حُكـمُ الجـهـادِ.

29 2 0
                                    

حُكـمُ الجـهـادِ:

الجهادُ بالمعني العامِّ فريضةٌ على المسلمين، ولا يَعني-أبدًا- أن يَحمِلَ كلُّ مسلمٍ سيفَه أو سلاحَه و يقاتلَ الآخَرينَ، فهذا أمرٌ غيرُ معقولٍ، ولم يَحدُثْ في تاريخِ الإسلامِ و انتشار حضارتهِ شرقًا وغربًا أنْ تَعامَلَ المسلمون معَ غيرِهم بهذه الصُّورةِ المزيَّفةِ التي يُروِّجُ لها كثيرون مِن دُعاةِ العنفِ والإرهابِ والتفجيرِ والقتلِ والتدميرِ، بل المقصودُ هو أنَّ على كلِّ مسلمٍ أن يجاهدَ بما يتَّفِقُ مع أحوالِه و ظروفِه؛يُجاهدَ بقلبِه، أو بلسانِه، أو بمالهِ، أو بالقرآنِ.

أمَّا الجهادُ بالنَّفْسِ -أي: القتالُ- فهو فرضُ كفايةٍ، أي: أنَّه ليسَ فرضًا مُتعيِّنًا على كلِّ مسلمٍ، والجيشُ - أو جنودُ القواتِ المسلَّحةِ - ينوبُ عن بقيةِ الناسِ في تحمُّلِ هذه الفريضةِ، بحيث تَسقطُ مطالبةُ باقي الأفرادِ بها، ولا يُسألون عنها أمامَ اللهِ تعالي يومَ القيامةِ.

إذَن فالجهادُ بالنَّفْس ليسَ فريضةً شخصيةً كفريضةِ الصلاةِ أو الصومِ التي هي واجبٌ مُتعيِّنٌ على كلِّ فردٍ مسلمٍ، بل هي فرضٌ كفائيٌّ إذا قامَ به البعضُ سَقَطَ عنِ الباقينَ.
لكن يكونُ يكون القتالُ فريضةً شخصيَّةً على كلِّ مسلمٍ، و ذلك في حالِ ما لو فاجأَ العدوُّ بلدًا مسلمًا و دخَلَه واحتاجَ الجيشُ مساعدةَ الأفرادِ في التصدِّي للعدوِّ، فهنا يجِبُ على كلِّ مسلمٍ أن يقاوِمَ العدوَّ بكلِّ ما يَملِكُ مِن نَفْسٍ أو مالٍ وغيرِهما، وهذا أمرٌ منطقيٌّ أيضًا لا يُجادِلُ فيه إلَّا مَن يُصادرُ حقوقَ الناسِ في الدفاعِ عن أنفُسِهم و أوطانِهم.

متي يكونُ الجهادُ فرضًا على المسلمينَ؟

لو رَجَعنا إلي القرآنِ الكريمِ و إلى السُنُّةِ النبويةِ وإلى أئمَّةِ المسلمين في العصورِ الأُولى، فإنَّنا نجِدُ الإجابةَ صريحةً في أنَّ القتالَ المفروضَ على الأُمَّةِ هو قتالُ مَن يُقاتِلونها، وهذا ما يقولُه القرآنُ الكريمُ.

يقولُ تعالى: (وَ قَـٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَـٰتِلُونَكُم وَلَا تَعتَدُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلمُعتَدِينَ) [البقرة: ١٩٠]،
ويقولُ تعالى: (وَ لَا تُقَـٰتِلُوهُم عِندَ ٱلمَسجِدِ ٱلحَرَامِ حَتَّى يُقَـٰتِلُوكُم فِيهِ فَإن قَـٰتَلُوكُم فَٱقتُلُوهُم ) [البقرة: ١٩١]،
ويقولُ تعالى: (وَ قَـٰتِلُواْ ٱلمُشرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَـٰتِلُونَكُم كَآفَّةً )[التوبة: ٣٦]]، و هذه الآياتُ صريحةٌ في النَّصِّ على الآتي:

-يجِبُ على المسلمينَ أن يُقاتِلوا الذين يُبادِرونهم بالقتالِ ويعتدون عليهم، والآيةُ تحرِّمُ على المسلمين أن يَتجاوزوا حدودَ العدلِ في قتالِ أعدائِهم، و هذا هو مفهومُ قولِه تعالى: (وَلَا تَعـتَدُوٓاْ).

الجِهاد في الإسلام.♥️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن