3

3 1 0
                                    

حتى أنهم في مرة قاموا برمي بكل ما وقعت عليه أيديهم  ، و إستمتعوا بدهسي تحت اقدامهم ، و بعدما سئموا تركوني بائسا مرميا على الأرض مضجرا بدمائي  لا أقوى على الحراك  حينها لم أستطيع التحمل و قررت إخبار ذلك الرجل بما يفعله إبنه  ظننته رجلا جيدا ليس كإبنه المتغطرس و ليتني لم أفعل. كان ذلك حينما عدت إلى المنزل مجهدا بجسد مدمى ، و  كنت قد حسمت أمري بإخباره  . كان المساء قد حل بالفعل ، وجدته يجلس برفقة زوجته ، دخلت بمنظري المزري كنت غير قادر حتى على إلقاء التحية  ظننت أنهم سيهلعون لمنظري، و سيهرعون لمساعدتي . لكن الصادم في الأمر كان أنهما  لم يلقيا بالا لحالي أو وجودي كأنني غير مرئي . هل يا ترى كنت غير مرئي ؟ لا ليس كذلك كنت مذهولا حاولت و تجاوز صدمتي جراء ردة فعلهم ،و إستنزاف أخر ما تبقى لدي من طاقة في إخراج الحروف من حلقي.   نطقت إسمه مسبوقا بكلمة سيد طبعا ، ورحت أخبره بكل ما فعله إبنه، و أصدقائه كانت دموعي تتساقط على ذلك السجاد الفاخر مع كل حرفا أنطقه ،أظن أنها لو كانت بشرا لأنهارت باكية لأجلي . فجأة تجمدت اوصالي و تسمرت دمعاتي و كأن الزمن قد توقف عند رده الصادم : ماذا إذن؟ إذا كان ذلك لا يناسبك فإذهب لكن جد مشفى أخر لتتلقى فيه والدتك العلاج. كانت نظراته باردة كالصقيع، و كانت زوجته  ترمقني بنظرات قاتمة فهمت مقصدها عندما  غادر زوجها  و إنحنت جلالتها  هامسة في إذني بفحيح أفعى : من تظن نفسك لتشي بإبني ها ، أنت مجرد حثالة دمية جلبناها لتسليته ،و لكن لقد أثرت حنقي أيها الجرذ المشرد و نتيجة  لما فعلته فقد أصبحت أداة التنفيس الخاص بي،و أيضا تقبل قدرك أو إرحل  ، لكن حينها ستكون السبب في مقتل والدتك ،  و لا أستغرب ذلك فقد كنت سببا في موت والدك المسكين أيها الجرذ القذر . بقيت مكاني أنتحب و ألوم نفسي على ما رميتها فيه و لم يعد جسدي قادرا على حملي أبعد من ذلك  فغفوت في مكاني، ولم يقم أحد بتفقدي إذا ما فارقت الحياة أم ما زلت اتنفس ،فأنا في نظرهم دمية بشرية لا غير، و تقبلت قدري كي لا أخسر والدتي فمن أين لي بالمال لأدخلها إلى مشفى بإمكانيات كتلك مشفى يوفر لها الراحة و الرعاية التي تحتاجها .   حتى هذا اليوم كنت أسير على غير هدى في شوارع مدينة ما لا أنتمي لها مدينة  بت لا أعرفها ،و تستمر في لفظي ليس منها فقط هي تريد لفظي من الحياة بأسرها ، كل مايراه الأخرون هو طالب الثانوية  البائس الذي يسير على غير هدى مظهره مثير للريبة  و تنبعث منه رائحة نتنة، أرى نظراتهم و أتجاهلها فهي أخر ما أحتاج إلى الإهتمام به الآن . أنا حتى لا أدرك ما هو اليوم لكن أظن أن الثلاثاء من شهر ما ، أنا حتى غير قادر على تذكر ذلك في أي عام نحن ،لكني أعلم فقط  إنه عام البؤس بالنسبة لي . كل ما أدركه تلك النظرات، و أننا في المساء نظرا لظلمة السماء ، و ما ينتظرني صباح الغد من شقاء  إذا كان لي غد . أسير متخبطا شفتي متمزقة قدمي لا تقوى على السير جيدا أظن أن إحداهما بها خطب لا يهم ، أظن أيضا أن ملامحي أضحت غير اضحة بعد كل ذاك الضرب فأنا أكاد لا أشعر بوجهي لأبتسم بسخرية لقدري . أشعر أنني أسير في عالم مظلم لا يوجد به غيري، و بؤسي، و آلآمي، و ذكرياتي، كأن الزمن توقف فجأة. لقد شردت قليلا شكرا لتلك الرائحة السيئة التي أعادتني إلى الواقع ،ما أشتمه ليست تلك الرائحة النتنة، بل  رائحة الأستياء التي أغرق بها جسدي  من قبل من يفسدون حياة الأخرين ،و يتربصون بذوي الكرامة و حاملي الأحلام ، أظنها تملئني و كأنني تحممت بها . ظننت أنني إعتدت على الأمر منذ قدومي إلى هنا ،لكن اليوم لم أستطع أن أقف ساكنا و أراهم يسيئون بألفاظ نابية لمن ربياني . بدأ الأمر حين نعتني أحد اصدقاء المدلل بإبن الساقطة ،فلم أتحمل الأمر ،و قمت بلكمه ليضحك حينها ماسحا فمه القذر بكم قميصه و يخبرني: أن والدي قد أستحق الموت لأنجابه جرذ حقير مثلي  و أني سأندم على ذلك.  أظلمت عيناي و إستمريت في لكمه حتى أتى أصدقائه، و كان سيتم سحقي لولا رنين الجرس أنقذني. لكن هل سيجعلون الأمر يمر و قد قمت بضرب  صديقهم؟  بالتأكيد لا. بعد نهاية أخر درس تم سحبي من قبلهم إلى الحمام و إسقاطي على الأرضية  و بدؤا  بلكمي و سحقي. كنت أحاول حماية نفسي بالتكور عليها، وأنا على علم أن ذلك  لن  يجدي نفعا . و لم يكتفوا بذلك فقط. فقد سمعت ذلك المدلل يخبرهم : لما لا نقوم بشئ أكثر إمتاعا . سأل احدهم :   مثل ماذا هل يوجد شيئا ممتعا لم نقم به بعد فنحن بالفعل فعلنا الكثير من الأشياء . المدلل : أجل يوجد ذلك الشئ . كنت  شبه مغيبا ،و أنا أسمعهم يتناقشون فيما  بينهم غير مدرك لما يخططون لفعله . لم أشعر حينها سوى بهم يسحبون جسدي إلى أحد مقاعد الحمام غارسين رأسي فيه لم أستوعب ما فعلوه  كنت أتخبط و أسمع أصواتهم الضاحكة تختلط علي ، و هم يقولون أنت تحب ذلك أنت تحب القذارة فهي تشبهك ،و حينما إنتهو من لعبتهم رموا بجسدي بعيدا، كنت محطما كليا.

رحيل القمر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن