عَام١٨٩٨

مُقَدَّمَةٌ

عام١٨٩٨
الْخَامِس مِنْ نوڤمبر
الثَّانِيَة و نِصْف و أَرْبَع دَقَائِق ظهراً

بإنجلترا لَنْدَن و بِالتَّحْدِيد مَيِدَان بيكاديللي
حَيْث الزِّحَام و أَصْوَات مُحَرِّكَاتٌ السيَارات و همهمات الْمَارَّة الصَّادِرَة مِنْ المحادثات و كُلُّهَا تَدورُ حَوْلَ نَفْس الْمَوْضُوع

فَهُو الْمَوْضُوعُ الَّذِي تَتَحَدّثُ عَنْهُ كُلُّ إِنْجِلْتِرا فِي آخِرِ أُسْبُوعَين

فَتِي يَبْدُوَا فِي الْخَامِسَةِ عَشَرَ مِنْ عُمَرَه مَعَ شَعْرٍ أَشْقَر داكِن و عُيُون عسليه طَوِيلَ الْقَامَة يَرْتَدِي مُلَابِسٌ يُطْغِي عَلَيْهَا الطَّابَع الريفي الْبَسِيط يَقِف يَصِيحُ فِي وَسَطِ الْمَيْدَان بَيْن الحَشَد

"اقراء إخْبَارٌ اليوم"
"اخبار اليوم"
"سوف يَتِمُّ بَيْعُ الْمُتْحَف البريطاني"

بَعْدَ مَا يَقْرب الرُّبْع سَاعَة مِنْ الصِّيَاح و تَكْرِير كَلِمَاتِه

اِقْتَرَبَ مِنْهُ رَجُلٌ يَبْدُوَا فِي مُنْتَصَفِ عُقْدَة الثَّالِثِ مَعَ مُلَابِس رَسْمِيَّة و فَوْقَهَا مِعْطَف داكِن اللَّوْن يُوَجَّهُ كَلَامُهُ لِلصَّبِيّ يَسْأَلُه

"بِكم الصَّحِيفَة الْيَوْمَ يَا فتي"

رَفَع الصَّبِيّ رَأْسَه ليستطيع النَّظَر لِلرَّجُل بِسَبَب فَرْق الطُّول بَيْنَهُمْ بَعْدَ ثَوَانِي أَجَابَه بنبره متلهفه

‏"بعشره باوند سيدي"

‏أَخرَج الرَّجُل محفظته مِن جَيْب مِعْطَفَه لِيَنتَشِل مِنْهُا الْمَالَ و يُعطِيه لِلصَّبِيّ
فَيُمْسَك الْفَتِيّ بِالنُّقُود ثُمَّ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الصَّحِيفَة مَطْوِيَّة عَلِيّ أَرْبَعَة

و بَعْدَهَا يَعُود للصِيَاح

ليفتحها الرَّجُل و يبداء بالتَقلِيب بصفَحاتها بِعَدَم اهتام ثُمَّ يَقِفُ عِنْدَمَا وَقَعَت عَيْنَيْه عَلَيَّ ذَلِكَ الْعُنْوَان لمقاله

*بيع الْمُتْحَف البْريطانِيّ ' British museum ' *

أَعْجَبَه الْعُنْوَان ليمرر عُيُونَه بِسُرْعَة عَلِيّ أَسْطُر الْمَقَالَة

•يُقَال أَنَّه سَوْف يَتِمُّ بَيْعُ الْمُتْحَف البْريطانِيّ و الَّذِي يَكُونَ أَوَّلُ مَتْحَف بِالْعَالِم حَيْثُ تَمَّ تأسيسه عَام ١٧٥٣ و الَّذِي يَضُمُّ أَكْثَرَ مِنْ ١٣ مِلْيُون غَرَضٍ مِنْ مُخْتَلِفِ أَنْحاءِ العالَم لِذَلِك يُعَدّ وَاحِدًا مِنْ أَهَمِّ متاحف الْعَالِمُ فِي تَارِيخِ و ثَقَافَةٌ الْبَشَر لمليردير مَجْهُولٌ الْهُوِيَّة وَلَا أَحَدٌ يَعْلَمُ مِنْ هُوَ مِمَّا يُسَبِّبُ الْحِيرَة •

أَغْلَق الصَّحِيفَةِ بَعْدَ أَنْ أَنْتَهِيَ مِنْ قِرَاءَةِ الْمَقَال ليتمتم بِصَوْت يَكَاد غَيْر مَسْمُوع

"انه أمْرٍ غَرِيب و مُثِير للحيره حقا"

يَنْظُر لساعته لِيَجِد أَن عَقْرَب السَّاعَات قَد شَارِفٌ عَلِيّ الْوُصُول لِلسَّاعَة الثَّالِثَة مساءًا
لِيَعْقِد حَاجِبَيْه و يَطْوِي الصَّحِيفَة مَرَّة أَخِّرِي و يَضَعُهَا بحقيبته الجِلْدِيَّة الْمُسْتَطِيلَة كَبِيرَة الْحَجْم اللتي يَحْمِلُهَا بِيَدِه

و يَهُمّ بالمغادره ذَاهِبًا إلَيّ مقهي يَحْمِل اسْم  'بيرموندس' قَبْلَ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ مَوْعِدِهِ .