الفصل السادس عشر: شهامة

199 61 16
                                    

نظر يزن بحيرة بين كلا من عايدة وميرا وهو لا يعرف ماذا يفعل في تلك اللحظة؛ فميرا لم تتعافى مما هي فيه وما فعله معها ما هو إلا حل مؤقت وسينتهي مفعوله بعد أن يحدث أمامها ما يجعلها تعود كما كانت وأسوأ، وبالفعل هذا ما حدث؛ فها هي قد عادت لتنظر أمامها في شرود وتردد تلك الجمل التي اعتادت قولها بدون وعي منذ اليوم السابق، فلما رأت عايدة حيرته تلك قالت له بقلب يتمزق من الداخل بسبب رؤيتها لابنتها الصغرى بتلك الحالة:

خدها يا يزن واتصرف أحسن ما حالتها تبقى أسوأ من كدة.

ثم صمتت قليلا وبعدها أكملت قائلة له في رجاء:

يزن بالله عليك خلي بالك منها، ولما علا تفوق قول لها تسامحني علشان أنا السبب في إللي هي فيه و....

رغم الصدمة التي احتلت وجهه إلا أنه أدرك أن ما سيقال أمام ميرا سيكون كثيرا عليها، ولذلك سحبها من يدها بسرعة وهي لم تقاومه أبدا وكأنها مغيبة عن الواقع، عفوا بل هي بالفعل كانت كذلك، كانت تتحرك معه بسرعة مثلما يتحرك وكأنها بّبغاء تقلد ما يفعله دون وعي فقط لأن هذا ما يحدث أمامها، فأصبحت وكأن عقلها غير موجود، وفور وصولهما إلى الغرفة صرخت تريد شقيقتها وهي تتحرك بعشوائية في كل مكان، وبصعوبة استطاع أن يسيطر عليها بمساعدة إحدى الممرضات ثم أعطاها إبرة لكي تجعلها تهدأ ومن ثم تنام بفعلها، وبعد أن تأكد من نومها طلب من تلك الممرضة أن تبقى معها حتى يعود، ثم خرج واتجه حيث عايدة والضابط لكي يفهم ما يحدث، وكم كانت صدمته كبيرة عندما سمعها وهي تقول:

أنا إللي عملت كدة فيها، أنا إللي ضربتها لحد ما وصلت لإللي هي فيه ده دلوقتي, أنا لازم أتعاقب علشان أنا أستاهل، أنا أستاهل كل إللي يجرى لي والله أستاهل بس حق بنتي لازم يرجع ولازم إللي عمل فيها كدة يتعاقب، وأنا بأقول لك أهو خد حقها مني لأن أنا إللي عملت فيها كدة يا حضرة الظابط.

فنظر إليها الضابط مشدوها من حديثها؛ فكيف لأم أن تصنع ذلك في ابنتها مهما كانت الأسباب؟ ولكنه ولكنه نفض تلك الفكرة من رأسه ثم قال لها في صلابة:

طيب وإيه هي الأسباب إللي خلتك تعملي فيها كدة أكيد يعني أنت مش هتضربيها بالشكل ده من غير سبب، خصوصا بقى أني شايفك مش مجنونة أو عقلك فيه حاجة والدليل أنك أهو قاعدة ومتماسكة رغم كل إللي بيحصل حواليكي.

فقالت له عايدة وهي تنكس رأسها خجلا من فعلتها:

كان نقاش عادي في حاجة بلاش يعني لو سمحت أتكلم فيها، كنا بنتكلم عادي وبعدها حصل بيننا جدال انتهى بإللي هي فيه دلوقتي، وأيوة أنا عارفة أنا بأقول لك إيه وواعية لكل كلمة قلتها لك، فلو سمحت اقبض عليا واعمل اللازم.

فتدخل يزن قائلا في حكمة رغم صدمته:

إيوة يا طنت عايدة بس علا وميرا محتاجين لك دلوقتي، هو حضرتك مش شايفة إللي بيحصل فيهم ولا إيه؟

نعم أنت حبيبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن