"الفصل الثالث والأخير"

52 7 1
                                    

لقد وقع هذا الخبر علي قلبي وقع الصاعقة، حتي أنني تجمدت مكاني فلم أنطق ببنت شفة، لا أدري كيف أمكنني الذهاب مع "حازم" إلي المستشفي، تركنا الأطفال مع والدة ووالد حازم ولسوء الحظ مع تلك ال"ليلي" أيضًا، وصلنا لنجد فرح وزوجها وهو، هو الذي يبكي قلبه حرقًة علي مرض حبيبته ورفيقة سنواته، زوجته التي كانت له بعد الأهل أهلًا، كانت تلك أول مرة أراه في تلك الحالة، وكأنني اعتدت علي"عم صبحي" ذي الثلاثين عامًا ولم أُدرِك أنه قد تجاوز الستين، ربما للحزن أعمارٌ غير التي نعتادها، اقتربت منه، حاولت أن أخفف عنه ولكن كيف؟، وهو الذي اعتاد التخفيف منها،
كنت أحاول ألا أبكي حتي لا أزيد الطين بلًة، جلست بجانبه وأنا أُربت علي كتفه.

_ متقلقش ي بابا صبحي، هتقوم بألف سلامة إن شاء الله، ربنا كبير وموجود.
_ إن شاء الله يبنتي.
"قالها بإقتضاب، ممتزجًا باللانهاية من الحزن"

لا أدري كم من الوقت مر علينا ونحن لا ننطق، لا ندري ما المناسب ليقال في تلك اللحظة، وأنا من الحين والآخر أنظر إليه لأجد بعض القطرات الدامعة تلهب جفون قلبه وتترقرق سابحًة إلي خديه، ولسان حاله يقول حديثًا غير مسموعٍ، ولكن يمكن الشعور به.
بعد دقائق خرج الطبيب وعلي وجهه نظرات وجوم وحزن يحاول إخفاءه.

"عم صبحي": طمني يبني أبوس ايدك.
"الطبيب": متقلقش ي حاج دول شوية هبوط من السكر بس، هي بس هتفضل معانا هنا كام يوم بس لحد ما تتحسن.

لم يُريح هذا الحديث"عم صبحي"، إذ أن قلبه يشعر بأن هناك شيء ما، وكيف له ألا يشعر.
أخذ "حازم" الطبيب إلي أحد الممرات ليحادثه سرًا، وقف معه بعض الدقائق حتي استأذن منه الطبيب، وعلي وجه"حازم" نظرات أنا وحدي أفهمها، اقتربت منه وابتعدت عن"عم صبحي" حتي لا يصل إلي مسامعه شيء.

_ حازم، في اي.
_ مفيش حاجة ي مريم، خير إن شاء الله.
_ ما هو إنت مش هتخبي عليا أنا، قولي في اي.
_ والله ي مريم الأحوال مش تمام، السكر عالي جدا ولو منزلش من هنا لكام ساعة جايين، هتدخل ف غيبوبة.
_ ......
_ أنا حقيقي حزين أوي، ومكنتش عايز أقولك بس مقدرش أخبي عليكي، ومش هقدر أقول لعم صبحي حاجة.
_ إحنا لازم منقولوش حاجة، كفاية اللي هو فيه.
_ ربنا يشفيها يارب ويعافيها وتقوم بالسلامه.
_ يارب يارب.

دارت ساعات ونحن هنا، حتي أذّن الفجر، فإذا ب"عم صبحي" ينهض مسرِعًا.

_ رايح فين ي بابا صبحي؟
_ رايح أدور علي الأمل يبنتي، رايح ألجأله.

اتجه إلي المسجد ولحق به "حازم" و " مروان" وظللت أنا بجانب تلك المرأة التي كانت بمثابة أمٍ لي ولأختي، التي لم يشهد عليها أحد سويٰ بلين القلب، التي دامت بجانب رجلٍ"عقيم" وآسفة علي ذكر هذا الوصف، رجل لا يُنجِب فإتخذته زوجًا وإبنًا وحبيبًا لفؤادها، تلك التي لم أجد لها مثيلًا بين جموع النساء، ظللتُ أبكي وأدعو الله أن يشفيها ويتم عليها حياتها مع رفيق روحها.
رجع الجميع من الصلاة، وما هي إلا ساعات حتي ودبّت الحركة في الأرجاء، إشتري"حازم" لنا فطارًا، حاولتُ أن أُطعم " بابا صبحي" ولكنه لم يرضَ، فقد إقتنع بأن الطعام الذي يُؤكل يكون فقط من يديّ "ماما نوال".

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 19, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

"لقد تعافيت"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن