحا عليه أنه غير مستريح أبدا و لكنها لم تعر الأمر اهتماماً على الإطلاق سواء جلسته المعوقة او شظايا الماضي الحثيث التي أحست بها تطعنها مجددا... تركت كل ذلك وراءها وركزت على ردة فعله المنتظرة و يال حظها الجميل هذا اليوم فقد بدا الزبون و كأنه على وشك الانفجار غضبا و اشمئزازا لقد استشعر شيئا في غير محله مع هذه الشطيرة.
هي تبغظ ذالك الرقم... تبغظه... تبغظه بشدة... أعني هيا من هذا الذي قد يحب الرقم ثلاثة و عشرين إنه قبيح و غير ملائم أبدا و ليس كالرقم واحد و عشرين فهو جميل و مثالي نعم هي تحب الرقم واحدة و عشرين فهو تاريخ خلاصها و مجددا نعم هي تكره الرقم ثلاثة و عشرين فهو تاريخ بداية عذابها و معاناتها و لهذا عندما ثار غضب الزبون و أخيرا و بدأ يصارخ بغضب من مذاق الشطيرة المقرف كتمت هي ضحكتها بصعوبة فقط حتى لا تطرد فقط حتى لا تطرد مجددا فهي و لحسن الحظ... عفوا أقصد لسوء الحظ هي دائما تحصل على وظيفة في مطعم ما أو مقهى ما أو حتى خانة ما و دائما ما تتعرض للطرد بسبب أفعالها و لكن لا بأس هي تستمتع بهذا فهي دائما ما تنتقم من الرقم ثلاثة و عشرين بطريقتها الخاصة و الآن أيضا قد فعلت ذلك.
طلب الزبون رؤية المدير بحنق و هو يتهم برفع دعوة قضائية و كل تلك التراهات الأخرى و لكن لا يهمها هي أمرها المهم بالنسبة لها هو أن تنتقم منه على كل ما فعله في ذالك اليوم المشؤوم الثالث و العشرين من ديسمبر اليوم الذي كان بداية عذابها.
و بينما الزبون مشغول بتوبيخ النادل، استمرت بإختراق مساحته الخاصة بنظرها، مستمتعة بردة فعله و بغضبه و كأنه الشخص الذي تريد إيذاءه بأفعالها هذه، رُبما أصبحت إحدى هواياتها بالفترة الأخيرة إغضاب الناس و دفعهم للحافة و المشاهدة.
وجهه محمر وعروقه بارزة، يكاد يتقيئ، أشفقت على النادل المسكين الذي يطلب منه أن يُهدىء من روعه و أن المدير قادم بالحال و المشكلة ستحل، لكنه لا يستمع.
استدار وهو يزفر الهواء ليقابل عينيها بتلك النظرة اللعوبة و المستمتعة بداخلهما، عقد حاجبيه وهو يألف وجهها ليس تماماً، هل رآها في مكان ما يا ترى لا يستطيع التذكر أين رآها أو ربما أنها تشبه أحدا ما و حسب، لم يبعد عينيه عليها و قد تبادر لعقله أنها السبب، هذا من تخطيطها بالتأكيد.
أخذ يزفر و يحاول التنفس بهدوء أكثر لعله يهدأ حتى يستطيع التركيز على محاولة تذكر أين رآها ليصادف تذكره قدوم مالك المقهى والذي ما أن لمح الجلبة المصنوعة في مقهاه حتى تقدم بسرعة ليحل المشكلة حتى لا تفسد سمعة مقهاه و أثناء سيره قام بإخراج منديله الأصفر يمسح عرق جبينه به مباشرة قبل أن يتوسط المكان بين الزبون الغاضب والنادل المسكين ليأمر هذا الأخير بالذهاب لإكمال عمله و قد قرر أنه هو من سيحل المشكلة بأقل الأضرار إلا أن ما نطق به الزبون جعله ينصدم ليوجه أنظاره ناحية النادلة المستمتعة بفعلتها ملامح وجهه اشتدت وصكه على أسنانه زاد لا يعلم أ بسبب ملامحها الامبالية ام سبب كلام الزبون وطردها من عملها القديم " تلك الفتاة فعلت هذا، إنها مريضة نفسية و لا يجب أن تعمل هنا وجودها هنا خطر على الكل مكانها مستشفى الأمراض النفسية " هذا ما قاله الزبون بغضب و هو ما لو يعره المدير بالا كبيرا كون الزبون غاضب و هذا ما ينطق به أغلب الناس عندما يغضبون و بالتالي فإن هذا غير مهم.
