البارت 42

1.2K 22 2
                                    

الفصل : الثاني والأربعين
بعنوان #نبضي_يسنده_نبض

علي يجافيه النوم كالمعتاد في الفترة الأخيرة ، ينظر بشفقة الى اسراء المنهكة فهي حامل من جديد ، بات يراها شديدة التعلق به خاصة بعد حادثة اسلام واصابته بالعمى ، ترى فيه السند والعون والاب والزوج والصديق ، شفافيتها ووضوح مشاعرها أشبه ما تكون كطفلة وظاهرها كباطنها لا تخفي ولا تجاهد بأخفاء مشاعرها كما يفعل هو ...
هو يتظاهر بالتماسك وقلبه يكاد ينفطر خوفاً على تلك الملاك ، كانت ترى فيه الأخ والسند لها ولكنه خذلها كما خذل أخيه خالد ... أصدر الأحكام وتسبب بأخراجها مطرودة ومقهورة من بيتهم .. ليته كان يعلم بصدق مشاعر خالد تجاهها أو على الأقل بحبه لها ؛ ربما أختلف الأمر لو سارع الى تبرئة ملاك ؛ ربما كانت الآن تعيش معهم في رغد وراحة وأمان ... ااه ما أغباني ... لو يحصل لها شيء فلن أسامح نفسي مدى الحياة ... أعتقدت أنني بعدم قول الحقيقة أنقذها من براثن خالد بل من كل الظالمين من حولها ... فتعود الى جدتها وتعيش بأمان بين من يحبونها ... خالد لم تكن مشاعره واضحة ولم يسبق أن صرَّح بحبه لها بل الغالب كان سخطه وكرهه وحقده عليها ؛ خفت عليها منه وخفت من بقاءها عندنا .... والآن أحصد الحسرة والخوف عليها وعلى أخي الذي ما عاد يكلمني ولا أظنه سيسامحني أبداً طول العمر .

****

بعد أن دار في كل مكانٍ قد يخطر بباله للبحث عنها دون فائدة ، توجه الى المشفى ليمضي باقي الليل عند عمه أبو طلال ؛ يشعر بهمه وبحالته ؛ ملاك كانت مسؤولة منهما دون الآخرين ولكن كلاهما فرط بها ولم يحسن لها او يحسن معاملتها ؛ أب قاسي وزوج ظالم ..
فتح ابو طلال عينيه ونظر الى طلال النائم باستسلام والى خالد المهموم ، رفع سريره ليعدل جلسته ثم قال : خالد انت ليه طلقت ملاك ؟ ما كانت تطيعك او عملت شي أغضبك .
ابتسم خالد بألم ورفع رأسه الى الأعلى ليستعيد الذكريات ثم ناظر عمه وبغصة : طلقتها لأني أنسان ظالم مثلي مثل كل اللي حولي والا الحق أني ما شفت منها الا البراءة والأحترام وال.... خوف .
ابو طلال باستغراب : الخوف!
هز خالد رأسه وهو يحاول التماسك : ما أدري لكن كانت بس تشوفني يتملكها الخوف وتحاول تهرب ؛ لكن بالفترة الأخيرة صرت ألاحظ الخوف يقلب أحترام وحياء شديد لدرجة انها ما تعمل شي الا بأذني مثل امتحانات الثانوية .
أبو طلال بأسى : لعاد ليه طلقتها يا ولد أخوي .
خالد بأسى أكبر : قلتلك لأني ظالم وحكمت عليها من غير ما أسمع أو اتوثق وربنا راد بعد سنين أني أكتشف كم هي عندها عزة وكرامة وأنا فرطت بيها بكل سهولة.
أبو طلال : أن شاء الله بنلقاها وتكون بخير وعهد علي أعوضها كل اللي فات .
خالد بتشجع : واتمنى يا عمي لما بنلقاها أنك توافق أرجعها على ذمتي وأوعدك أني أحطها بعيوني .
أبو طلال بأمل صادق : يا رب ألقاها وأكحل عيني بشوفتها ، وعهد علي ما أجبرها على شي ، أن بغت ترجع لذمتك ما أمانع.

****

رقم غريب يرن عليه ...
أجاب معاذ فأتاه صوت انثوي خفيض بكلمات معدودة : انا نور .. اريد أتحدث معك بأمر مهم .
غمرته مشاعر الأبوة بسماع صوتها وخانته دموعه ربما فرحاً وربما أملاً في أن يأتي اليوم الذي تغفر له أبنته ما أقترفه هو وأمه في حقها .
انقطاع صوته جعل نور تشك بانقطاع الأتصال لكنه تدارك الأمر وقال بحنان بالغ : الك عمري لو تطلبينه .
نور برسمية : ما ينفع عالتلفون ؛ وين أقدر اشوفك ؟
معاذ بحماس : تعالي بيتي ؛ الحين بأعطيك العنوان ..
قاطعته نور بحدة : ما أبغى أروح بيتك اذا ممكن في مكان عام بيكون أحسن ...
في المقهى جلست نور بارتباك وقد طارت كل الكلمات التي تدربت على قولها وأبيها فقط يتمعن بها ويطيل النظر دون كللٍ او ملل ؛ لم يستعجلها بالكلام ولم يسألها عن شيء ، مجرد وجودها أمامه هو نعمة يشكر الله عليها ؛ ليته يستطيع ضمها بأحضانه وتعويضها عن عذاب السنين .
أخيراً لملمت شتات أفكارها وقالت بثقة : أكيد سمعت عن خطبتي .
سكتت وهو رد بحزن : واتمنالك السعادة ما دام هذي رغبتك واختيارك .
اكملت بنفس الثقة : هذا الزواج ما هو برغبتي ولا أختياري .
نظر لها بدهشة وهي أستمرت : هذا زواج فرضته علي الظروف وقلة السند وخوف أمي علي من أي شي أو كل شي ؛ وانت الحين باعتبارك موجود ؛ أطلب منك تنهي هذا الزواج بأي طريقة لأني ما أريد أستمر بيه .
معاذ لا زال مصدوم ولكن قال : أكيد شي ما هو برضاك لا يمكن أقبل باستمراره ؛ بس أمك تدري برغبتك هذي وما عندها أعتراض .
نور بغموض : للحين ما كلمت أمي ؛ قلت أشوف رايك بالأول .
معاذ بحيرة : يعني أمك ممكن تزعل أو تعترض؟
ردت نور بعصبية : هي حياتي والا حياتها !
ثم تمالكت اعصابها وقالت : انا بأقنعها وبأذن الله بتسمع كلامي ؛ المهم الحين ابغاك تتواصل مع زوج خالتي وتنهي هذا الزواج .
معاذ بنية صادقة : بأذن الله ؛ لا تحملي هم شي أنا كل اللي يهمني سعادتك وراحة بالك يا بنتي .
الكلمة الأخيرة هزت مشاعرها وكادت تدفعها للبكاء لكن تماسكت وهي تقول : وبعد عندي طلب أذاتقدر تساعدني بيه .
أخذت نفس وقالت بثقة : أريدك تكلم مدير الشركة الي كنت بأشتغل بيها وتقنعه يرجعني للعمل .
معاذ بهدوء : ايش رايك تشتغلين بفروع شركاتي الي بدأت أنقلهن للبلاد وتكوني عون لي بيها .
نور بحدة : لا ما أبغى ؛ أريد شغلي السابق وبس .
معاذ لا يريد ان يضغط عليها رد بحنان : أبشري باللي تبينه ؛ ثم وضع امامها مغلف وقال : ترى البيت اللي شريته لكم جاهز وبأي وقت تقدرين تسكنينه ؛ هذا عقد ملكيته ومفاتيحه وبطاقات الصراف لحساباتك بالبنك .
دفعت المغلف بقوة ونظرت له بعيون ملؤها التحدي : انا الي ابيه منك قلته وغير كذا ما يهمني ولا أبغى منك شي .
وقامت مسرعة لتغادر قبل أن تخونها دموعها وتضعف أمامه وعادت الى البيت الوضيع الذي تسكنه مع أمها في الحي الفقير والتعب من أخفاء مشاعرها قد بلغ حده .
قابلتها أمها بغضب : وين رحتي يا نور؟ الي ساعة برن على تلفونك مقفل ؛ وش في عندك؟
نور بأرهاق : رحت أقابل ابوي .
منيرة جلست على الأرض وبصوت مخنوق : وليه رحتي تقابلينه ! ليكون بترجعين عنده وتتركيني !
نور جلست بقرب أمها وبهدوء : رحت طلبته يطلقني من بندر .
أم نور أصابها صدمة وبقوة شدتها من عباتها : ما هو على كيفك تتطلقين ؛ بندر رجال محترم ويصونك و....
نور بصراخ : ما أبغاه وما أطيقه وما أحبه وأذا ودك تصممين على زواجي منه ترى بأذبح روحي ...ثم انهارت بالبكاء وهي تصرخ :  والله بذبح روحي واريحك مني ومن عاري وهمي ؛  انا ما أحب الا اسلام وما رح كون زوجة لأنسان غيره ؛ ارحميني يما وحسي معي ولو مرة واحدة بحياتك ؛ انا غلطت وأعترف بغلطتي لكن اوعدك ما عدت أكررها ؛ خليني بس أعيش الحياة الي أبيها وامشي بالطريق الي أخترته عن قناعة ؛ لا توقفين في وجه سعادتي ياااااااا أمي .

رحلة عذابي أنا 💘حيث تعيش القصص. اكتشف الآن