لا شك أن النساء شقائق الرجال، وبين الفريقين روابط تكوينية من أول وجودهما، أشار لذلك القرآن في أوائل السور المسماة باسمهن -سورة النساء- في قوله –تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} النساء: 1.
فهذا أصل علاقة النساء بالرجال، أن الجميع من أصل واحد هو آدم وزوجه التي خلقت منه، وأن المرأة فرع عن الرجال أبتداء، ثم تناسل الأصل وتكاثر الفرع حتى تواجدت الأمم والشعوب، وظلَّت المرأة شقيقة للرجل في حياته على مدى العصور، حتى لعبت بها الأهواء، وتقاذفتها الأغراض، واختلفت وجهات النظر فيها، حتى أصبحت كالسلعة تباع وتوهب، ويكارم بها. حتى جاءت اليهودية فكانت المرأة مهانة على أمر لم يسعها دفعه، فكان اليهود إذا حاضت فيهم المرأة لم يؤاكلوها ولم يشاربوها. وجاءت النصرانية فقال النصارى: إن المرأة مخلوق نجس لا يحق لها أن تمس الكتاب المقدس، أما المرأة العربية في الجاهلية فكان أمرها مضطرباً مابين تنصيبها ملكة (كبلقيس) في عهد نبي الله سليمان، وبين وأدها حية، أو ميراثها كرهاً عنها، وحرمانها من ميراث والديها وأولادها، وإكراها على الزواج ممن ترضى ومن لم ترض... ولما جاء الإسلام أمر بتكريم المرأة وجعلها جزء من المجتمع وكان تعامل النبي (صلى الله عليه وسلم) تعامل لين ورحمة ومحبة، وهذا ما سنعرفه ويتبين لنا جميعاً وذلك من خلال متابعتنا لهذه النماذج الحية من حياته (صلى الله عليه وسلم):
1. حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم- مع النساء:
يقول ابن كثير –رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. النساء: 19
وعاشروهن بالمعروف: أي طيبوا أقوالكم لهنَّ وحسنوا أفعالكم وهيآتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله كما قال –تعالى-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} البقرة: 128 وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خيُركم خيُركم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي) رواه ابن حبان –باب ذكر البيان بأن من خيار الناس من كان خيرا لامرأته (9/484)، وكان من أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقة، ويضاحك نساءه، حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، يتودد إليها بذلك، قالت سابقني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسبقته وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعد ما حملت اللحم فسبقني فقال: (هذه بتلك)، ويجتمع نساؤه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها، وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد، يضع عن كتفيه الرداء، وينام بالإزار، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يؤانسهم بذلك -صلى الله عليه وسلم- وقد قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} الأحزاب: 21 تفسير ابن كثير (1/467).
أنت تقرأ
-*خلق الرسول ﷺ*-
Aventuraكُن باسمًا ، فلربما سعِدَ الحزينُ و تبسّما ! لا تحتقرَ شيئًا بسيطًا فلرُبما .. بتقويسةِ فاهٍ تتنعماً 💫 كان الرسول اثقل الناس همًا لكنه كان اكثرهم تبسماً اللهم صلِ وسلم عليه