الغضب و الخوف و الصدمة هذه هي المشاعر التي غزت قلب المدير و تلك الفتاة تراقب بلا مبالاة و باستمتاع واضحين على وجهها... حاول أن لا يغضب، حاول أن لا يثور و لكنه انفجر في وجه تلك الغبية عندما سمحت لنفسها بالضحك بأعلى صوتها على ملامح الزبون تعيس الحظ و مديرها المحمر غضبا و خجلا في نفس الوقت اللعينة ستتسبب بإغلاق عمله الوحيد و مصدر لقمة عيشه تبا فقط تبا
التفت نحو الزبون و اعتذر منه على ما حصل ثم طلب منه أن يغيِّر طلبه و أنه سيكون مجانيا على حساب المقهى و هو لن يدفع قرشا واحدا كما أنه وعده بطرد الفتاة وقد أقسم على نسيان كلام الزبون و ماضي النادلة المشبوه أيضا.
رفض الزبون تغيير طلبه و غادر المكان و هو يشتم و يتوعد بالانتقام من تلك النادلة قد ينتقم و قد لا ييفعل سيرى بشأن هذا لاحقا كل ما يحاول فعله الآن هو تذكر وجهها أي رآه من قبل...
و ما إن غادر الزبون حتى طلب المدير منها اتباعه لمكتبه لتلحقه ببطئ وملامح الاستمتاع لا تزال تزين وجهها أعني بحق خالق الجحيم لم تحظى بأستمتاع كهذا منذ زمن والآن ها قد أتتها فرصة و على طبق من ذهب كيف ستترك كل هذا يمر بحق الخالق لا و أيضا تحزن؟ هذا غباء تماما و لكن على ما يبدو أنه للمدير رأي اخر لأنه و عندما وطأت بأقدامها أرض المكتب قام هو بإغلاق الباب بقوة من خلفها وبدأ بجولات توبيخها الامتناهية و كلامه الممل عن التفاني في العمل و تحمل المسؤولية و المشكلة كانت أن كلامها لم يكن يزيد الأمر إلا سوءاً و خاصة حين قالت بملل " هيا أو لم تتعب من توبيخي يا حضرة المدير لقد كان الرقم ثلاثة وعشرين على أي حال، من يهتم لأمره فهو يستحق ما حصل و ليس الأمر كأنك إن واصلت في توبيخي ستحصل على نتيجة ما " ازداد احمرار وجه المدير بسبب قلة احترامها لدرجة أنه شعر و كأن ظغطه ارتفع و تنفسه انخفض و لذالك أردف بآخر ما يملك من طاقة " تباً لك أنتِ مطرودة فلتغادري حالا " وكما سبق و قالت ليس الأمر و كأنها تهتم...
غادرت المكان تجر خيبتها خلفها... فقط أمزح... هل حقا صدقتم ذلك، حسنا ما كان عليكم التصديق فإن الشيء الوحيد الذي خرجت تجره خلفها كان فرحتها بإنجازها العظيم هذا و الذي اعتبرته انتصارًا... هي سعيدةً بما حققته اليوم. لربما لم يستحق الزبون ذلك و لربما ما يطفو في جوفه الآن لا يجب أن تتم محاسبته عليه هكذا و لكن والدها استحق أضعافًا مضاعفةً من العذاب، في النهاية أ و لم يجعلها تترجع كوؤس الألم والأشمئزاز سنينًا؟ إذا ليذق من نفس الكأس الذي تجرعت هي منه حتى لو فارقت روحه الأرض، فلا طُيّب ثراه.
لقد جعلها تشعر بالخزي لمدة طويلة، لقد أمضت ربع حياتها و العار يغطيها و قد كان ذلك صعبا، لقد جعل الأمر يبدو و كأنه خطؤها هي لا خطأه و بسبب كلامه ذاك دام الشعور معها لفترة حتى استوعبت وأخيرًا بأن من عليه الشعور بالخزي حقًا هو المغتصب البيدوفيلي الذي لم يجد غير طفلته ذات السبعة أعوام ليفرغ عُقَده النفسية بها، و لسوء حظها تلك المسكينة لقد فعل ذالك مرارا و تكرارا و لمدة طويلة
و لهذا فالآن لا مانع من بعض الضجيج والفرح، فلا يجب أن تقف حياتك على موقف واحد بشع، و لكنها اعتبرت حياتها منتهيةً بالفعل. و أيضا لقد أيقنت أن بغضها للجنس الآخر - رغم أنه قد يكون خاطئا - لن ينطفئ يومًا.
توجهت بهدوء نحو مكان عملها الأصلي و ليس الدوام الجزئي في المقاهي و المطاعم بل مكتب التصميم... فعملها الأساسي هو كمصممة شعارات، في بعض الأحيان يصيب الشخص اكتئاب حاد و في بعض الأحيان أيضا يأتي معه ما يعرف بالإبداع الحاد كذلك؛ هكذا اكتشفت هي موهبتها على الأقل في فترة حيث كانت يائسة جدا لدرجة أن أفكارا انتحارية كانت تزورها كثيرا و تغريها للاقتراب أكثر للموت و حين كانت تحاول التخلص من ذالك و بصعوبة كبيرة وجدت هواية الرسم و مع الوقت طورتها فصارت قادرة على رسم الوجوه و حتى الإبداع من مخيلتها و أحيانا كانت تساعد صديقتها المقربة و منقذتها و أيضا شريكة سكنها جيوفانا في تصميم شعارات و إعلانات في مختلف المواضيع و كانت التصاميم تنال إعجاب جيوفانا كثيرا و كانت تقول أن المدير نفسه يحبها و هناك عرضت جيوفانا عليها أن تعمل معها في نفس مركز تصميم الشعارات و الإعلانات المصورة الذي تعمل هي فيه كان الأمر صعبا جدا بالنسبة لثيسيل فالمدير رفض توصية جيوفانا بها و قال أنها بدون خبرة في أي مجال و لا سبب لديه حتى يشغلها عنده و لكنه صُعق عندما أخبرته جيوفانا أن ثيسيل من كانت تصمم الشعارات التي كان يحبها و هناك فقط قرر أن يمنحها فرصة و ثيسيل لم تقم بتضييعها أبدا فقد قامت بإبهاره بمهاراتها و هناك حصلت على عملها الرسمي و بدخل جيد أيضا كما أنه دفع لها ثمن الشعارات التي صممتها سابقا لجيوفانا و هناك وجدت خلاصها من الأفكار الإنتقامية عذرا بل من الأفكار الانتحارية و لكن لم يحررها من فكرة الانتقام و لأن والدها كان ميتا لم تجد غير أشباهه الرجال لتُفرغ بغظها فيهم و لكي لا تبالغ اختارت أصحاب الرقم ثلاثة و عشرين و من هنا بدأت رحلة انتقام ثيسيل من الرجال.
في طريقها نحو مكتب التصاميم كانت تارة ترقص وتارة تمشي ثم تقفز و بعدها تعود للرقص و كأنها فقدت عقلها كليا و لكن شعور الفخر الذي كان يسري بعروقها كسريان الدماء قد أثر عليها بحق لقد فعلت شيئا جعلها سعيدة فخورة و كأنها انتقمت من والدها نفسه و لكن السبب خلف ما فعلته بذالك الرجل جلب لها ذكريات تمنت لو أنها قادرة على نسيانها و لكن أفكارها الضحلة أبت تركها بسلام بحثت عن أقرب زقاق ضيق لتتجه له دون تفكير و تجلس القرفصاء بجانب القمامة ذات الرائحة الكريهة ثم جلست تحديدا في بقعة قذرة أرجعت يديها فوق رأسها بينما تسحب شعرها للخلف كحركة دعاء... شريط ذكرياتها بدأ بالتدفق بعمق في رأسها و بدأ جسدها يتفاعل مع تلك الذكريات بينما تتذكر كل رعشة خوف و كل قشعريرة برد حدثت لها حرَّكت رأسها نفيا بعنف في محاولة لإخراج الذكريات منه أو على الأقل إعادتها لصندوق الخزن إلا أنها لم تفلح بذلك و متى فلحت بشيئ من الأساس لهذا استسلمت بسهولة كأول مرة و ككل مرة استسلمت لذكرياتها استسلمت لحياتها بينما مر الشريط من جديد أمام عينيها و ببطئ شديد كأنه يحاول معاقبتها على منعه من الظهور و على اخفائه بعيداً... طفلة في السابعة من عمرها تنتظر عودة والدها الحنون في الزقاق القابع خلف المنزل حيث ينزل والدها من السيارة دائماً محاوِلةً تنفيذ وعدها له إلا أنه تأخر اليوم و لم تشاهد أيَّ سيارةٍ تسير بالقرب من المكان نظرات اليأس اتخذت من وجهها مكاناً لتستقر فيه لتُخفض رأسها للأسفل معاودة السير للمنزل و بجانبها تسير سيدتان مسنتان و قد بدأتا الحديث بصوت صاخب حيث قالت إحداهما و الشعر الأبيض قد احتل مكاناً وفيراً من فروة رأسها "اليوم هو الثالث و العشرون من ديسمبر صحيح ... بالتأكيد سيتأخر ابني في العمل كثيراً فاليوم يجهزون للعطلة الأخيرة سيكون بالتأكيد لديهم الكثير من الأعمال " لتوافقها المسنة الأخرى قائلة " ابني ايضاً أخبرني أنه سيتأخر لكثرة الأعمال " و هنا شهقت الصغيرة فرحاً و شكرت السيدتان بسعادة لتبادلها السيدتان الابتسامة و كلمات الثناء دون فهم ما يحدث مع الصغيرة التي اتجهت لعتبة باب منزلها تقف تحت ضوء مصباح صغير فوق الباب بانتظار عودة والدها...
نهضت ثيسيل من مكانها طاردة ذكريات الماضي و
الأفكار التعيسة من رأسها مغادرة ذلك الزقاق المظلم متوجهه نحو مكتب التصميم، مكانها المفضل تقريباً، فهناك حيث تقوم بتفريغ سلبياتها حبرا على الورق لتصبح تحف فنية رائعة.
وقفت أمام المبنى الضخم، و قامت بتغطية عينيها بسبب الزجاج الذي عكس أشعة الشمس القوية حتى تعميها و تمنع الرؤية عليها، تحركت بخفة وما إن فتحت الباب حتى أصبحت مشيتها واثقة من نفسها و قوية كالعادة، هالتها خُلقت لتجعل الكارهين لها يحترقون غيظاً و غيرة و الواقعين في حبها يغرقون فيه أكثر .
قامت بتجاهل النظرات المثبتة عليها، و توجهت نحو المصعد حتى وقفت أمامه مُكتِّفة يداها بينما تضرب بحذائها الأرض بخفة و هذه عادة اكتسبتها منذ مدة فهي لا يمكنها الانتظار دون فعل أي شيء .
وفجأة حطَّت يد ما على كتلها، و هذا قد أزعجها حقا، فهي لا تحب الاتصال الجسدي بجميع أنواعه.
"كيف حالك سيلي؟ " نطقت مخاطِبتها باللقب الذي أطلقته هي عليها و هذا لم يفعل شيئا غير جَعْل تكشيرتها تختفي و ملامحها تنبسط لتبتسم بعدها مطالعة جيوفانا، الشخص الذي اكتشف موهبتها وعمل على تطويرها الشخص الذي حاول لملمة خيبات أملها و انكسارات ماضيها، جيوفانا أشبه بالمنزل لها وذلك الإسم السخيف الذي التصق بها لم يزد مشاعرها إلا دفئًا اتجاه المخلوق البشري شبيه الملاك بجانبها هي وحش فظيع و حطام مندثر إلا أنه مع هذا لا يمكنها إلا أن تُكِن المشاعر لمنقذتها و الشخص الذي حارب لأجلها، لذلك و من دون سابق إنذار أو كلام التفتت للمرأة بجانبها وضمتها بعناق كبير جعل جيوفانا تقهقه بفرح مردفة " دعينا نتناول الحليب والبسكويت عندما تنتهين من العمل في منزل سيلي " وهذا كان كافيا بالنسبه لها لتتوسع ابتسامتها كطفل صغير تم إخباره بأنه سيحصل على الحلوى، وعدتها بأنها ستتأهل من أن تمر عليها لاحقا ثم صعدت إلى مكتبها حيث تقضي وقتًا ممتعًا في مزاجٍ رائق يرافقها لبضع سويعات.
و أول ما رأته كان ملفا أصفر بارزا بين كومة أوراق ، كان الملف موضوعا على منتصف المكتب بالضبط. خمنت أن رفاييل هو من وضعه؛ اذ أنه امرؤٌ منظم لدرجة عالية وعلى مرتبةٍ من الدقة الحادة.
فتحته فاحصةً محتواه.
كان طلبًا لتصميم شعار الواجهة...
لدورات دعم ضحايا قضايا الأعتداء الجنسي! هذه ليست صدفة وهي واثقة تمام الثقة من هوية مرسل هذا الطلب!
باغتتها أشباح... أشباح الغضب وأشباح الماضي، لتنتصر هذه الأخيرة موقعةً بالفتاة المكلومة في قاعِ ذكرياتها. مرّ بخلدها عبارة مبتذلة قرأتها مرةً " الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان " هذه لهي حقا عبارة مبتذلة لدرجة رهيبة لكنها مثّلت موقفها وهي تفتح صندوقًا حرصت على تجاهله فترات وفترات.
رأت نفسها و هي تركض ناحيته فورما عاد، عانقته بسعادة وعانقها هو كذالك. لم تفكر بعقلها الطفولي بأن والدها قصد من ذلك العناق متبغاه الحقير. راحت يده التي على خصرها تنزل للأسفل فأسفله حتى غاصت في الفستان و ضحكت هي... تحسبه يلاعبها لكن شدةً منه لسروالها الداخلي جعلت وجهها يمتقع "بابا؟ ماذا تفعل؟" صوتٌ محرج خرج منها قابلته نظرة لم تعتدها في عينيّ والدها.
لم تكن تلك الطفلة ذات السبعةِ أعوام لتتخيل أن ما سيفعله بها والدها قد يحصل. بكت كثيرا و انتحبت بشدة، ترجته أن يتوقف لكنه لم يفعل قط. "ثيسيل، هذا سرنا، سر ثيسيل و بابا لا تخبري أحدًا لأنهم سيكرهونك كثيرًا ولن يحبكِ أي أحد أسمعتِ؟" هزت رأسها المخفوض. كما ستهزه كثيرًا لأعوامٍ بعدها.
ن

قيود ثيسيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن