الفصل الثاني عشر: تغير ملحوظ

257 84 18
                                    

بعد فترة لا بأس بها من التحدث إليها، نام بين ذراعيها قبل أن يستمع إلى رأيها فيما قاله، فهو قد شكا لها أرقه في الأيام الأخيرة بسبب إفراطه في التفكير في الكثير من الأمور مثل أنه صار لا يعرف من هو, وأنه أصبح يكره تسلط والدته الدائم والكثير والكثير من الأمور تلك، وبعدها نفذت طاقته ثم راح في سبات عميق وهو لا يزال يتحدث إليها.

أما لبنى فكانت تنصت إليه باهتمام كبير وهي تشدد على عناقه حتى غفا بين أحضانها، فاكتفت هي بالنظر إليه وهي تقول في حنان:

نام يا حسام نام يا حبيبي ولما تصحى هنبقى نتكلم إن شاء الله.

قالت تلك الكلمات ثم بدأت تحاول أن تضع رأسه على الوسادة في حذر لكي لا يفيق، ولكنه تشبث بها أكثر وهو يقول بدون وعي أثناء نومه:

لا خليكي جانبي ما تسيبينيش أنا محتاج لك أوي.

فتوقفت لبنى عن محاولاتها وظلت ساهرة بجانبه حتى الصباح دون أن تكل أو تمل من ذلك.

عند يزن وبعد أن ذهب إلى غرفته، نظر في أنحاء الغرفة وهو شارد الذهن، ولكنه استفاق على صوت شقيقته الصغرى وهي تقول في قلق:

يزن فيك إيه أنت كويس؟

فنظر إليها وهو يقول في هدوء:

ما تخافيش أنا كويس, أنت هنا من بدري؟

فأجابته قائلة في ارتياح بعد أن اطمأنت أن أخاها بخير:

لا بقى لي دقيقتين بس هنا، جيت أقعد معاك شوية.

فأفسح لها ودعاها لتجلس بجانبه, وبعد ذلك سألها قائلا في اهتمام:

هو إيه إللي حصل بعد ما قلتي لي أن بابا اتجوز؟

صمتت لُجَين قليلا لكي تتذكر ما حدث قبل أن يعودا إلى القصر ثم قالت وهي تتنهد بعمق:

لاقيتك بتمشي زي الإنسان الآلي فحاولت أنادي عليك لكن أنت ما رديتش عليا، ففضلت ماشية وراك لحد ما لاقيتك وقفت قدام حفرة كبيرة وكنت هتنط جواها, فجريت عليك علشان أمنعك وبعدها حاولت تنتحر كتير أوي بأنك ترمي نفسك قدام العربيات، وفي الآخر خليتك تفقد الوعي وفوقتك، وبس كدة الباقي بقى أنت عارفه.

قضيا سويا بعض الوقت ثم ذهبت لُجَين إلى غرفتها, أما يزن فظل ساهرا لفترة طويلة وهو يفكر في ذلك الزواج وكيف بإمكانه أن ينهيه.

في صباح اليوم التالي استيقظ سيف ووجد نفسه في غرفته الجديدة التي ملئت بألعابه، ووجد أنه يمسك في يده إحدى البالونات التي أحضرتها علا بالأمس، فنهض وهو لا يزال يمسكها ثم خرج من الغرفة وهو يبحث عن الجميع، وأثناء بحثه عنهم لمحها مجددا، تلك الصورة اللعينة والتي جعلته في حالة مزرية بالأمس، وجدها معلقة على إحد الحوائط، فركض مبتعدا عنها بسرعة وهو يصرخ مناديا بأسمائهم جميعا، ومثلما حدث في اليوم السابق حدث في ذلك اليوم، ولكن الفرق في تلك المرة أن إبراهيم قرر أن يبحث في الأمر لكي يعرف ما الذي يحدث مع ولده ومن الذي تجرأ وأحضر تلك الصورة إلى القصر لكي يخيفه.

في الجامعة كانت الأربع فتيات جالسات في أول محاضرة لهن، وبعد انتهائها خرجن من المدرج ثم اتجهن إلى الكافيتيريا لكي تأكلن شيئا من الطعام قبل باقي المحاضرات، فلما أحضرن ما أردن جلسن معا لكي تتحدثن، فنظرت إليهن زهرة ثم قالت في حماس:

بأقول لكم إيه ما تيجوا نزوغ من باقي المحاضرات ونخرج؟

فأجابتها ميرا قائلة في جد وبدت وكأنها مقتنعة بفكرتها:

أممممم هي فكرة ظريفة جدا والله يا زهرة وبالمرة آدينا هنخلص من امتحان النهار ده بتاع مادة الدكتور ياسين الرخم وإللي عليه كتير من درجات أعمال السنة، اقتنعت يلا بينا نخرج.

فصرخت الثلاث فتيات معا في فزع:

يا لهووووووي أنا ما ذاكرتش حااااااجة.

ثم توقفن فجأة عن استرسال حديثهن وانفجرن في نوبة قوية من الضحك، وبعد ذلك نظرن إلى ميرا التي صدمت مما قالت نظرة تحمل كل معاني الشر، فتوترت من نظرتهن تلك وابتعدت عنهما قليلا وهي تقول في خوف منهن:

مالكوا يا جماعة في إيه والله ما ذاكرتش حاجة، أنا لسة عارفة دلوقتي والله.

في المدرسة التي تعمل بها علا، كانت شاردة معظم الوقت رغم محاولاتها لعدم التفكير، ولكنها لم تفلح وظلت على تلك الحالة حتى انتهى اليوم الدراسي وذهبت إلى منزلها.

عند استيقاظ حسام نظر بجانبه فوجد أن لبنى لا تزال تحتضنه، فقال لها في ابتسامة عذبة:

صباح الخير.

فبادلته لبنى بابتسامة أوسع وهي تقول:

صباح النور يا حسام، يلا قوم وروح الشغل ولما ترجع هنبقى نتكلم.

وبالفعل قام وتجهز ثم ذهب إلى الشركة وهو مبتسم على غير العادة، ذلك الأمر الذي جعل إبراهيم مدهوشا جدا، ولكنه حقا سعد بذلك التغيير الذي لا يعرف سببه.

******.

عارفة أن الفصل قصير جدا جدا جدا بس أنا وعدتكم أني هانشر فصل بكرة وأنا ما كنتش لسة كتبته، فدي عيدية صغيرة مني ليكم.

بس اتطمنوا لان اللي جاي دماااااار وفي اسرار كتير هتتكشف وخبايا الماضي هنبدا نعرفها.

وعلشان كدة سؤالي الوحيد ليكم هو:

تفتكروا ايه اللي هيحصل؟

عيد سعيد عليكم وكل سنة وانتم طيبين.

سلااااااام يا حلويييييين.

نعم أنت حبيبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن