بسم الله الرحمن الرحيم
#سلسلة_عواصف_الغموض_والحب
#الجزء_الأول
#بعنوان_ظلام_الذئاب
#بقلم_سلمى_خالد
#الفصل_الثالث_عشر
************
تتراجع برعبٍ شديد، تضع يديها حول عنقها لتحميها من الاختناق كما فعل بالمرةٍ السابقة، تنظر له بذعر لا تريد أن ترى الظلام المتوحش بعينيه مرة أخرى، صوت مُلتاع يصدر عنها وكأن وحش على وشك أن ينقض عليها:
_ خلاص..خلاص لو مش موافق خلاص بس متخنقنيش!!
تشكلت الدهشة على ملامح وجهه، شعر بغصةٍ أليمة تُصيب قلبه، هو ليس بتلك الوحشية التي تظهر بعينيها، يعلم جيداً أن طابعه حاد، ولكن لا يصل لدرجة الرعب التى عليها الآن، هتف بهدوءٍ ينزع عنه قناع البرود:
_ ماشي ممكن تنزلي الشغل، بس مش بكرة.. بعده، ولزماً تعرفي مدير المستشفى إنك هتسبيها لأنك هتبقى معرضة للخطر أكتر.
رمشت بعينيه بعدم تصديق، هل وافق!!، نظرت له ببعض الشك ثم همست بصوتٍ خافت:
_ يعني ممكن أروح الشغل عادي مش هتزعقلي ولا هتخنقني!
نظر لها قليلاً، يتأمل وجهها الذي يشع بالحمرة من البكاء، ملامحها التي بدأت أن تهدأ ليختفي الذعر عن ملامحها تدرجياً، فأجابها بنبرة هادئ اسكنت قلب تلك البريئة بل أزلت جزءاً من الآلامها:
_ لا ممكن تنزلي الشغل عادي بس هكون معاكِ في أي حتة.
السعادة تقفز بحدقتيها، تشعر ببهجة غريبة تطوف حولها، نظرت له بإمتنان وسعادة اخترقت هذا القلب المتجمد فانصهر جزءاً كبيراً من هذا الجليد:
_ شكراً شكراً بجد يا زياد، متعرفش أنا فرحانة إزي.
منحها ابتسامة صغيرة، تعجبت هي من ابتسامتها، لتستدير عائدة إلى غرفتها ولكن قبل أن تترك المكان، اردفت قائلة ببسمة صافية اهتز قلبه لأجلها، جعلت من روحه أن تنشغل بها أكثر من اللزم:
_ شكراً وعمري ما هنسى دا.
استدارت بجزعه مرة آخر ولكن همست بصوتٍ منخفض:
_ بدأت أحبك يا زياد.
اختفت من أمامه لتبدأ بالقفز مثل الأطفال تشعر بسعادة غريبة اجتاحت قلبها، بينما وقف زياد يراقب كل حركاتها ليبتسم ببعض الحزن عندما لحت عليه تلك الذكرى...
****
: _ عشان خاطري يا زيدو عشان خاطري
نظرات البرود تتراقص بعينيه، فهتف بابتسامةٍ صفراء:
_ اهو عشان خاطر زيدو دي مش موافق.
نفخت بغيطٍ شديد، تغمغم بغضب طفولي:_
_ ليه بقي أنا عايزة أنزل معاكم الشغل، زي جدو وانا قولتله قالي موافق بس شوفي زياد.
تحولت نظراتها للبراءة تهتف برجاءٍ واضح:
_ عشان خاطري يا زياد عايزة انزل معاكم لو مرتحتش أو لقيت ظهر عليا تعب أبقي قاعدني تاني في القصر وأنا هسمع الكلام.
تنهد قليلاً ثم مد يده ووضعها على وجنتيها قائلاً بحنو:
_ خلاص يا ست ندى موافق، بس ترسمي بقي ليا صورة حلوة كده هقولك عليها عايزك ترسمي الجنينة بتاعتي الخاصة في لوحة ماشي
صفقت بيديها لتقفز بأحضان أخيها تهتف بفرحة:
_ شكراً شكراً يا زياد ومن عينيا هرسملك الجنينة السرية بتاعتك.
نظرت له بحب ثم همست بسعادة:
_ بحبك أوي يا زياد.
راقب السعادة الظاهرة بعينيها وصوتها الذي صدع بالقصر يعلن عن سعادتها البالغة لم يعلم أحد أنه كان قرار هلاك حياتها، وسبب في خيانتها للعائلة وضياع الشركة، فلم يلاحظ مكرها وهي تحصل على الموافقة منه لأجل غرضها الخفي.
عاد لأرض الواقع ينظر إلى غرفة ليان ثم همس بصوتٍ خفيض:
_ فيكِ كتير من ندى يا ليان وهو دا سبب اللي مخليني متعلق بيكِ، وشكلي كده مش هقدر أكَبِر، كل مرة بتخليني أتغير من نقائك، وأحبك لطبيتك!!!
***********
بمشفى الألفى،،،،،،
صوت يصدع بالغرفة، خمس سنوات لا يصدع صوت سوى صوت الأجهزة المرتبطة بتلك القابعة على الفراش، لا يعلم أحد متي ستفيق من غيبوبتها؟!
ابتسامة خبيثة ظهرت على محياه، تلتمع عيناه بالشر، يردد بصوتٍ فحيح من أسفل لاثمه، وكأنه سُم يسير بالجسد:
_ السبب الوحيد اللي مخليني سيبك عايشة أخوك وفي النهاية هتكون نهايتك الموت زيه !!!!
بدأت تتشنج بجسدها، وكأنها تري حلماً مرعباً، صوت الأجهزة يعلن عن مؤشرات لا تبشر بالخير حتى صدع صوت صفرة تخبرنا عن توقف قلب تلك النائمة بعالمٍ آخر.
رمقها بنظرة ماكرة تفوح بالشر، ثم غادر الغرفة قبل أن تعج بالأطباء، وما كانت إلا ثوانٍ وامتلأت الغرفة بالأطباء، فأمسك كبير الأطباء " مجدي" الجهاز الكهرباء، وبدأ بالقيام صدمات كهربائية يهتز جسدها بعنف بسببها حتى عاد النبض مرة أخرى، ليتنفس الجميع براحة غير معهود، نظر مجدي للجميع، يهتف بتحذير قوي:
_ ممنوع زيارة الفترة دي لحد ما اسمح أنا، وخلوا بالكم جداً وجيه الألفي لو عرف حاجة هينسفنا من على وجه الأرض، خلي الليلة دي تعدي على خير.
هز الجميع رؤوسهم برعب، يعلمون جيداً تحذيرات أو بمعني صحيح تهديدات وجيه الألفي لهم، بينما تتشنج معالم وجه القابعة بالفراش ثم بدأت تهدأ عندما شعرت بعدم وجود الخطر.
***********
استيقظت من الصباح الباكر تستعد لذهاب مع مريم في نزهة ترفهية، فذهبت سريعاً لتحمل حقيبتها وتضع بها الهاتف ولكنها وجدت رسالة صغيرة بها تخبرها بأنها سكون بالمشفى لأجل حالة واحدة، وأنها ستكون هناك بالمشفى، فقررت سهام أن تمر عليها بعد مراسلتها لها تخبرها أنها ستأتي إليها، وحملت حقيبتها سريعاً ثم خرجت من الشقة لتسير بخطواتٍ متعجلة حتى خرجت من المنزل الذي تقطن به لتجد جاسر يقف أمام الباب يرتدي نظرته السوداء وبدلته المتألقة، نظرات له بتعجب واضح ثم بغتته بسؤالٍ غريب:
_ بتعمل إيه هنا؟
ازل تلك النظارة وهتف بسخرية:
_ طب حتى قولي صباح الخير
تلون وجهها بالحرج الشديد، وهتفت بصوتٍ محرج:
_ أنا آسفة.. صباح الخير.
تراقص المكر بعينيه، وهتف بخبث:
_ صباح الحب
توردت وجنتيها، وبدأت تشعر بشيءٍ يدغدغ قلبها ولكنها تذكرت حديث صديقتها وهي تقول« اوعي تعلقي قلبك بواحد هو لسه مختاركيش ولا اتقدملك رسمي، حتى لو لمح بدا لزماً يتقدم رسمي، الجوهر عشان الانسان يحافظ عليها لزماً يتعب فيها» صمتت قليلاً ثم تمتمت بجمود:
_ حضرتك بتعمل إيه هنا!
نظر لها قليلاً وتعجب من تغيرها المفاجئ ولكنه أجاب بهدوء وعقله مشغول بسبب جمودها المفاجئ:
_ شكيت إنك هتخرجي من الصبح فقررت أسبق عشان أكون معاكِ، واوفر الحماية بتاعتك
هز سهام رأسها بتفهم، ثم مشت بخطواتٍ صغيرة لتصعد إلى السيارة التي فُتح بابها، لتدلف لداخل بسهولة، ضيق جاسر عينيه وبدأ يفطن ما الذي عليه فعله بعدما وجدها تتحاشى النظر إليه!!
************
بمشفى اليوسف،،،،،
تجلس بمدخل المشفى بقرب من ( الاستقبال) تنظر لهذه الممرضة بمللٍ واضح، تعلم جيداً نوياها الخبيثة في الحصول على شابٍ يحمل الوسامة والمال، نهضت سريعاً عن مقعدها عندما رأت أقبل سهام عليها وخلفها مباشرة شاب يرتدى نظراته السوداء وزي الحرس الخاص، لفت انظار الجميع وكان بما فيهم "مايا" الممرضة التي تتدلل على الأطباء، نظرت إلى ملابسها سريعاً واعادت ترتيبها ثم وارجعت خصلات شعرها للخلف لتبرز جمال وجهها ونقائه، وتقدمت بضع خطوات ثم هتفت بصوتٍ رقيق، وهي ترى سهام تتحدث مع صديقتها مريم وخلفها هذا الحرس " جاسر":
_ هل يمكنني مساعدتك؟!
براكين الغضب بدأت أن تشتعل بقلب سهام عندما استمعت لتلك الخبيثة وهمسات أنثى ماكرة التي أظهرتها، فتخبط وجهها بالغضب وكأنها على وشك قتل أحد.
لاحظ جاسر مكر تلك الفتاة وكاد أن يرفض ولكن نظرات سهام المشتعلة بالغيرة والغضب جعلته يبتسم بخبث، فلن يمنع نفسه في قليلٍ من المرح، تمتم بصوتٍ جذاب:
_ نعم، أريد المساعدة.
اتسعت ابتسامة مايا بفرحة عارمة، بينما ألجمت الصدمة سهام ، تتسع حدقتيها بشدة ثم هتفت بعد أن فاقت من الصدمة قائلة بصوتٍ غاضب يحمل بين طياته غيرة:
_ نعـــــــــــم يا خويا تُريد إيه؟!!
تعالت ضحكات جاسر بينما تأملته مايا بإعجاب زائد فمدت يديها لتضعها على كتفه تزيد من إغرائه، ولكن أعاق حركتها أمسك سهام ليدها تهتف بابتسامةٍ صفراء:
_ نحن آسفون ولكن لا يصح أن يمس رجالاً نساء أغراب.
نفضت مايا يديها بعيداً وهي تشعر بالحرج والغيظ في آن واحد، ترمقها بنظراتٍ مُغتاظة وغادرت المكان تغمغم ببعض الكلمات الغير مفهومة، فأردف جاسر بخبث:
_ مشيتيها ليه كنت عايز مساعدتها!!
ابتسمت سهام ببرود، ونظرت له باستفزاز قائلة بنبرة باردة:
_ يلى يا بابا من هنا معندناش رجالة تطلب مساعدة من حد غريب وكمان ستات، أتفضل على البيت جري.
تعالت ضحكات جاسر، وأجابها وهو يغادر المشفى:
_ انا همشي يا مجنونة ولما تخرجي عرفيني عشان منتخنقش.
غادر المكان وهو يبتسم فقد اعجبته تلك الغيرة، وشعر بسعادة غريبة لم يشعر بها من قبل وكأنه كان بصحراء خالية من الماء فتعطش قلبه لسعادة وها هو يرتشف منها على يد من سكنت روحه.
تنفست براحة شديد بمجرد اختفائه فهمست بغضب:
_ البت هتشقطه عيني عينك.
صدع صوت مريم تجلس على المقعد تدمع عيناها من شدة الضحك، فالتفتت لها سهام تبغتها بسؤالٍ وقد تلون وجهها بالحرج:
_ وهو أنتِ هنا من أمتى؟!
غمزت لها مريم تردد بمكر:
_ سيبك أنتِ أنا هنا من أمتى، مين الشاب الحِلوة اللي كان هنا؟!!
ضربتها سهام بخفة فوق كتفها تغمغم بغيظ:
_ هو أنتِ كمان.
وضعت مريم يدها تدلك موضع الصفعة التى فعلتها سهام تُرمقها بنظراتٍ غاضبة، فاستطردت سهام في هدوء:
_ دا الحرس المفروض بتاعي وكمان ليان ليها واحد.
تحسرت مريم وهي تنظر لسهام وهي تهتف بتأثير مزيف:
_ يابختكم دا مافي دكر بط بصلي.
بسطت سهام يدها بوجهها، قائلة بصوتٍ مُضحك :
_ الله أكبر في عينكِ يا شيخة ثم الحرس دا بسبب المؤتمر اللي ليان حضرته فعشان كده الحرس موجود أول لما نتأمن هيسبنا.
هزت مريم رأسها بعد توضيح سهام، فسألتها بفضولٍ واضح:
_ طب بتاع ليان أمور كده زي بتاعك؟؟!
هزت رأسها بيأسٍ يصاحبه ضحكة يأسى:
_ يا بت أهدي، بتاع ليان أنا نفسي مشفتهوش أصلاً، بس الحرس بتاعي بقي الكِرَاش بتاعي
تراقص الخبث بعينيها، تهتف بمكر واضح:
_ آآآآه عشان كده أديتي مايا على دماغها.
حركت رأسها بإيجابية، تتمتم بجدية:
_ أيوة أصلها مش أخلاق منحرفين.
ضحكت على مزاح صديقتها ثم اطلاقا إلى نزهتهما، تشرق الابتسامة على وجههما، كشمس شقت الظلام بأشعتها لتبرز جمال الأرض.
**********
تمر ساعات النهار ليعاقبها ظهور الليل، لتلفح نسمات الهواء الباردة وجه الناس المنهمكة طيلت النهار. فتسير الراحة بأجسادهم بعد عناء النهار.
تجلس على السرير بإريحية شديدة فبعد دقائق ستخلد للنوم ولكن قررت أن تخاطب ليان لتعلم متي ستعود للعمل؟، و ماهي إلا دقائق حتى اجابتها ليان وهي تثرثر معها بمدى اشتياقها لها ورغبتها برؤيتها، تحدثت سهام بسعادة وهي تنطق:
_ يعني أخيرا هتنزلي الشغل بكرة؟!!
هزت ليان رأسها وابتسامة صافية لحت على شفتيها متذكرة موافقة زياد لطلبها بعد معاناة، لتهتف بصوتٍ رقيق:
_ آه أخيراً إفراج وعايزة اشوفك عشان وحشتني جداً أنتِ ومريم.
اجابتها بحب وكأنها شقيقتها وليست صديقة:
_ وأنتِ اكتر يا ليان وحشتيني اوي صوتك وشكلك حتى ابتسامتك، نفسي نخرج زي الأول بأمان في مصر
ابتسامة حزينة عرفت طريقها لتنحت نفسها على شفتيها، تمتمت بخفوت بنبرة عاد إليها الحنين:
_ آه فاكرة لما كنا نرجع من الدرس، وكان يوم التلات بذات نحوش فيه عشان الاربعا اجازة ونروح نشتري أكل و شيبسي جديد وناكل بالطريق.
ضحكة صغيرة خرجت من بين شفتيها تهمس بسعادة غريبة:
_ آه كانت أيام جميلة بجد يا لينو
زفرت ليان بصوتٍ مسموع وهتفت بمرح:
_ يلى بكرة أرجع وأعيد أمجادي العظيمة وبذات بتاعت الجامعة
لم تتحمل سهام، لتدمع عينيها مما قالته تحاول الحديث من وسط ضحكها:
_ أمجادك العظيم يا بنتي دا أنتِ شردتني أول يوم كلية.
اتسعت عينيها بذهول وكأنها لم تفعل شيء:
_ أنا!!
ضيقت سهام حدقتيها بغيظٍ وهتف وهي تعض على شفتيها:
_ أيوة بالأمارة مين جريت وراها بالجزمة أول يوم كلية .
:_ هاه
قالتها ليان بحرجٍ شديد، لتكمل سهام بنصر:
_ ومين اللي ضربت البت بكتفها لما فرمتيها وعملتي مش واخد بالك.
حكت ليان جبينها ثم حمحمت بصوتٍ عالي:
_ أحم..
لتضيف سهام بصوت يشوبه سعادة شامتة:
_ ومين اللي الواد خبط فيها من غير قصد وشتمتيه بالبجم وتور وطلعتي جريتي وسبتيني لوحدي و.....
بتر جملتها صوت ليان تصرخ بها:
_ خلاص كفاية فضحتني!!
ابتسمت بشماتة تهتف ببعض النصر:
_ أيوة كده اتظبطي قال أمجاد قال.
تلون وجهها بالحُمرة شديدة، لتهتف بغيظٍ مكتوم:
_ غورري يا بت أنا غلطانة أني رديت عليكِ.
تعالت ضحكات سهام وهتفت بضحك:
_ سلام.
*************
أنتهى الليل بما فيه من ذكريات، ليعود إلينا النشاط بصباح يوم جديد أعلنت عنه الشمس عندما قيضت خيوطها الظلام الذي دمس للأرض وضمرها للأسفل.
وقعت على الأرض وهي تسرع في إرتداء حذائها وتعقد رابطه، وبعد أن انتهت خرجت سريعاً وهي ترتدي حقيبتها النسائية، رفعت بصرها لتقع على زياد وزوقه الرفيع في ارتداء ملابسه، فاقت من شرودها الذي طال لعدة دقائق على صوته الساخر:
_ هتفضلي متنحة كده كتير.
نظرت له بحرج، لتتحرك من أمامه تهمس بداخلها:
_ شوف يا أخي ربنا رزقه بالوسمة والغتاته في نفس الوقت، أنا جبهتي باظت من كتر القصفات.
غادر الأثنان الشقة وبسرعة فائقة، ليصلا للمشفى وقبل تسير ليان خطوة واحد لداخل، كان زياد يمسك ذراعها بسرعة يوقفه بجانبه ثم سحب يديها سريعاً ودخل بها للمشفى.
كانت الأنظار تلتف حولهم ومن بينهم عينان خبيثتان تريد إيقاع هذا الوسيم بشباكها، لتهتف "مايا" بمكر:
_ لابد من أن أحصل على هذا الوسيم الثري!!
دخلت ليان بقسم الخاص بها لتجد مريم وسهام يجلسان بخارج المكتب فهتفت هي بابتسامة واسعة:
_ صباح الخير
تحولت ابصار الاثنتان لصوت الصادر ونهضا سريعاً يحتضنها بحب واشتياق، فتهتف سهام بسعادة:
_ وحشتني أوي يا لينو.
ربتت على كتفها ثم همست بحب:
_ وأنتِ كمان يا سوسو، أنتم الاتنين وحشتوني.
ابتسمت لها مريم ولكن سرعان ما اختفت هذه الابتسامة عندما ظهر زياد، يقف خلف ليان مباشرة، لاحظت ليان نظرات مريم الغريبة والمصوبة خلفها، التفت بتلقائية لتنظر لما خلفها فوجدته زياد، رددت بتعجب واضح:
_ في حاجة يا زياد؟!
وضع يده بجيب سرواله وهتف ببرود مزيف:
_ لاء روحي على مكتبك وانا هفضل هنا ومش عايز نقاش في كلامي.
لم تستطع الرد وأومأت إمأه صغيرة ثم غادرت إلى مكتبها بينما رمق زياد مريم نظرات متعجبة عندما لاحظ نظراتها التي لم تُزل من عليه، عاد يجلس مكانه فأخبرت سهام صديقتها بأنها ستأتي بوقت الراحة.
ولكن قبل أن تغادر سهام رأت مايا وهي مقبلة على زياد لتسرع بخُطاها إلى ليان لتخبره سريعاً فهتفت بصوتٍ متهدج:
_ ألحقي يا لينو في واحدة عايزة تشقط منك زياد
قطبت جبينها، ونظرت لها بتعجب، ثم خرجت من مكتبها برفقت صديقتها لترى مايا تعيد خصلاتها للخلف وترسم وجه البراءة علي ملامحها ببراعة، نظرت بسخرية واضحة وهتفت بسخط:
_ دي اللي هتشقط..
هزت سهام رأسها، لتسترسل ليان حديثها في سخط:
_ كان القرد نفع نفسه.
تعجبت سهام من حديث صديقتها فهتفت بحيرة:
_ هو أنت مش معجبة بيه وكمان جوزك!!
هزت ليان رأسها وأجابته بوهن تشعر وكأنها بمتاهة ليس لها نهاية:
_ مش عارفة يا سهام بس الوحيد اللي لما بشوفه بتلغبط كده ببقى عايزة اتكلم معاه واجري عليه واحكيله كل اللي وجعني ومش قادرة اقوله لحد، أسلوبه بس اللي بيبعدني عنه منكرش اول لما شوفته كنت متغاظة من اسلوبه لكن فيما بعد من عشرتي اليومين اللي فاتوا حسيت بكده.
غمزت لها بخبث وأردفت قائلة بمكر:
_ يبقى الصنارة غمزت.
ثم أضافت بتحذير:
_ طب روحي ألحقيه قبل ما يتشقط والرجل بيبقى سهل الشقط بعد الجواز.
ابتسمت ساخطة من حظها وهتفت بسخرية:
_ مش لما اشقطه أنا الأول دا كل مرة يديني قصف جبهة لما طير جبهتي خالص.
رمشت بعينيها في دهشة، لتكمل ليان بابتسامةٍ صفراء زادت من تعجب صديقتها:
_ لو هي جدعه خليها تاخده وأنا موافقة، وادي دقني أهيه أما مدهاش قصف جبهة زي اللي بيدهملي.
لم تفهم سهام عن ماذا تتحدث ولِمَ لم تقلق على زوجها، فأشارت ليان بيدها لتخبرها بأن تشهد
بالمقرب منهن كان زياد يجلس يعبث بهاتفه، لتهتف مايا بنبرة رقيقة للغاية تخفى نواياها:
_ هل تريد أي مساعدة؟!
رفع زياد بصره عن الهاتف ينظر إلى مايا وابتسامتها المرفقة معها، ليهتف ببرود يعرف نواياها:
_ إن كنتِ تريدين أن تقضي وقت مع رجل، فلست أنا أذهبي لملهى ليلي هو يصطحب اشكالك.
اصطبغ وجهها بالحمرة والعديد من الألوان بعدما قاله، تشعر بالحرج الشديد مما قاله لتفر هاربة من أمامه تجر قدميها بصعوبة بعدما قاله، في حين نظرت ليان لها وهتفت ببسمة باردة:
_ فهمتي؟!!
نظرت لها قليلاً، فطريقة زياد مع مايا كانت عنيفة بعض الشيء ربما هي تستحق ولكن هل يعامل صديقتها الرقيقة بتلك الطريقة، تسألت بحيرة:
_ هو بيعملك كده؟!!
تلقائية توجه بصرها نحوه وهي تقول:
_ هو بيعاملني كده بس وقت بحس أنه بيصطنع الأسلوب دا ووقت أحس أنه حنين جداً لدرجة أنك تنسي الدنيا معاه ووقت بحس إن دا أسلوبه، حاجات كتير بحسها معاه بس اللي متأكده منه أن في حاجة خلته يبقى بارد كده، الحنية اللي شوفتها من مرة قبل كده خلتني عرفت إنه قلبه فيه وجع وعايز اللي يدويه.
ربتت سهام على كتفها وهتفت بهدوء:
_ ربنا معاكِ يا حبيبتي واستعملي خبرتك الطبية، أصل مفيش إنسان بارد دا بيبقى موجوع ومش قادر يتكلم لدرجة تخليه بيبقى بشكل دا، دوي جرحه بحنيتك يا ليان ، خليكي النفس اللي يتنفسه، وهو في النهاية جوزك يعني تقدري تتصرفي بحرية بدون قيود.
غادرت سهام المكان بينما غرقت ليان ببئر أفكارها الذي لا ينتهي بل ازداد عمقه، وكأنها قررت أن تسبح في المحيط وغرقت فيها، فماذا ستفعل؟!!!!
****************
رفع يديه يدلك رقبته، بعد أن نظر لشاشة مدة طويلة يتأكد من عدم وجود المافيا، نظر امامه ليُفتح الباب المكتب الخاص بليان ليجدها تبتسم بعملية تتمتم ببعض الكلمات الامريكية للشاب الذي يقف أمامها، تخلله الشعور بالضيق من ابتسامتها لهذا الشاب، فهمس بضيقٍ شديد:
_ يارب عدي اليوم دا بدون ما ارتكب جناية.
غادر هذا الشاب بينما نظر زياد إلى ليان يراقب حركاتها وهي تخبر السكرتيرة بأن تدخل العميل التالي، ولكنها لاحظت نظراته المصوبة نحوها، لتتورد وجنتيها بخجل لا تعلم ماذا عليها أن تفعل؟ إلى أن قررت دخول المكتب وهي تفكر ماذا ستفعل معه لتُعالج تلك الندوب المكنونة بداخله.
يتبع.....
أنت تقرأ
ظلام الذئاب ج1 قيد تعديل
Lãng mạnفتيات سيضعهن القدر أمام ظلام الذئاب الذين سيأتون علي الأخضر واليابس فهل سيقدرن علي موجهة تلك الموجة العاتية من الظلام أم لا ؟؟؟! الجزء الاول ظلام الذئاب بقلم سلمى خالد يوم 24/6/2021